عادت الأزمة السياسية في لبنان لتبرز جلية من خلال السجال السياسي الدائر على خلفية دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال لجلسةٍ لمجلس الوزراء، تناقش عددا من الملفات الصحية والاستشفائية الداهمة. وتصدّر فريق رئيس الجمهورية السابق ميشال عون و"التيار الوطني الحر" حملة مقاطعة الجلسة الحكومية، على اعتبار أنها غير دستورية في ظل شغور موقع الرئاسة الأولى وأن الحكومة بوضعها الحالي تعتبر مستقيلة ولا يحق لها تسلم مهام رئاسة الجمهورية.
وأعلن ثمانية وزراء حتى الساعة مقاطعتهم للجلسة ما يفقدها النصاب القانوني للانعقاد، وهم وزراء "التيار الوطني الحر" ووزراء "حزب الطاشناق" و"الحزب الديمقراطي اللبناني"، معللين السبب أن الدستور لا يسمح لحكومة تصريف أعمال أن تستلم صلاحيات رئاسة الجمهورية وأن الحكومة الحالية فاقدة للصلاحيات الدستورية وللثقة البرلمانية.
وأوضح عضو المجلس السياسي في "التيار الوطني الحر" وليد الأشقر، أن التيار دعا كل الوزراء إلى عدم المشاركة في هذه الجلسة، ولم يدع جزء من الوزراء فقط للمقاطعة، ولبى الدعوة حتى الآن 9 وزراء وهذا العدد من الممكن أن يزيد إنما الأساس في هذه الفكرة أن التيار بصفته ممثلًا للشعب اللبناني من خلال كتلة نيابية وازنة من 21 نائبًا، مؤتمن على الحفاظ على الدستور ومن هذا المنطلق دعا الوزراء إلى عدم خرق الدستور من خلال الدعوة الذي وجهها رئيس حكومة تصريف الأعمال للوزراء للاجتماع بشكل غير قانوني ودستوري".
وأشار إلى أن "الدستور واضح بهذا الشأن، طلب من حكومة تصريف الأعمال تصريف الأعمال بالإطار الضيق وليس استلام صلاحيات رئيس الجمهورية لأنها ليست حكومة قائمة وتتمتع بصلاحيات كاملة وهذه الحكومة تفتقد إلى ثقة المجلس النيابي الذي انتخب في 15 مايو الماضي". وأكد الأشقر أنه "من هذا المنطلق الدعوة التي وجهها التيار لكافة الوزراء بعدم المشاركة تمت تلبيتها من قبل أكثر من ثلث الوزراء وبالتالي لا يوجد جلسة لحكومة تصريف الأعمال وثانيًا نشكر الوزراء الذين لبوا دعوة التيار حفاظَا على الدستور". في المقابل قال النائب السابق علي درويش، المقرب من رئيس حكومة تصريف الأعمال إنه "من خلال البنود التي أدرجت على جدول الأعمال من الواضح أن هناك مجموعة ملفات تراكمت ولم يعد بالإمكان الخروج منها دستوريًا وقانونيًا إلا من خلال جلسة لمجلس الوزراء، لأن رئيس حكومة تصريف الأعمال لن يخالف القانون من خلال الصرف إلا وفق الآلية القانونية وبالتالي هناك مجموعة ملفات لعدة وزارات تراكمت وأصبح هناك عدم إمكانية للصرف وخاصة على المستوى المالي إلا من خلال صيغة قانونية تتمثل بموافقة مجلس الوزراء عليها".
وفي تصريحات صحفية أكد دويش أن "أغلبية بنود الجلسة مالية حتمت على رئيس الحكومة لأنه رئيس حكومة تصريف أعمال ووجد من الواجب انعقاد جلسة مجلس وزراء للبت فيها حتى يكون هناك إمكانية للصرف وفق الآلية القانونية الصحيحة".
ولفت إلى أن "هناك من يأخذ الأمور نتيجة الاشتباك السياسي في لبنان حاليًا ومن الممكن نتيجة الصراعات الموجودة اعتبر أحد الأفرقاء أن شد العصب الطائفي يساعد في هذه المرحلة، وكأنما موقع رئاسة الجمهورية هو المستهدف وهذا مجافي للحقيقة وغير صحيح لأن البنود معيشية للناس والناس ينتمون لجميع الطوائف، ومن الممكن أن التصعيد حدث على هذا المستوى وهذا الأمر لم يرغب فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال". واعتبر درويش أن البعض يأخذ الأمور إلى اشتباك في هذه المرحلة وخاصة تحت عناوين ميثاقية، لافتًا إلى أن ما يفيد لبنان أساسًا هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وشدد على أن "الحل الأساسي هو انتخاب رئيس جمهورية وعدا عن ذلك رئيس حكومة تصريف الأعمال سيقوم بما يستطيع للقيام بواجباته، وعلى الوزراء الذين يقاطعون أن يتحملوا مسؤوليتهم إن كان وظيفيًا لأنه لديهم وظيفة تصريف أعمال أو حتى تجاه الناس لأنه بالنهاية سيكون هناك أمور عالقة وأكثر صعوبة بالموضوع المعيشي الذي يختص بالناس".