السبت 20 ابريل 2024

السياحة والأذان.. قصة مسافر

مقالات10-11-2022 | 18:29

عاشق أنا للترحال وتجارب السفر، واكتشاف المدن وثقافة الشعوب، كانت رحلاتي الأولي بين دفتي الكتاب، وفي مرحلة تالية وبحكم عملي الصحفي بدأت رحلات إلى دول عدة بعضها تعرفت على ثقافة شعوبها من خلال أعمال أدبية، فخلقت لدي حالة شغف لزيارتها، كنت ابحث عن تلك الأماكن العتيقة التي دارت فيها أحدثها، وبالطبع السائح دائما يبحث عن تجربة سياحية يعيش من خلالها حالة البلد المضيف له.

منذ أيام تداولت وسائل الإعلام مقطع فيديو للزميل إبراهيم عيسى متحدثا فيه عن تأثير الأذان على ضيوف مصر من السائحين، معتبرا أنه يزعج السائح الوافد، وهو ما حظي بتأييد عالم الآثار د. زاهي حواس، وهنا يجب أن نتوقف بعض الوقت لمناقشة الأمر، و أنا هنا أنظر للأمر بعيدا عن أي وجهات نظر تتعلق بالدين لأنني لست عالم دين أو فقيه يمكنه تحمل فتوي يصدرها، و لكن ما أسطره هو وجهة نظر تأتي نتاج لخبرة صحفي متخصص في متابعة شئون السياحة، ومهتم بها كونها صناعة يمكنها ضخ مليارات الدولارات لخزينة الدولة، و خلق فرص العمل التي يحتاج لها الشباب، و بالتالي أنا لا أبحث عن طرح أفكار مثيره للجدل أو الانتشار علي منصات التواصل الاجتماعي، لكنه طرح يستهدف الارتقاء بالصناعة.

القاهرة هي مدينة الألف مئذنة، وبرامج السياحة التي يقبل عليها السائح هي دائما تتعلق بزيارة أهرامات الجيزة، والمتحف المصري في التحرير، والقاهرة المعزية، ثم التوجه لزيارة الأقصر وأسوان، ويمثل هؤلاء ما يقرب من 15% من حجم الحركة الوافد إلى المقصد السياحي المصري، وهم من أكثر فئات السائحين إنفاقا.

 رجال الصناعة والحكومة لديهما حلم أن نصل إلى 30 مليون سائح سنويا، لدينا كمقصد سياحي بعض المشاكل التي تحتاج لحلول كي يتمكن المقصد السياحي المصري من تحقيق ذلك الحلم ليس من بينها الأذان لأنه بالفعل هو جزء من تجربة السائح التي يحب أن يعيشها حينما يتجول في مقصد مثل خان الخليلي، ويتوقف لشراء الهدايا التذكارية المستوحاة من الحضارة الإسلامية.

وهنا دعني أروي لكم جزء من تجربتي خلال زيارة إسطنبول، والتي تعج بالأثار الإسلامية و يرتفع فيها صوت الأذان أيضا، كنت برفقة مجموعة من الأصدقاء لحضور معرض للسياحة كانت مصر تشارك فيه و علي هامش الزيارة ذهبت إلي زيارة مسجد سلطان أحمد و علي أبواب المسجد سألتني فتاة إنجليزية عن مكان لجلب غطاء رأس حتي تتمكن من زيارة المسجد، و ذهبنا معا لجلبه، و تحدثنا عن الأثار الإسلامية التي لا أعلم عنها الكثير في تركيا، بينما كانت الفتاة تعلم عنها العديد من المعلومات كما تعلم الكثير عنها أيضا في القاهرة، وأخبرتني أنها تخطط لزيارة طويلة لمصر التي قرأت عنها كثيرا، وتجولنا في المكان، وحينما تردد صوت الأذان لم تكن الفتاة منزعجه، بل كانت تسجل بكاميرا صور المسجد والناس وهي تتجه لأداء الصلاة.

ربما قد تكون روايتي غير مقبولة من وجهة نظرك، لكن دعنا نذهب للأرقام في النصف الأول من العام الجاري حققت تركيا 16 مليون سائح، ولم يكن الأذان له تأثير على الحركة الوافد.

عندما نناقش ملف السياحة يجب أن نطرح الأسئلة الصحيحة، على سبيل المثال دائما ما يطرح الخبير السياحي علي غنيم السؤال الأهم لماذا المقصد المصري يتم بيع برامج السفر له بأسعار رخيصة مقارنة بمقاصد لا تملك نفس إمكانيات المقصد المصري، والإجابة هي دائما حرق الأسعار، وبالتالي هنا يجب أن نبحث عن آليات لإيقاف ذلك النزيف من العملة الصعبة.

كنت أنتظر أن يطرح الزميل إبراهيم عيسى نقاشا حول الحملات الترويجية ونتائجها، بمعني أدق أن يقدم لنا معلومات عن تكلفة الحملة ونتائجها بمعني أدق حققت كم سائح وعدد الليالي السياحية، كنت انتظر ضيف في الحلقة بحجم كامل أبو علي وسميح ساويرس، وحامد الشيتي وغيرهم كثر من المرتبطين بصناعة السياحة.

صناعة السياحة ترتبط بالعديد من مناحي الحياة والتجربة السياحية تخضع للعديد من العوامل التي تؤثر في حجم الدخل وهي الأولي بالنقاش، أما الطرح المتعلق بالأذان، هو طرح يمكن أن يثير الجدل على منصات التواصل الاجتماعي والبحث عن جدل على أرضية دينية بين مؤيد ومعارض، وهو أمر لا أرغب فيه.. وللحديث بقية.