حوار: محمد عبدالعال - تصوير: ديفيد أيمن
لـ "حواء" تاريخ طويل من النضال فى الدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها منذ صدورها عام 1954م تحت رئاسة الكاتبة الصحفية أمينة السعيد والتى جعلت من المجلة منبرا يتبنى قضايا المرأة إلى أن وصلت لرئاسة تحريرها الكاتبة الصحفية إقبال بركة لتستكمل مسيرتها وتسير على خطها..
فهل سارت "حواء" على خطى رائدة الصحافة النسائية فى الدفاع عن قضايا المرأة، وهل نجحت فى إصدار تشريعات جديدة من شأنها الحفاظ على حقوقها والإضافة إلى مكتسباتها؟ أسئلة تجيب عنها الكاتبة الصحفية إقبال بركة وتسترجع معنا ذكرياتها مع الأستاذة أمينة هانم السعيد..
عن بدايتها مع "حواء" تقول: بدأت قصتي مع المجلة بشائعة تحولت إلى حقيقة وهي أننى سأصبح رئيسة تحرير المجلة، لم أصدق ذلك فى البداية إلى أن تفاجأت باتصال من السيد مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة دار الهلال آنذاك يطلب مني الحضور إلي مكتبه، وكانت المفاجأة حين أبلغني بتعيينى رئيسة تحرير لمجلة حواء عام 1993، فاشترط استمرارى فى الكتابة السياسية لقبول هذه المسئولية، فالمرأة جزء من المجتمع تتأثر بأحداثه الاجتماعية والسياسية، ولا يمكن فصلها عنه، وهو ما وافق عليه رئيس مجلس الإدارة مع طلب التخفيف من تناول القضايا السياسية على صفحات المجلة.
كيف استفدت من أمينة السعيد عند توليك رئاسة تحرير المجلة؟
وضعت الكاتبة الصحفية أمينة السعيد نظاما وخطوطا عريضة للسياسة التحريرية تتمثل فى الدقة وطرح القضايا المهمة والدفاع عن حقوق المرأة، وقد سارت على هذه القواعد تلميذاتها، وقد اعتبرتنى دار الهلال التلميذة المشاكسة المندفعة لحرصي على خوض المعارك كما لو كانت المجلة سياسية، وكانت مجلة "حواء" تتسم بالرقة وتجنب الخوض فى معارك شائكة إلى أن توليت مسئولية رئاستها.
ما أهم القضايا التي ناقشتها المجلة خلال فترة رئاستك لها؟
حاربنا كثيرا لكى يصبح للمرأة تمثيل مشرف داخل البرلمان لنرى نائبات تطرح قضايا المرأة وتقف ضد أى قرار حكومى يضر بها، وركزنا على عدد من القضايا منها إعطاء الجنسية لأبناء المصرية المتزوجة من أجنبى واستطعت الحصول على الموافقة من خلال حوار شخصى بينى وبين الرئيس الأسبق حسنى مبارك عرضت فيه تلك القضية، كما تبنت المجلة مشكلة النظافة العامة ومطالبة الدولة والمسئولين المحليين بتوفير مساحات خضراء وحدائق عامة فى المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية وهو ما لم يكن منتشرا فى أوائل التسعينيات، وسن قانون يحمى الطفل وبالفعل استجابت الإرادة السياسية لذلك، كما خضت معركة حرمان المرأة من المناصب الكبرى وأجرينا عددا من الحوارات مع عالمات فى الذرة والطب والهندسة الوراثية.
لكل عصر أفكاره المتطرفة، فكيف واجهت تلك الأفكار من خلال المجلة؟
تصديت لتلك الأفكار من قبل أن أتولى رئاسة تحرير حواء، فقد أجريت سلسلة لقاءات مع الكتاب والعلماء المسلمين فى مجلة "صباح الخير" وكانت قائمة على أسلوب المناظرة والجدل من خلال تعمقى فى دراسة القضايا الدينية التى تناقشت معهم فيها، فكنت أرد على الحجة بالحجة من القرآن الكريم والحديث ليخرج للقراء فى النهاية إجابة مقنعة مستندة إلى العلم والدراسة، وكانت هذه الحوارات ناجحة لدرجة أن رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك أخبر لويس جريس، رئيس تحرير المجلة أنه يتابع حواراتى بالمجلة ويطالبنى بالاستمرار، وبالفعل واصلت مكافحتى لتلك الأفكار حتى بعد أن توليت رئاسة تحرير "حواء" خاصة وأن المعركة أصبحت شرسة فى التسعينيات لأن المد المتطرف الذى بدأ فى السبعينيات قد تفشى فى المجتمع.
حققت "حواء" في عهدك انتشارا واسعا فكيف استطعت تحقيق ذلك النجاح؟
حينما تحملت مسئولية رئاسة التحرير كنت أتمتع بشهرة واسعة من خلال عملى بمجلة صباح الخير، ولم تكن "حواء" فى ذلك التوقيت منتشرة فى الوطن العربى بسبب مقاطعة العرب للمجلة لأسباب سياسية، فحرصت على التواصل مع المنظمات النسائية فى العالم العربى وحضور المؤتمرات واصطحابى لأعداد من المجلة فى كل جولة ليتطلع العالم العربى على التطور الحاصل بالمجلة وهو ما ساعد فى انتشارها بالدول العربية، كما حرصت على إجراء الحوارات مع الشخصيات العربية والتأكيد على ضرورة التواصل معهم لأن السوق العربى مهم للغاية، ومصر قائد العالم العربى على المستوى الثقافى، وأتمنى عدم اقتصار المجلة فى الوقت الحالى على التوزيع المحلي وضرورة انفتاحها على العالم العربى والتواصل مع النساء العربيات بتبنى قضايا المرأة فى المجتمعات العربية.
وكيف ترين أداء المجلة فى الفترة الحالية؟
لا أبالغ إذا ما قلت إننى منبهرة بأداء المجلة فى الأعداد الأخيرة وذلك بعد تولى الكاتبة الصحفية سمر الدسوقى رئاسة التحرير وذلك بسبب تألقها وأفكارها المتعددة وانتشارها الإعلامى مع إتاحتها المجال للجميع وإعادة تنظيم وترتيب أبواب المجلة والبعد عن الموضوعات التى تثير الفرقة والاختلاف.
حدثينا عن ذكرياتك مع الكاتبة أمينة السعيد؟
بداية معرفتى بها كانت من خلال مراسلة بريدية حيث تقدم لخطبتى رجل ثري وكان عمرى لم يتجاوز 14 عاما فأرسلت جوابا للأستاذة أعربت فيه عن مخاوفى من موافقة أبى على زواجي فى هذه السن، ورغم أنها لم ترد على جوابى إلا أن نسخة من ذلك الجواب وقعت فى يد أبى فكانت سبب إعراضه عن تلك الفكرة وتشجيعى على استكمال تعليمي، أما عن المرة الأولى التي قابلت فيها أمينة هانم كانت من خلال حوار أجرته مجلة "صباح الخير" معنا بعد أن صرحت في أحد حواراتها أن الصحفية التي يمكن أن تسير على خطها هي إقبال بركة، وكنت وقتها صغيرة السن لكنني كنت صحفية معروفة بالمشاغبة، وقد استطعت أن أثبت موهبتى في وقت قصير، ولم يشأ القدر أن أقابلها مرة ثانية إلا عند مرضها عام 1995م.
وفى ذكرى وفاتها ما هو الإرث الذي تركته فى نفسك؟
أتذكر إنني مشيت فى جنازتها عام 1995وكنت رئيسة تحرير مجلة حواء وخصصت عددا خاصا لها، أما عن إرث أمينة السعيد فهى تعد مدرسة للصحافة تعلمنا منها الشجاعة والجرأة الصحفية ومواجهة القضايا بأعلى صوت وبنزاهة، فعندما اختارتنى لأكون امتدادا لها لم أكن أعرفها ولم نتقابل من قبل وكانت من الممكن أن تختار أحدا من معارفها، كما ورثت عنها عدائها الشديد للتخلف والرجعية الفكرية، فلم تدع الأستاذة مناسبة دون أن تهاجم التطرف والمغالاة فى إظهار التدين المظهرى الكاذب.