عقدت في المملكة العربية السعودية القمة العربية الصينية الأولى من نوعها والتي شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث وصل إلى العاصمة الرياض للمشاركة فيها، والتي تعقد في ظل التغيرات غير المسبوقة التي لم يشهدها العالم من قبل.

وتهدف القمة إلى البناء على الحوار السياسي الممتد بين الجانبين، إلى جانب التشاور والتنسيق بشأن سبل تعظيم آفاق التعاون المتبادل على الصعيدين الاقتصادي والتنموي، إلى جانب بحث مساعي الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

وخلا كلمته التي ألقاها في القمة، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن عدد من المحاور الهامة، التي تشغل بال المواطنين، والتي كان أبرزها حديثه عن العلاقات الصينية العربية، وأزمة سد النهضة و الأمن المائي، وكذلك عن التسييس لقضايا حقوق الإنسان، وتعزيز حوار الحضارات وتقارب الثقافات، والتعاون في مواجهة تحديات التغير المناخي وتفشي الأوبئة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة خطر الإرهاب والأفكار المتطرفة كلما وجدت وأينما كانت.

دور الصين في حل أزمة سد النهضة

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة هبة البشبيشي، أستاذ العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الأفريقية، أن كلمة الرئيس السيسي امتازت بالاتزان، مضيفة أن اشارة الرئيس إلى الصراع الإقليمي للمياه في الدول العربية، وبخاصة أزمة سد النهضة، كانت مباشرة ومتميزة للغاية، وبخاصة أن جمهورية الصين ضالعة في بناء هذا السد.

واستكملت البشبيشي، أن الحديث عن أزمة المياه، وتحديدا أزمة سد النهضة في هذه القمة التي تمثل الصين أحد أطرافها، كان موفقا للغاية، حيث أن لا توجد دولة تستطيع احداث تغيير في هذه الأزمة مثل الصين، مضيفة أن تأكيد السيسي على أن مصر لديها استعداد للعودة إلى مائدة المفاوضات مرة أخرى مع أثيوبيا، كان مهما للغاية.

وأكدت البشبيشي، في تصريح خاص لبوابة دار الهلال الالكترونية، أنه من الأهمية بمكان وجود رئيس الجمهورية في مثل هكذا منتديات، حيث تمثل مصر أهمية كبيرة في هذا المنتدى بالذات، وذلك بسبب أن ميناء السويس تعد من أهم النقاط التي سيعبر من خلالها طريق الحرير الصيني، لاستبدال طرق التجارة الدولية، واحداث تغير في الخريطة التجارية الدولية.  

وأضافت أستاذ العلوم السياسية، أن مصر ستحظى بدور محوري في ما هو قادم، مشيرة أنها تعتقد أن الدورة الجديدة لهذا المنتدى ستكون في القاهرة، وذلك إذا تم عمل دورة جديدة له، وذلك للأهمية المحورية التي تتمتع بها قناة السويس في مشروع طريق الحرير الذي سيكون بين الدول الأفريقية والصين.

رسائل السيسي

وأكدت البشبيشي، أن كلمة الرئيس تضمنت عدد من الرسائل الهامة، والتي كان من بينها، أن مصر على مشارف أن تكون دولة محورية في طريق التجارة الدولي القادم، حيث ستكون قنات على رأس الموانئ الدولية التي ستتحرك في هذا الشأن، مشيرة إلى أن تدوين هذه المنطقة كمحور استثمار دولي سيكون من أهم النقاط التي ستنتقل مصر نقلة حضارية، وتجارية كبيرة.

واستكملت البشبيشي، أن خطاب الرئيس أشار إلى قدرة مصر على إدارة ملفاتها الصراعية، حيث أصبحت أزمة سد النهضة أزمة صراع إقليمي، مؤكدة أن قدرة الرئيس اليوم على الحديث بمنتهى الهدوء، بدون إظهار أي نوع من الندم على فترة العشر سنوات من المفاوضات بلا نتيجة، أدى إلى ظهور قدرة تفاؤلية في حل هذه الأزمة، وما صاحب مفاوضاتها من ركود.

وأردفت البشبيشي، أن الرئيس السيسي أشار خلال خطابه إلى التكاتف العربي في القضايا الإقليمية، حيث لم يتحد أحد منذ فترات طويلة في أزمات الصراع المائي الذي يعاني منها عدد من الدول العربية، مثل العراق و أزمتها المائية مع تركيا، وأزمة سد النهضة مع أثيوبيا، وذلك في إشارة ضمنية على أن الصراع الإقليمي على المياه أصبح من أهم الصراعات القادمة.

الارتقاء بالاقتصاد المصري

وأكدت البشبيشي أن هذه القمة من شأنها الارتقاء بالاقتصاد المصري، حيث تعد الصين اليوم بديلا دوليا و أحد الشركاء التجاريين للبلاد، حيث ذكر الرئيس اليوم في كلمته، الاقتصاد الجديد متعدد الأطراف، و هو ما يعني وجود هيكلية جديدة للعالم يدار من خلاله، حيث لم تعد التجارة الدولية  مقتصرة فقط على الولايات المتحدة الأمريكية.

وأضافت البشبيشي، أن العمل باليوان الصيني في التجارة المصرية، أدى إلى استقرار نسبي في عملية تبادل السلع التجارية بين كلا من مصر و الصين.

رمزية القمة

وأكدت أستاذ العلوم السياسية على مدى أهمية هذه القمة، وذلك بسبب وجود دولة الصين فيها كشريك تجاري و اقتصادي للدول العربية، خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوروبية التي تشهدها الساحة العالمية في الوقت الحالي.

وتحدثت البشبيشي عن فضل الدول العربية على الصين قائلة، أنه لولا بترول الخليج ما كان ليحدث في الصين هذه الطفرة الاقتصادية الكبيرة، حيث أنقذ هذا النفط المصانع الصينية في الوقت الذي كان يصعب فيه الحصول على النفط الروسي .  

تأثير القمة على العلاقات العربية الأمريكية

وتحدثت أستاذ العلوم السياسية عن مدى تأثير هذه القمة العربية الصينية، على مسار العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية قائلة أنها تتوقع وجود رد فعل غير طيب من قبل الولايات المتحدة إثر هذه القمة، مشيرة إلى أننا قد نشهد خطوات أمريكية لوقف الزحف الصيني على الدول العربية و على منطقة الخليج تحديدًا.

واستكملت البشبيشي، أننا قد نشهد حلقة جديدة من حلقات الصراع الأمريكي الصيني، ولكن هذه المرة في منطقة الخليج، والدول العربية بشكل عام، مؤكدة أننا قد نشهد في الفترة المقبلة بعض الضغوط التي قد تمارس على الدول العربية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

واختتمت البشبيشي حديثها وهي تؤكد على مدى خطورة، وأهمية هذه القمة، التي من شأنها أن تعيد التوازن في القوى للمجتمع الدوي.