السبت 1 يونيو 2024

أنهى عصر «ضرب بطاقات الخبز».. والعقوبات تطارد «لصوص الدعم» «تحرير المنظومة».. ضربة «المصيلحى» القاضية

11-8-2017 | 16:24

تقرير: بسمة أبو العزم

عدسة: ناجى فرح

ضربة قاضية.. الوصف الأقرب لقرار الدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، بتحرير أسعار الدقيق والقمح، الذى يمكن وصفه بأنه يكتب كلمة نهاية عصر «الضرب الوهمى للبطاقات»، وسرقة ملايين الدعم بـ»الفلاشات».

«المصيلحى» لم يكتف بقرار «التحرير»، لكنه قرر تغليظ العقوبات على المخالفين لضمان جودة الرغيف للمواطن، ورغم ان القرار أغضب العديد من أصحاب المخابز، إلا أن تكلفة الخبز الجديدة التى ارتفعت إلى ١٨٠ جنيها للجوال خففت من وطأة غضبهم لتكون وسيلة لاستكمال الشرفاء لعملهم فى حين سيجد لصوص الخبز أنفسهم مجبرين على الخروج من المنظومة قريبا.

منظومة المصيلحى الجديدة تهدف لتقليل الفاقد، والذى يتراوح بين ٥ إلى ١٠ بالمائة من القيمة المرصودة لدعم الخبز وبحسبة بسيطة نجد أن دعم الخبز السنوى نحو ٤٥ مليار جنيه، وبالتالى فالنسبة المتوقع توفيرها تتراوح بين ٢ إلى ٤,٥ مليار جنيه سنويا .

د. جودة عبد الخالق، وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق وصف منظومة الخبز الجديدة، القائم على تحرير سعر الدقيق والقمح للمطاحن والمخابز بأنها سليمة وجيدة. فوزارة التموين فى طريقها لقطع دابر عمليات تهريب الدقيق المدعم. لكن هناك ملاحظات على اسلوب تنفيذ المنظومة لابد من مراعاتها.

عبد الخالق أوضح أن «عدد المطاحن محدود فلا يتجاوز ٢٠٠ مطحن، ما بين مطاحن تابعة للقطاع العام وأخرى للقطاع الخاص، ولديهم قدرات مالية عالية تمكنهم من سداد قيمة القمح بالسعر الحر، لكن المشكلة فى المخابز، التى يصل عددها حاليا لنحو ٣٠ ألف مخبز، وفقا لتصريحات الوزارة، لكن للأسف قدراتهم المالية ضعيفة، وبالتالى إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع, فأسلوب الإلزام الذى يتبعه وزير التموين الحالى معهم يثير غضب الكثير منهم، ولهذا فتجنبا لخروج بعضهم من المنظومة يجب مساعدتهم على تدبير السيولة سواء عبر قروض ميسرة من بعض البنوك أو الصندوق الاجتماعى، خاصة أن دورة تشغيل رأس المال قصيرة.

وأشار وزير التموين الأسبق، إلى أن أصحاب المخابز كانوا غاية فى السعادة فى عهد خالد حنفى، فكانت الحصص مفتوحة لهم دون دفع الثمن مسبقا، وبالتالى انتشرت عمليات الضرب الوهمى للبطاقات، والتلاعب عبر فلاشات لسرقة الدعم، وكان أصحاب المخابز صامتين وغير معترضين على هامش الربح، لأن الحصص مفتوحة والسرقة ميسرة والفساد منتشر، والدليل على ذلك تصريحات خالد حنفى وقتها بأن هناك زيادة فى الطلب على سلع فارق نقاط الخبز، والتى وصلت إلى نصف مليار جنيه شهريا، وللأسف فى نفس الوقت كانت الكميات المستهلكة من القمح فى زيادة أيضا، وهو أمر غير منطقى وكان يشير بأن المنظومة كان بها ثقب كبير، لكن بقرار وزير التموين على المصيلحى أغلق الحنفية على ضعاف النفوس من أصحاب المخابز، لذا يرغب البعض حاليا فى إغلاق مخابزهم.

وشدد عبد الخالق على أن ما يقوم به وزير التموين الحالى ليس بجديد، موضحا أن «هناك دراسة منذ أبريل ٢٠١٢ تمت مناقشتها بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمى، لتنظيم عملية إصدار كروت التموين الذكية، وبالفعل كانت إحدى المعضلات كيفية حماية المنظومة الجديدة من الاختراق، لأن الدعم قضية أمن غذائى وقومى، وبالفعل كان الحل فى تحرير حلقات المنظومة، وهو ما لم يلتزم به د خالد حنفى, أيضا منظومة الخبز الحالية نجحت فى إعادة صياغة العقد الاجتماعى، حينما تم منع الأجانب من الحصول على رغيف العيش، الذى أصبح حقا للمصريين فقط، لكن لا تزال هناك مشكلة, فنحو ٢٠ بالمائة من الفقراء ليس لديهم بطاقات تموين لأنهم لا يمتلكون بطاقات قومية أو شهادات ميلاد موثقة، وبالتالى مع سد الثغرات على أصحاب المخابز وتقليل الدعم المهدر، يجب إيجاد آليات تضمن ضم هؤلاء الفقراء لمنظومة الخبز بأقصى سرعة خاصة أهالى الصعيد».

وحول الخطوات الواجب اتخاذها من جانب وزارة التموين للسيطرة على منظومة السلع، قال «د.جودة»: يجب إعادة النظر فى وظيفة هيئة السلع التموينية لتكون حارس الأمن الغذائى فتحافظ على المخزون الإستراتيجى للقمح، وتتدخل فى السوق وقت اللزوم فيجب إعادة تأهيلها وتغيير قانونها وتدريب الكفاءات بها بحيث تكون قادرة على اتخاذ قرار الاستيراد فى الوقت المناسب وبكميات لاتتسبب فى ارتباك البورصة العالمية ورفع الأسعار على المواطنين, كما يجب التعامل بنظام العقود بدلا من الاعتماد على سياسة البضاعة الحاضرة فقط, أيضا حينما يحددون سعرا للفلاح يجب أن يكون عادلا ومجزيا، وإذا أحكمت الدولة المنظومة وانتبهت لكافة عناصرها ومنعت كافة أساليب اختراقها ستعم الفائدة على الجميع بداية من التوفير لموازنة الدولة مرورا بتقليل الفساد، ثالثا وأخيرا يصبح لدى الدولة فائض يمكنها من إيجاد حلول للفقراء الذين لا يمتلكون أى أوراق رسمية.

من جهته قال رأفت القاضى، رئيس اتحاد تموين القاهرة: ان منظومة الخبز الجديدة وتحرير سعر الدقيق بداية طريق منع تهريب الدقيق وستسهم بقوة فى تحسين جودة الرغيف للمواطن, فالعقد الجديد المحرر بين وزارة التموين وأصحاب المخابز ينص على استلام صاحب المخبز الدقيق استخراج ٨٢ لتكون تكلفة الخبز ١٨٠ جنيها للجوال زنة ١٠٠ كيلو بدلا من ١٢٠ جنيها، وبالتالى لبت الوزارة طلب أصحاب المخابز الشرفاء فلديهم هامش ربح مناسب، وفى المقابل كشر الوزير عن أنيابه للمتلاعبين، حينما وضع مجموعة من العقوبات المغلظة فى لائحة الجزاءات للمخالفين للحصول على أفضل جودة، وبالتالى يمكن القول أن الفترة المقبلة ستشهد طفرة فى جودة الرغيف.

وكشف «القاضى» أن هناك العديد من الاعتراضات من قبل بعض أصحاب المخابز على العقد الجديد بسبب العقوبات، وقال: مثلا نقص وزن مبيعات اليوم الكامل عقوبتها تحصيل ضعف قيمة الدعم وحال التكرار تضاعف العقوبة, وفى حالة الامتناع عن منح المواطن «بون» الصرف وعدم الالتزام بسجل التفتيش وعدم نظافة أدوات العجين وعدم وضع قائمة بسعر الرغيف ووزنه ونوعه وعدم الالتزام بوزنه المقرر، ستكون عقوبته دفع غرامة ٥٠٠ جنيه وتتضاعف فى حالة التكرار, أيضا القرارات اعادت الهيبة لمفتشى التموين، فالتعدى على الحملة التموينية المخالفة عقوبته غلق المخبز ثلاثة أشهر، وفى حالة التكرار يتم سحب الرخص، وبالتالى هذه المادة ستجعل المفتش يتابع عمله وهو مطمئن.

القاضى يرى أنه لضمان استفادة المواطن من قرارات الوزير وتحسن جودة الرغيف المدعم لا بد من تحقيق الرقابة على أرض الواقع والمسئول عن ذلك مفتشو التموين، لكن المشكلة فى النقص العددى لهم، فهناك ١١ ألف مفتش من بينهم ٧ آلاف فقط يمتلكون الضبطية القضائية، وللأسف يفتشون على نحو ٣٠ ألف مخبز ، ونفس العدد للبقالين التموينيين ونحو ٥ ملايين منشأة تجارية على مستوى الجمهورية، لذا نطالب بزيادة عدد المفتشين لمساندة المنظومة حتى ولو بنظام الانتداب من الهيئات الحكومية التى لديها بطالة مقنعة مع تدريبهم عبر دورات تأهيلية، والحكومة أعطت أصحاب المخابز حقوقهم، كما ارتضوا، لكنها شددت العقوبات عليهم لضمان حق المواطن فى رغيف جيد، وأتوقع توفير مليارات الجنيهات كان يتم إهدارها مسبقا.

على الجانب الآخر قال، محمد سويد، المتحدث الرسمى لوزارة التموين والتجارة الداخلية: أن الهدف من المنظومة الجديدة مصلحة المواطن عبر زيادة جودة الخبز وزيادة المنافسة فهذا القطاع لم يكن يعرف مفهوم المنافسة فى مختلف مراحلة، وكان يعتمد على سياسة الربط الدائم للحصص وبالتالى المكسب الثابت، لكن بعد تحرير السعر فى كل مراحل الإنتاج أصبح كل فرد فى المنظومة يرغب فى تقديم أحسن منتج ليضمن زبونه، فشعارنا خلال المرحلة الحالية تحويل المال العام إلى مال خاص، فإذا لم تكن هناك أدلة بسرقة الدعم الموجه للخبز، فالمؤكد أنه هناك إهدارا وإهمالا سواء فى التخزين أو النقل والبيع مع نسبة من التسريب، وكل ذلك يسبب فاقدا مابين ٥ إلى ١٠ بالمائة من المنظومة نسعى لتوفيره ليعود إلى مستحقى الدعم.

سويد يضيف أن «المطحن يحصل على طن القمح بسعر ٤ آلاف جنيه، المخبز يحصل على طن القمح بسعر ٤ آلاف و٧٠٠ جنيه، ويدفع صاحب المخبز تأمينا يعادل استهلاك دقيق ثلاثة أيام، فى حين يحصل على أجرة الخبز فقط، وبالتالى لم تعد هناك أى فرصة لضرب البطاقات الوهمية لسرقة الدعم، فهناك ٤٥ مليار جنيه فى بطاقات مستحقى الدعم، فإذا اشترى رغيفا يصل مباشرة إلى المخبز هامش ربحه كذلك المطحن, وبالفعل هناك استجابة قوية من أصحاب المخابز ، حيث سدد ٧٠ بالمائة منهم التأمين، وجارى تحويل كل مستحقاتهم المالية بشكل يومى, ونظرا للزحام الكبير على البنوك ندرس مد المهلة لأيام أخرى فالتأمين مجرد إثبات جدية.

وعن مقترح تخفيض عدد أرغفة الخبز بدلا من خمسة لأربعة مع مضاعفة قيمة فارق نقاط الخبز قال «سويد»: لدينا ٨١ مليون مواطن يحصل على الخبز المدعم والمقترح لا يزال مفتوحا، وفى النهاية سيتم تطبيق ما يتفق عليه المجتمع، كما أننا طرحناه للمناقشة المجتمعية، ونرصد ما يقوله الإعلام والمواطنون فى الشارع، وبناء على الرصد سنتخذ القرار المناسب، فالمقترح لا يهدف للتوفير للموازنة لكننا نرغب فى تحسين مستوى المعيشة ولدينا مقترحات عديدة، ومنها طرح الخبز بدعم جزئى لغير حاملى البطاقات التموينية فقد يصل سعره ٢٥ قرشًا من خلال بطاقات للخبز لغير مستحقى الدعم.