الأربعاء 24 ابريل 2024

رحلة استعادة الشغف

مقالات8-1-2023 | 17:50

إنه شيء مخيف حقًا حين يواجه الكاتب هذا الموقف الذي ينتج عادةً عن امتلاء خزينة أفكاره بمشكلاته الحياتية التي تؤرقه فتكون سببًا مباشرًا لتسرب المفردات من بين يديه، تتلاشى معالمها وتختبيء منه خلف ذاكرته القوية، فيذهب باحثًا بين ذكرياته تارة، وبين موضوعات جديدة نابعة من أحداث عصره التي تولد في كل لحظة تارة أخرى. 

 

يهيم وراء فكرته التي أقبلت على مرحلة المخاض، يقتفي أثرها، حتى يكاد أن يفقد الأمل في استعادتها، إنه لم يجد من بين مئات الموضوعات التي عايشها أو صادفها من قريب أو بعيد سوى سراب لاتحده حدود. 

 

تختبيء بين أوراقه حروف اللغة ومفراداتها، تتدلل كطفل مشاكس يأبى أن يلعب بمفرده فيقرر جذب الآخرين نحوه فيستطيع ببرائته الممتزجة بذكائه من النجاح في مهمته، فيختبيء في أماكن عدة مناديًا، فإن جاءت فكرته جاذبةً أخذ في الابتعاد أكثر وأكثر عمن قرر أن يشاركه لعبته، فالوعاء الممتليء بالمواقف والأحداث قد بلغ ذروته، ولكنه تحول في لحظات إلى سراب، كم تمنى مرارًا أن يمسك به، يمتلكه، يطوعه، ليصنع من معدنه قصصًا عديدة ، وحكايات مثيرة وعجيبة. 

 

 تلك هى المشكلة التي تواجه الكثيرين من الكتاب والأدباء حين تمر عليهم لحظات كهذه من فترة إلى أخرى، قد تطول المدة لتصبح أيامًا  يرى فيها الفرد ذاته مغتربًا، يدور ليبحث فيه بين نجمات ليل طويل عن أمانيه عساه أن يحصل على لمحة نور ليسير في رحابها مهتديًا ومستأنسًا بها لعله يكتب من جديد، فمازالت نفسه تعاني، فهو يعلم  أنه مازال لديه المزيد.

 

إنه لا يألف الشكوى ولكنه يريد أن تبعث الروح فيه من جديد، فيقرر في لحظة أن يكتب حتى وإن اضطر لطرح أفكاره ومشاعره ليشاركه فيها الجميع. 

 

يظل يبحث مختبرًا ذاكرته، يدور معها في دوامة عنادها، وفجأة يقرر الخروج من بين مخالبها معلنًا تمرده، محاولًا الإمساك بقلمه ناجحًا في استعادة شغفه، فحلم الكتابة الذي مازال يراوده تمكن أخيرًا من النجاح في مهمة إخراجه من وهمه الكبير، فوجد نفسه قد تحررت من قيدها، ووجد قلمه يأخذ بيديه، فيعود معه، ويبدأ في الكتابة من جديد.

Dr.Randa
Dr.Radwa