رداً على مقالتي «بقية المعادلة» وأن «هناك معادلة مفادها ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا»، ومن يصر أن يزرع الشر هو دون أن يدري يملأ مكيال إدانته، كتبت الصحفية ليندا سليم مقالا تحت عنوان «وبقيت المعادلة، بقيت لَتوسِع» بأن هناك دائماً شجرة مثمرة أصلها ثابت وفرعها في السماء كونها «طيبة» رغم التدني الأخلاقي الذي نراه، وقد اخذتني المقال، لا سيما بعض عبارات أثارت داخلى رغبة متجددة بالحديث من القلب إلى القلب حول جدلية الأخلاقيات.
صدقت، فنحن نواجه يومياً من وصفتيهم بالخارجين من بيت «محدثي النعم» من يغلفهم الكبر والتعالى والتباهي كشيم غالبة لا تخرج إلا من سجناء محراب النقص، واتفق معك فالغنى غنى النفس، مهما حقق محدث النعمة، مهما اقتنى من ممتلكات ومهما جنى من أموال ومهما وصل لمكانة، فسيلازمة شعور بالنقص، وإحساسه بأن هناك شيء مفقود داخله يشكل تصرفاته بشكل دائم، كمحاولة يائسة لإشباع جوع النفس الشديد، الجوع للسلطة أو التباهي، فالناس الشبعانة تدوس العسل، والنفس الجائعة كل مر حلو لها.
وتتشكل قيمة الإنسان بأفعاله، التي هي أعلى صوتاً من أي شيء آخر، فحين يدرك الإنسان أن حياته لا تأتي من أمواله ولا من منصبه ولكن من تصرفاته، سيستريح.
وأتفق معك، أن وجود محدثي النعم في المشهد اثر على المشهد الثقافي والأخلاقي فبلغ التدني اشده مدمرا للذوق العام، ومشوها للقيم الثابتة التي تربينا عليها، كمحاولة مستميتة لتعميم القبح والرداءة، ولعلة من المنصف أن أشيد برؤيتك حينما قلت «منهم اصحاب النفوذ يتلاعبون في القرارات ويصيغوها وفقا لمصالحهم ويستغلون الفئات الأضعف التي لا تملك صوتا ولا سلطة وهم الذي إن اتبعت منبتهم لوجدتهم أسيادا قدامى لذويهم من الأجداد» وهو سلوك أكبر دليل على عنوان المقالة، فهناك منهم من يدعون الأصول والجذور والنسب والحسب، خوفاً من أن يكتشف الناس حقيقتهم، فأولاد الأصول لا يحدثون ولا يتحدثون، ولكن لكل شيء تحت السماء وقت، فالزمن سيتغير كل شيء، وستكبر هذه الفئات الأضعف يوماً ما لتذيقهم من نفس الكأس في حالة من الحصاد لما زرعوه.
و رغم كل شيء فلننظر للجانب الآخر، النور الإيجابي حتى لو كان للدخان يملأ الأجواء، فأولاد الأصول ظاهرين حتى دون أن يقولوا كلمة واحدة.
وللحديث بقية..