لم يكن الشاعر والفيلسوف الباكستاني محمد اقبال معروفا في الأوساط العربية الا بعد أن انشدت كوكب الشرق قصيدة حديث الروح في ١٩٦٧ والتي اتسمت بنزعة صوفية محضة فسرت بها إلى أرواح العاشقين...لقد فاضت دموع العشق مني..حديثا كان علوي ندائي.. فحلق قي ربا الافلاك حتى اهاج العالم الأعلى بكائي.. ويرسل السنباطي لحنه على وزن خاتمة الأطلال..من قام يهتف باسم ذاتك قبلنا من كان يدعو الواحد القهار..عبدوا الكواكب والنجوم جهالة ..لم يبلغوا من هديها أنوار...وهنا يتضح أن سيدة الغناء كانت مولعة بالتصوف وتحن إلى بدايتها حيث كانت ترتل القرأن وهي تلبس غطرة وعقال وتغني التواشيح الدينية في ظل معلمها الأول الشيخ أبو العلا محمد...الم يبعث لامتكم نبي. يوحدكم على نهج الوئام..ومصحفكم وقبلتكم جميعا منار للأخوة والسلام..وفوق الكل رحمن رحيم.. اله واحد رب الأنام ...وتمضي تلك النزهة الصوفية في غناء كلمات شهيدة العشق الإلهي رابعة العدوية..أحبك حبين ..حب الهوى وحبا لأنك اهل لذاكا.. فإما الذي هو حب الهوى فشغلي بذكرك عمن سواكا... وفي نفس السياق يكتب طاهر ابو فاشا انقروا الدفوف...ليكتمل صرح بناء الفيلم الذي قدمته السينما المصرية ١٩٦٣..موكب العروس في السما يطوف انقروا الدفوف..ياحبيب الروح تائه مجروح كله جروح..لائذ بالباب شوقه دعاه والرضا رحاب يشمل العفاة...طاف بالسلام طائف السلام يوقظ الأيام.. عهده الوثيق واحة النجاة...أول الطريق هو منتهاه.. وتشدو بحانة الاقدار التي كانت فيها رابعة أيام الضلال..سألت عن الحب أهل الهوى سقاة الدموع ندامى الجوى..فقالوا حنانك من شجوه ..ومن جده بك أو لهوه..ومن كدر الليل أو صفوه...وينتهي إلى.... ففي الليل يبعث أهل الهوى...وبرغم أن احمد رامي قد ترجم رباعيات الخيام في العشرينات الا أنها لم تغنيه إلا في مطلع الخمسينات بعد أن نقحتها بعمل تباديل وتوافيق لتختار منها ماتغنيه..فترى المناجاة في أروع صورها..في ..يامن يحار الفهم في قدرتك وتطلب النفس حمى طاعتك..أن لم أكن اخلصت في طاعتك فإنني اطمع في رحمتك ..وان ما يشفعلي أنني قد عشت لا أشرك في وحدتك...كم هو جميل حسن الظن بالله العلي القدير..ياعالم الأسرار علم اليقين ياكاشف الدر عن البائسين.. عدنا إلى ظلك فاقبل توبة التائبين....وقد استطاع الشاعر الصوفي الوطني عبد الفتاح مصطفى والذي كتب طوف وشوف وياحبنا الكبير لها ومولاي للنقشبندي..ان يجعلها تغني..تائبا تجري دموعي ندما ... وعندما اشتعل المسرح بلحن رياض السنباطي في "اقولك ايه عن الشوق ياحبيبي١٩٦٥" داعبته بأنه دخل في حب جديد وأنها سوف تفتن عليه لزوجته....فاخبرها أن هذه الكلمات ليست لبشر...ليالي في هواك أسهر افكر ومهما قولتلك في القلب أكتر..شوية أني اقولك ياحبيبي..ياريت في كلمة أكتر من حبيبي وبعدها كانت أم كلثوم تغنيها باحساس مختلف يترجم تلك المعاني وتسمو بها ....وقد كانت آخر اغنية لها على المسرح١٩٧٢ هي كلمات بيرم التونسي التي أفضى فيها إلى ربه قبل وفاته بكل مافي قلبه من حب وقرب بعد أن كتب له الحج والزيارة بعد حياة حافلة...مكة وفيها جبال النور طالة على البيت المعمور فوقنا حمام الحما عدد نجوم السما... طاير علينا يطوف الوف تتابع الوف..وما أن اناخ رحاله في رحاب النبي العدنان صلوات الله وسلامه عليه..كتب...جينا على روضة هلة من الجنة فيها الأحبة تنول كل اللي تتمناه..فيها طرب وسرور وفيها نور على نور....عزفت كلمات الشعراء مع الحان السنباطي أروع الملاحم الصوفية التي انسابت على لسان تلك الموهبة الفريدة التي استطاعت أن تشق بصوتها عنان السماء تعانق النجوم وتطال السحاب فظلت هناك في الاعالي تشدو نشيدا عالي النداء.