الإصدارات الصحفية الأولى لمؤسسة «دار الهلال»، هي أجمل هدية تلقيتها، وفجرت في نفسي صراعاً بين الفرحة والوجع.. الفرحة لأن صحافتنا ولدت عملاقة ورائعة وجذابة وتعبر عن مجتمع متحضر وراق ومتقدم، وصدر العدد الأول من الهلال سنة 1892 "من 130 سنة".. والوجع: إلى أين تمضي الصحافة الورقية؟.
العدد الأول من الهلال أصدره جورجي زيدان، مجلة علمية تاريخية صحية أدبية، واسم الهلال كما ورد في الافتتاحية تبركاً بالهلال العثماني، ولظهورها مرة كل شهر، ونموها بالتدريج لتصبح بدراً كاملاً.
تقول افتتاحية الهلال، أن موضوع مجلتنا مقسوم إلى خمسة أبواب: أشهر الحوادث وأعظم الرجال، المقالات، الروايات، تاريخ الشهر، ومنتخبات من الأخبار والتقريظ والانتقاد.. والإبحار في تلك الأبواب متعة فائقة.
مجلة المصور 24 أكتوبر 1924، ثَمن العدد عشرة مليمات، وعلى الغلاف صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول، أما ملحق المجلة فعليه صورة كبيرة للزعيم مصطفى كامل.
والعناوين: مذبحة دنشواي: تفاصيل الإعدام والجلد.. الجلادون: بطرس غالي، الهلباوي، فتحي زغلول.. قصيدة رثاء أحمد شوقي لمصطفى كامل بعنوان "الحياة في الموت" ويقول "مصر الأسيفة ريفها وصعيدها.. قبر أبر على عظامك حان".
وموضوع رائع عن قصة كاتبة فرنسية صديقة مصر والمصريين "جوليت آدم"، التي كرست وقتها لتدافع عن قصية استقلال مصر، وكانت تعتبر مصطفى كامل ابنها، وأصدرت كتاباً بعنوان "رسائل مصرية فرنسية".
العدد الأول من مجلة الكواكب 28 مارس 1938، الثَمن 5 مليمات، وعلى الغلاف السيدة نادرة "في رواية أنشودة الفؤاد"، وموضوعات غاية في الجمال والصنعة والجاذبية، حوار مع علي الكسار: كيف أُضحك الناس؟، وموضوع عن "كيف يحفظ الفنانون أدوارهم، وهم يوسف وهبي وجورج أبيض ونجيب الريحاني وعلي الكسار وفاطمة رشدي" وغيرهم.
وتحقيق عن عالم المسرح والسهرات الفنية، لفرق الريحاني وفاطمة رشدي وحفلة المواساة وفرقة الأستاذ الشوا.. وكانت مصر عامرة بكل أنواع الفنون الراقية.
مجلة حواء العدد الأول 24 يناير 1955، الثَمن 5 قروش والغلاف "نريد ثورة نسائية"، والمقال الرئيسي عن السيدة هدى شعراوي بقلم أمينة السعيد.
وأبواب حواء عن: جمالك في بساطتك " أزياء".. تايورك للمرسم الجديد.. أطرف قصص الحب والزواج.. أزياء للطوارئ.. رواية "اعترافات زوجة، موعد مع الشقاء".. بوسته حواء.. سلاح حواء.. ملابس طفلك.
وإعلانات حواء كانت استكمالاً لمنظومة الأداء المنسجم: بوتاجاز سترفليم 95 جنيه بالتقسيط على 25 شهر.. ايديال 125 جنيه بالتقسيط 5 جنيه شهرياً.. أومو "مسحوق الغسيل العجيب".. مييلي المكنسة الشفاطة الألمانية.
مجلة سمير.. العدد الأول 15 أبريل 1956، الثَمن قرشان.. وتضمنت أبوابها الشهيرة: علاء الدين والمصباح السحري.. علي بابا.. سر السفينة المهجورة.. مغامرات باسل وغيرها.
بماذا أعلق؟، كانت الصحافة بالفعل صاحبة الجلالة، المتوجة على قلوب الناس، لأنها احترمتهم وجعلتهم قبلتها.
شكراً دار الهلال فجرت في نفسي صراعاً بين الفرحة والوجع.