الخميس 16 مايو 2024

«الدون والبرغوث»


لطفي السقعان

مقالات13-12-2022 | 17:47

لطفي السقعان،

انقسام الشارع الكروي المصري بين فريقين أحدهما يدعم «الدون» البرتغالي كريستيانو رونالدو والآخر يتغنى بالأرجنتيني «البرغوث» ليونيل ميسي، فرغم فرحتنا بتأهل المغرب الشقيق على حساب البرتغال إلا أن شيئا ما كسر قلوب العاشقين للدون ولم يتمالكن دموعه وذهبوا بحبهم له إلى كراهيتهم الشديدة للبرغوث فاتجهوا إلى قبلة كرواتيا اليوم بحثا عن خروج ميسي مثلما خرج رونالدو بغية أن يكون الاثنين بلا إنجاز في ختام مشوارهما مع الساحرة المستديرة دون أن يتوجا بالمونديال.

الغريب والمدهش في الأمر حالة التوهج الكروية لدرجة أن المتابعين يلقون اللوم على فانز ميسي ومن دونهم يلقون اللوم على أقرانهم المتيمين برونالدو، المضحك المبكي إننا شاهدت رؤى العين من فانز الدون والبرغوث من غير المتابعين للكرة يتغزلون في ضحكاتهما في كل مباراة وهنا أدركت أنهم مشاهدون يبحثون عن البراندي الكروي حتى يقال عنهم من أنصار هذا أو ذاك عموما هو شيء طيب ومحمود طالما توسموا فيهما القدوة والمثل في المستطيل الأخضر وحتى لا يكونوا خارج إطار التفاعل الجماهيري في كل مكان بالمواصلات العامة وعلى المقاهي وعبر النواصي وخلال السوشيال ميديا القوى الفتاكة حتى ان كلاهما بات يصفهم بعبدة «ميسي وكريستيانو»!!

اللافت للنظر قبل لقاء اليوم بين الأرجنتين وكرواتيا أن أنصار الدون صاحب ال 37 عاما ينتظرون قهر البرغوث صاحب الـ35 عاما والأخير يتفوق على الأول في عدد مرات الفوز بالكرة الذهبية حيث توج بها ميسي 7 مرات مقابل 5 مرات لكريستيانو أي أنهما أسطورتي الكرة العالمية من واقع الأرقام إلا أنهما لم يتوجا بكاسي العالم ولا مرة!! ومع ذلك يأمل الفانز أن يلحق البرغوث بأمل لقب المونديال بعد الخروج المأسوف عليه للدون من المولد بلا حمص وهو ما جعل الفانز العاشقين له أن يتمنوا خروج البرغوث غير مأسوف عليه!

لغة الأرقام العمرية تؤكد أنهما لن يشاركا في مونديال 2026 المقبل بأمريكا وكندا والمكسيك لبلوغهما الكبر وهو سنة الحياة فلن يستمرا مدى الحياة وكوكب الأرض منقسما بين ميسي وكريستيانو، المؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المونديال المقبل سيكون بلا مواهب كروية وتلك هي الحقيقة المرة فالمواهب المصنوعة لا تسمن ولا تغني من جوع بدليل أن السامبا البرازيلية بكل ما تمتلكه من لاعبين حول العالم خارج المونديال على يد الكروات وهو ما يعظم من حقيقة غياب الموهوبين الحققيين وليس المصنوعين، علينا أن ننتظر مونديال 2026 بلا مواهب حقيقية ووقتها ستتساوى معظم المنتخبات وستكون الغلبة للكرة الجماعية وليس للأساطير الفردية مثلما شاهدنا في نسخ أخرى سابقة!

يا سادة صناعة كرة القدم في العالم بأسره تتغير وفق معطيات كثيرة أهمها التجنيس في أوروبا والذي بات قبلة لدول عدة اتجهت صوب القارات السمراء «أرض الذهب الكروي» بحثا عن المواهب فنصف منتخب فرنسا بطل العالم الأخير من أصول أفريقية وإمبولو هداف سويسرا من أصل كاميروني وتيموثي ويا هداف أمريكا من أصل ليبيري وبوكايو ساكا لاعب إنجلترا من أصل نيجيري وزميله ديلي آلي من أصل نيجيري و لوكاكو هداف بلجيكا من أصل كونغولي وغيرهم كثيرين، فأفريقيا باتت مصدرة للمواهب الكروية إلى أوروبا في المقابل لا تجد في منتخبات أمريكا اللاتينية مثل الأرجنتين أو البرازيل أو الإكوادور وكولمبيا والأورجواي تتمتع بالمواهب الكروية فلا تجد بينهم جنسيات أخرى، فهل تتجه بلادنا إلى تصدير المواهب الكروية أم سنظل في الوحل الكروي ونتخلف عن الركب العالمي، أم سيخذلني الجميع ويخرج من بيننا الدون و البرغوث ولكن هذه المرة من أرض الكنانة!