العقاد نشر قصائدي في ( السياسة )
وأسامة الأزهري وعدني بجمعها في ديوان
ذهبت شاكيا للشيخ المراغي في عوامته على نيل الزمالك من ظلم لحق بي فكاد يبكي !
الشيخ شلتوت امتحنني مرتين قبل تعييني واعظا بالأزهر
وضعني عبد الناصر في (معتقل الطور) مع واعظين أحدهما يشرب الشاي مطبوخا كالملوخية والثاني يدخن بشراهة فكتبت فيهما شعرا وصل لمدير الوعظ بالأزهر فسقط على الأرض من الضحك !
شيخي بمعهد طنطا محمد أبو درة عجب من نشر شعري في ( السياسة ) ومن تعليقي على كتاب ( حياة محمد ) لهيكل باشا !
حوار – صلاح البيلي
يعتبر الشيخ معوض إبراهيم هلال أكبر معمر أزهري على أرض مصر بعد أن تجاوز القرن بسبع سنوات ورغم ذلك يحتفظ العلم الجليل بذاكرة ممتازة تعي أحداث الماضي من نشر العقاد لقصائده بصحيفة ( السياسة الأسبوعية ) دون سابق معرفة . وتتلمذته هو والشيخ محمد الغزالي على يد الشيخ الجليل محمد أبو زهرة، وقد التقى الشيخ المراغي شيخ الأزهر في عوامته الذهبية في الزمالك، كما التقى وزير الأوقاف الشيخ مصطفى عبد الرازق الذي عينه واعظا لأسوان لثلاث سنوات، والتقى الشيخ الفحام والشيخ عبد الحليم محمود وغيرهم من أساطين مصر في الدعوة والسياسة.
واليوم يعتكف الشيخ معوض في بيته المتواضع بمنطقة المطرية وقد من الله عليه بستة من الذكور وثلاثة من البنات يتسابقون في خدمته وقد تبرع بمكتبته للأزهر الشريف بعد رحيله ولليوم لا تنقطع الزيارات عن بيته من تلاميذه ومن علماء الأزهر وعلى رأسهم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الذي خصص له سيارة لتنقلاته وشابا لخدمته ولكن الدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس للشئون الدينية يزوره على الدوام وقد وعده بجمع قصائده في ديوان .وفي هذا الحوار نستعيد مع العالم الجليل نشأته والتحاقه بالأزهر وذكرياته مع أعلامه ومع أعلام مصر.. فإلى تفاصيل حوار نادر مع قامة استثنائية.
بداية، حدثنا عن نشأتك وكيف التحقت بالأزهر الشريف ؟
اسمي بالكامل معوض عوض إبراهيم هلال، ولدت بقرية كفر الترعة الجديد التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية مطلع سنة 1912 ميلادية ( 1330 هجرية ) وكانت شربين آنذاك تتبع مديرية الغربية، قبل التقسيم الإداري الحالي، وبعد حفظي للقرآن الكريم بالقرية ومباديء الحساب والخط على يد شقيقتي (حبيبة ) في بيت أبي الذي كان من غمار الناس وكان مزارعا وأنا دون العاشرة من عمري، فرح بحفظي للقرآن وكانت أمي تستعد لأكون ( أفوكاتو ) – أي محاميا – وحصلت على الابتدائية من معهد دمياط الأزهري وعلى الكفاءة، ثم ذهبت لمعهد طنطا الأزهري ثم جئت القاهرة لألتحق بكلية أصول الدين في الخازندار وتخصصت في الدعوة وطفت بكل المدن المصرية كداعية من أسوان للعريش وسافرت مبعوثا للأزهر لمعظم البلاد الإسلامية، وخلال رحلتي تزوجت وأنجبت ستة من الذكور هم : ( طارق وصلاح ومحمود ويحيى وعدنان وأحمد ) وثلاثة من الإناث هن: ( تيسير أم محمد وراوية أم فاطمة وأماني أم سالم ) وكل أولادي يشغلون مراكز مرموقة وكل بنت من بناتي تساوي دولة من الدول!
منذ متى بدأت قريحتك الأدبية وبدأ اهتمامك بالشأن العام ؟
منذ التحقت بمعهد طنطا الأزهري وأذكر وأنا في السنة الثانية منه أن صدر للكاتب الدكتور محمد حسين هيكل باشا كتابه ( حياة محمد ) فقرأته وبدأت أحب الشعر والدراسات الأدبية وأراسل الصحف والمجلات وأرسلت قصيدة لجريدة ( السياسة الأسبوعية ) ونشرها لي العقاد من دون سابق معرفة، وكان يشارك في تحريرها مع هيكل باشا، وقد وعدني الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بالعثور عليها، وكان عنوانها ( استعذاب العذاب ) كما وقد وعدني الدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس للشئون الدينية بجمع قصائدي المنشورة آنذاك في ديوان شعر يتولى نشره ولعله يفعل ذلك.
وأذكر أن الشيخ محمد فهمي أبو درة كان يدرس لنا بالمعهد وكان بدينا وكان لا يستطيع أن يجلس على الكرسي وإذ به في يوم من الأيام يقول لي : ( يا واد يا معوض جاك داهية لقد قرأت لك قصيدة بالسياسة الأسبوعية ورأيا في كتاب حياة محمد ) ! لقد كنت محبا للعلم والعلماء وقابلت الشيخ الشعراوي بعد تخرجي واسماعيل الدفتار وغيرهم .
الدراسة بالأزهر
هل تتذكر أول سنوات الدراسة بالأزهر الشريف ؟
جئت القاهرة ودرست في كلية أصول الدين واجتزت الامتحانات والمسابقات وكان رئيس لجنة الامتحان الشيخ شلتوت وكان مما امتحنني فيه تفسير الآية : ( ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة ..) وبعد قليل قال لي : ( كفى ) ثم حصلت على دراسات عليا في الدعوة لعامين، ثم امتحنتني لجنة برئاسة الشيخ شلتوت وكان من أعضائها الشيخ أحمد حسين الذي قال : ( ياجماعة خدوا الولد ده في الوعظ ). وكان وقتها الشيخ المراغي هو شيخ الأزهر وقام بتعييني واعظا لأسوان لمدة ثلاث سنوات ثم نزلت قريتي لأدخل السرور على قلب أبي وأمي وعدت لأجد أنه تم التلاعب في التعيينات وتم تعييني بالمنزلة فذهبت للشيخ المراغي في (عوامته الذهبية ) التي كان يسكنها في الزمالك على النيل وشكوت إليه قائلا: ( هل يظلم تاريخ الأزهر في عهدك ؟! ) فكاد يبكي وقال: ( عودوا لأماكنكم ). وذهبت إلى المنزلة لأول مرة فوجدت بها السلوى والعزاء وراحة البال.
ثم دعاني الشيخ محمد عثمان وقابلت الشيخ مصطفى عبد الرازق وكان وزيرا للأوقاف وعينني واعظا لأسوان لـ3 سنوات وكنت خلالها أزور الفيوم وبورسعيد كواعظ زائر ثم صدر قرار بتعيني واعظا في المنصورة فرفض شيخ الأزهر وقال : ( سوف ينشغل بقريته) وتم تعييني في بورسعيد لعشر سنوات نلت خلالها إجازة التدريس والتربية ثم ذهبت لـ( معتقل الطور ) ضمن من غضب عليهم عبد الناصر من الوعاظ عندما اختلفت مع بعض الضباط فنقلوا عني ما ليس في وكأني ضد عبد الناصر وكان معي زميل ولحق بنا ثالث وابتليت بزميل لا يشرب الشاي إلا مطبوخا طبخا كالملوخية وكان الثاني يدخن بشراهة فكتبت شعرا أقول فيه: ( أزعجتماني أيها الواعظان – بشرب شاي بين أن وأن – اللون منه كليالي الشتا – والطعم في الفم كحد السنان ) وأرسلا البيتين لمدير الوعظ الشيخ عبد الله المسد وكان رجلا يميل إلى الصمت فتبسم وضحك لدرجة أنه سقط على الأرض !