السبت 25 يناير 2025

مقالات

وفاة الكرة التقليدية

  • 9-12-2022 | 16:54
طباعة

مونديال قطر 2022 شهادة وفاة رسمية لكرة القدم التقليدية أو ما يسمى بمدارس الاستحواذ وذلك بعد العديد من النتائج المفاجئة التي انتهت إليها مباريات البطولة حتى الآن، الأمر الذي قد يكون بمثابة نقطة التحول الأبرز بالنسبة لتعاطي المدربين مع الخطط الخاصة بخوض المباريات خلال العقود الأخيرة.

ولا يختلف اثنان على أن نتائج المونديال الحالي كانت أشبه بالزلزال بالنسبة لبعض الفرق التي لم تنتبه لتحولات الكرة وتغيراتها الجوهرية وبالتالي سقطت منتخبات بحجم ألمانيا وإسبانيا وحتى بلجيكا والدانمارك والأورجواي في هذا الفخ الجديد.

ورغم أن تلك التحولات أو ما كان يطلق عليها بالمفاجآت كانت تحدث أحيانًا في الكثير من البطولات السابقة إلا أنها لم تصل أبدًا لهذه الدرجة من الوضوح حتى أصبحنا نشاهد رقمًا قياسيًا وعددًا تاريخيًا من المباريات التي تنتهي بنتيجة مغايرة تمامًا للأفضلية الشكلية التي تعودنا عليها.

هذه الأفضلية التي كانت تقاس بفوارق الاستحواذ بين المنتخبين والضغط على المنافس واستخلاص الكرة والركنيات والعرضيات وغيرها، لم تعد تغني ولا تسمن من جوع لأن ما يحدث الآن من بعض مدربي المونديال هو أن يقوم هذا المدرب بترك كل هذه الأمور لمنافسه ويركز هو على الانضباط التكتيكي والدفاعي الجيد مع استغلال أي فرصة بسبب الاندافع الهجومي للمنافس والانقضاض عليه بهدف عكس التيار ثم العودة مرة أخرى للمهمة الأسهل وهي الدفاع وتضييق المساحات.

وإذا أردنا استعراض بعض النماذج في المونديال الحالي لابد وأن نتحدث أولًا عن موقعة اليابان مع إسبانيا التاريخية لأن هذا النموذج هو الأبرز في التاريخ – وليس فقط في كأس العالم - لأن هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها فريق من الفوز بمباراة رغم أن نسبة استحواذه على الكرة لم تزد عن 17.7% وهو المنتخب الياباني الذي قلب الطاولة لصالحه بعد أن كان متأخرًا بهدف نظيف ونجح في الفوز بهدفين لهدف في نهاية المطاف.

وما يؤكد أن مثل هذه الأمور لم تأت بالصدفة هو أن المنتخب الياباني نفسه فعل هذا الأمر وبنفس التفاصيل مع المنتخب الألماني، وليس ذلك فقط بل سقط الكمبيوتر في هذا الفخ الذي نصبه للألمان والإسبان مرتين أيضًا أمام كوستاريكا وكرواتيا.

ومضمون هذه الفكرة يلخصها المنتخب الياباني في مبارياته الأربع بالبطولة حيث تفوق مرتين "شكليًا" وخسر فيهما، وعندما ترك هذا التفوق "الشكلي" لمنافسيه نجح هو في تحقيق الفوز في نهاية الأمر.

أما عن بقية نماذج هذه الفكرة في البطولة فحدث عنها ولا حرج منها على سبيل المثال لا الحصر فوز السعودية على الأرجنتين وخسارة تونس أمام أستراليا ثم الفوز التاريخي لنسور قرطاج على فرنسا بطلة العالم وفوز إيران على ويلز وخسارة السعودية من بولندا وفوز المغرب على بلجيكا وإسبانيا وتفوق كوريا الجنوبية على البرتغال والكاميرون على البرازيل.

كل هذه المؤشرات تجعلني أثق في أن هذا المونديال سيكون له ما بعده وستتغير نظرة العديد من المدربين في التعامل مع أفكار الاستحواذ لأن الجميع بات يدرك أن وجود الكرة المستمر مع المنافس يجبره على ارتكاب الأخطاء ويساعده على الاندفاع الهجومي الذي يفتح الثغرات والمساحات خلف مدافعيه.

الاكثر قراءة