الثلاثاء 14 مايو 2024

هوس الشهرة ترند أم اتجاه مجتمعي


خلود محمد

مقالات20-11-2022 | 19:29

خلود محمود

لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، تحتل جزءًا كبيراً من حياة الفرد في المجتمعات عامة، وفي المجتمع المصري بصفة خاصة، وأصبح لها تأثيرًا كبيرًا في حياة أفراده اليومية، لقد كان ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها في البداية مرتبط بنشر التعاطف الإنساني، وعرض قضايا تهم الناس تتماشى مع العادات والتقاليد التي تربي عليها أفراد المجتمع المصري، كان كل شيء جميلًا ومبهرًا، وكانت السوشيال ميديا تسري فى شريان الحياة من أجل نصرة المظلوم، وكسب التعاطف، وإيصال الأخبار والمعرفة، والانفتاح على ثقافات العالم، والوصول إلى المجتمع بكل فئاته وطبقاته بضوابط أخلاقية تحكمها عادات المجتمع وأعرافه، إلى أن تحولت السوشيال ميديا وخاصة بعد ثورات الربيع العربي -التي بدلت الوضع- أصبحنا أمام تحول مجتمعي هائل، فعلى مستوى سلوك الأفراد كان هناك تبدل تام في المعتقدات والأفكار سببته مواقع التواصل الاجتماعي، وسيطرت على عقول الأفراد، وأدخلت أفكارًا بعيدة كل البعد عن هوية المجتمع المصري، فقد أصبحنا في مواجهة حرب فكرية تضخ سمومًا لأفكار مثل الشهرة والربح السريع، تعلم المجتمع على يدها أن شهوة الشهرة كالمارد إن لم تحاصره سيقتلع كل ما أمامه من جذوره، وتراجعت قيم مثل الحياء والأدب وسوء التوظيف والاستخدام، وأصبح الأمر مفتوحًا على مصراعيه لظواهر غريبة أصبحت منتشرة بقوة في المجتمع والتى كان لها تأثير قوي على أفراده، ومنها بل وأهمها ظاهرة هوس الشهرة، إن الرغبة في الشهرة غريزة بشرية مثل غيرها من الشهوات، وإن كانت هذه الشهوة مقرونة بشهوة أخرى هي جمع المال، فإنها تصبح أشد شراسة وإلحاحًا على البشر، وخاصة الشباب الذين يشاهدون أمثالهم يجنون شهرة كبيرة ومالًا وفيرًا من تقديم محتوى سهل أو من كونهم بلوجر لعرض ملابس إكسسورات إعلانات لمنتجات، الخطر في الأمر أن بعضهم كان يسعى لذلك على حساب قيم وعادات وتقاليد بل وأحياناً كذب، الخطر الأكبر هو كثرة المتابعين وجني المال، وكأنهم يسيرون على مبدأ كارل ماركس الغاية تبرر الوسيلة، الغريب في الأمر أن بعضهم ادعى على نفسه المرض، والبعض الآخر كان يفعل ذلك بمساعدة والديه كسباً للتعاطف، وأملاً في جني الأموال، اللافت في الأمر أنه قد أصبح عادة وسلوك يسلكها الشباب في مجتمعنا اليوم أملاً في تحقيق مكاسب مالية.

لقد أصبح هوس الشهرة مرض يهدم عادات وتقاليد مجتمعنا المصري، يصدر فكر وثقافة مختلفة عن الطابع والإطار الخاص بهويتنا المصرية خاصة في غياب الدور التربوي للأسرة، في ظل انشغال الأب والأم بمشاغل الحياة اليومية، وتوفير الاحتياجات الإساسية للمعيشة، متناسيين الدور الرقابي والتربوي لأولادهم، غير مدركين لخطورة سيطرة وهيمنة تلك الأفكار التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي، وما عليه من أفراد وظواهر لا تتماشى مع هويتنا المصرية.

ليس كل ما تبثه مواقع التواصل الاجتماعي من أفكار يمكن تقبلها، ليس صحيحاً أن ينجرف الشباب وراء اتجاهات يمكن أن تؤثر بشكل غير سوي في شخصية شبابنا، إن تلك الأفكار هي خطر مدمر لتلك الأجيال لا يدرك خطورتها الشباب، ولا تعرف الأسر حجم المخاطر التي قد تسببها تلك المعتقدات علمياً وأخلاقياً على أولادهم، فإن لم تجد تلك الأفكار مثل هوس الشهرة والإيمان بالترندات الغير مقبولة من يناهضها، فستأخد المجتمع بجميع أفراده في اتجاه الانحدار.

Dr.Radwa
Egypt Air