السبت 25 يناير 2025

مقالات

التغيرات المناخية.. الطاقة هي الحاكمة


  • 6-11-2022 | 14:42

شاهيناز محمد طايع

طباعة
  • د. شاهيناز محمد طايع

تعتبر الطاقة عنصرًا أساسيًا في المدن الحضرية في العالم كله، فهي الحاكم لجميع الأنشطة البشرية مثل الزراعة والصناعة والخدمات والتجارة والإسكان والنقل، إلخ ... فالطاقة هي الحاكمة في حجم ونمط التوسع في جميع هذه القطاعات وتحدد الطاقة حالة التطور المحدد والسقف الذي يمكن أن يصل في هذه الحالة، فمصر مثل العديد من دول العالم التي تعتمد بشكل كبير على موارد الطاقة، والمصادر التقليدية أساس مثل النفط الخام والغاز الطبيعي والطاقة الكهرومائية.

 

في الآونة الأخيرة، فمن هنا تم إدخال مصادر جديدة للطاقة (غير التقليدية)، وتمثلت بشكل رئيسي في طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

 

وعلى حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة للحماية البيئة (UNEB) الطاقة المتجددة عبارة عن طاقة لا يكون مصدرها مخزون ثابت ومحدود في الطبيعة، تتجدد بصفة دورية اسرع من وتيرة استهلاكها وتظهر في الأشكال الخمسة التالية: الكتلة الحيوية، أشعة الشمس، الرياح، الطاقة الكهرومائية وطاقة باطن الأرض.

 

كما تلعب الطاقة دورًا مهمًا في التنمية الاقتصادية لمعظم الاقتصادات، فيعتبر قطاع الطاقة مفتاح التنمية الاقتصادية، حيث توجد علاقة قوية بين النمو الاقتصادي والتوسع في استهلاك الطاقة, واستخدمت مؤشرات مثل (GDP) الناتج المحلى الإجمالي و(GDP per capita )متوسط الدخل, كمؤشرات للتنمية الاقتصادية لعدة عقود حيث أن العلاقة السببية بين استهلاك الطاقة والنمو الاقتصادي مهمة في السياسة البيئية. وان النمو الاقتصادي يعزز استهلاك الطاقة بالاهتمام الواسع منذ العقدين الماضيين.

 

وکان الدافع وراء هذا الموضوع هو حقيقة أن زيادة الطلب على الطاقة تؤدي إلى نمو سريع في کل من البلدان النامية والمتقدمة.

 

وقد أدى ذلك أيضًا إلى وجود ظواهر بيئية مثل الاحترار العالمي، وتغير المناخ، والزيادة في انبعاثات غاز ثاني أکسيد الکربون، ومن ثم اهتمت الدول بالسياسات المتعلقة باستهلاك الطاقة، والتي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي دون التسبب في التدهور البيئي.

 

نشرت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية في الأمم المتحدة مقالاً خاصاً بمصادر الطاقة المتجددة والتخفيف من آثار التغير المناخي في 9 مايو/أيار 2011.

 

وقد وُضع التقرير تحت إشراف أوتمار إدنهوفر والذي يقيّم به القدرة العالمية على استخدام الطاقة المتجددة للحماية من التغير المناخي. وهذا التقرير الخاص يوفّر تغطية أوسع للطاقة المتجددة عن تقرير تقييم التغير المناخي الذي أصدر عام 2007 بالإضافة إلى التغطية القوية والآمنة للموارد المتجددة.

 

يمكن أن تساهم الطاقة المتجددة في «التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والوصول إلى الطاقة، وتأمين إمدادات الطاقة، والتخفيف من آثار تغير المناخ، والحد من الآثار البيئية والصحية السلبية». وفي ظل الظروف المواتية، توجد وفرة في التكاليف مقارنة باستخدام الطاقة غير المتجددة.

 

قال الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ إنه نظرا لأن نظم البنية التحتية والطاقة تتطور، على الرغم من التعقيدات، فإن هناك حدودا تكنولوجية أساسية قليلة، إن وجدت، لإدماج حافظة تكنولوجيات الطاقة المتجددة لتلبية حصة الأغلبية من إجمالي الطلب على الطاقة في المواقع حيث توجد موارد متجددة مناسبة أو يمكن توفيرها.

 

ومن خلال هذا السياق نجد في مصر مشروع عملاق يوفر الطاقة الشمسية وبالتالي يسري على نهج التغير المناخي الذى سيحدث طفرة ألا وهو محطة بنبان بمحافظة أسوان، وتعتبر أكبر محطة بالعالم، حيث سيتم توليد ما يعادل 90% من الطاقة المنتجة من السد العالي وتضم 32 محطة شمسية بقدرة تصل إلى 1465 ميجاوات وبالتالي ستضع مصر في تنافسية مميزة ضمن دول العالم من حيث الاستدامة، ألا وهي التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجاتهم.

 

يوضح الشكل النمو المتوقع في شراكة الطاقة المتجددة في الاستهلاك الإجمالي للطاقة في العالم، تعتبر طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية أكبر منتج للطاقة في المستقبل.

 

سيشترك الغاز والفحم بنسبة 50% من المبلغ الإجمالي، وستكون حصة الطاقة النووية 10% فقط وهذا ما يدعو العالم بالتركيز جدا على الطاقة بصورة عامة ومصر بصفة خاصة، والحد من غاز ثاني أكسيد الكربون الصادر من الطاقات التقليدية المتمثل في الوقود الأحفوري، وأن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتخفيف التغير المناخي هو إحدى القوى الرئيسية الدافعة وراء الطلب المتزايد على تكنولوجيا الطاقة المتجددة، ومع ذلك فان تقييم العبء المتزايد من نظام الطاقة على البيئة وتحديد النفايات المحتملة والآثار الأخرى التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار أيضا.

 

وقد حددت استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 الأهداف الاستراتيجية لقطاع الطاقة في ضمان أمن الطاقة وزيادة مساهمة قطاع الطاقة في الناتج المحلي الإجمالي وتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية لطاقة وتعزيز الإدارة الرشيدة المستدامة القطاع وخفض كثافة استهلاك الطاقة والحد من الأثر البيئي للانبعاثات.

 

وعلى الرغم مما سبق من مصادر الطاقات المتجددة أو النظيفة إلا أنها لم تصل بعد إلى النسب المأمولة لتحقيق الأهداف العالمية المشار إليها لضمان استدامة الطاقة، ومن ثم استدامة التنمية فتشير نشرة إحصاءات الشركة البريطانية للنفط والغاز المعنية بالطاقة إلى إنه في عام 2017 بلغت نسبة استهلاك الطاقة الجديدة و المتجددة نحو 15% فقط من إجمالي الاستهلاك العالمي من الطاقة الأولية وبحلول عام 2030 ستصل إلى 22% من إجمالي الطلب العالمي.

 

كما نجد أيضا أن التنمية المستدامة جزء لا يتجزأ من التخطيط الاستراتيجي لأن كل منهما له نفس التوجه وبينهما قاسم مشترك ألا وهو فن التخطيط كما يهدف كل منهم إلى تحقيق هدف معين.

 

كما أن كليهما يتطلب حتمية إعداد وتوجيه إمكانات أو موارد الدولة للاستخدام أو الاستغلال السليم حتي تتحول إلي قوة قومية تحقق مصالح الدولة وأهدافها القومية وهو ما يتطلب إعداد استراتيجية قومية تحقق ذلك.

 

ونستنتج مما سبق، إن تحقيق الاستدامة يتطلب تنمية وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والريـاح والنووية وطاقة الكتلة الحيوية كطاقة نظيفة وبديلة ومساندة للمصادر التقليدية، يتطلب تطوير مصادر الطاقة المتجددة استخدام أدوات وتكنولوجيا المعلومات.

 

كما أرى ضرورة تشجيع أنشطة البحث والتطوير في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لتطوير قطاع الكهرباء والطاقة، بما في ذلك التكنولوجيات اللازمة لتطوير واكتشاف مصادر الطاقة المتجددة والعمل على إنتاج طاقة نظيفة وبتكلفة اقتصادية من أجل تحقيق التنمية المستدامة للطاقة الكهربائية.

 

وأيضا من الضرورة وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلي استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة في تطوير وتنمية مشروعات الطاقة الكهربائية، وذلك للوصول إلي الاستدامة في الطاقة والحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من قطاع الكهرباء والطاقة، وذلك بالتوسع في بناء محطات توليد الكهرباء باستخدام المصادر المتجددة والتي يمكن أن تلبي الاحتياجات المتزايدة من الكهرباء في الداخل وتصدير الفائض إلى الخارج.

الاكثر قراءة