السبت 8 يونيو 2024

ثمة أرق يستدير بكأسي في آخر النفق

12-2-2017 | 18:51

مصطفى قشنني - شاعر من المغرب

1

كدمعة ثـَمِلـَة في كأس الأفقِ

أتحسسُ غيمة

شفافة  مثلَ

الضوءِ المُشِعِّ

من مرايا  غيابك..

2

تلك النجمة المُغْرَوْرِقَة بالحنينِ

حين أتحسسُ وميضَها

المنهارَ في كأسي

يطفو رَغوا مضرجا

بحطام ضوئك

3

يحدث أحيانا أن

يتوحَّدَ على سرير الغيب

نبوءَتُها المؤجلة

وقلقُ يقينه..

4

غسقٌ يباغتُهُ

الوصولُ كي لا يضجَرَ

في الطريق إلى عزلة

عَتمتها؟

5

شربنا مِلْءَ الليل

لنغيضَ الصحوَ

الغائر فينا.

عتقنا الكؤوسَ

بثلج حُمرة الأفق

فتهاوتِ النجومُ

غيرَ النجوم

شظايا

منسدلات

حتى مطلع الروح

عن جسدينا..

6

عاشقان لهذا النهر

الدافقِ بفيضِ

المجاز..

من يستعيرُ

ومن يُكَنِّي

ومن يُشبِّه

الينابيعَ

 المنبجسة

على عتباتِ

الأدراج

 سواهما..

7

خفقانُ اليمامات

على أغصان القلب

ونقعُ غُبارِها الذريِّ

أجراسٌ ترِنُّ

بين طوق وطوق..

8

في عدم اكتمالها المؤلمِ

ثمة فراشاتٌ

تحاكي غيابَ الضوء

ثمة َ منفضة مثقلة برمادِ

الليلة الفائتهْ..

ثمة  قناديلُ مطفأة

ثمة ظلٌّ مرتخٍ

وراءَ المدفأةِ الشاحبةِ

وثمة أرقٌ يستديرُ

بكأسي

في آخر النفق..

9

بغيمتها الأكثرِ وقـْعا

من جناحَيْ فراشة

بألوانها الأقلِّ خبطا

من حبقِ الينابيعِ

بحفيف ظلالها الداكنة

بين جسديها

بروحها الشفيفةِ العارية

المحلِّقةِ على ضفاف السرْ

10

بِخمرتها اللزجةِ المعتقةِ

في طاساتِ الأفقِ الفولاذية،

بدموع الكؤوس المرقرقة

في جمرةِ عينيها،

بالمتناثر من نجومِها في بِرْكَةِ الضوءِ،

بريشها المُندلع على قيثارةِ الجسدِ،

بوردتها النازفةِ المبللة

بنشوة أحمرِ خدودها،

بالرعشاتِ المومضةِ الملتهبة

كالبرق، الداهشةِ المدهشةِ

الحارقةِ المُشْتعِلةِ لأصابع شهوتي

المُمَسدةِ على عشب سريرها

فمن يوقظ الحلم؟

11

الجرحُ الذي تلمَّسَتْهُ أصابعُها

نَزَفَ في المهبِّ

عناقيدَ وارفة

وَسِعَتْ سمائي

ذات اشتعال..

...

لماذا إذن يضعُ

الأفقُ سبابتـَه

على شفتيها

فيما يشبه الخجل؟

12

كأسي

لم يبدُ منها

سوى النصفِ الفارغِ

بالكادِ

والنصفُ الآخرُ

عويلٌ وعصفٌ

يستوحشُ

النصفَ الآخرَ

من غيابها.

13

النصفُ الفارغُ

من الكأسِ

وجهةُ نظرِ النصفِ المملوء!

14

مُعلَّقا على شفرةِ الغيمِ

ملتهبا على لسانِ البرق

موشوما على خاصرةِ الرعد

مطرُها المنهمرُ

مثلُ أصابعَ مبتورة

على ضفافِ الرغبات..

15

ما عادت تخدعه زرقتُها

شبقُ نسماتِها

نوارسُ زبدِها

أقحوانُ دمها

نبيذ ثغرِها

المراقُ بين شقوق

أحشائه العَطشى

ذاتَ ظهيرة صائفه..