الجمعة 22 نوفمبر 2024

مقالات

رغيف العيش أم الشيكولاتة؟!

  • 14-1-2023 | 18:07
طباعة

يموج الوسط الثقافي حاليًا بجدل ساخن حول تشابه أسماء الكُتب والمؤلفين، كاتبة تحفظت على أخرى أحدث منها لاستخدامها اسمها المتشابه مع اسمها، بينما فوجئت روائية ومترجمة شابة بمسئول نشر تُعاتبها مُعَلِقَةً لها على "فيسبوك" بدل أن تهنئها لتشابه اسم كتابها الجديد مع آخر صدر عنهم في دار النشر من قبل.

واقع الأمر أنه لا يجوز جمع الحالتين في سلةٍ واحدة، فالأولى وإن تحفظنا عليها تسمح للاسمين بحق الاستخدام باعتبار أن الاسم المُطابِق هو اسم حقيقي لكل من يحمله كامل الحق في استخدامه، أما التحفظ فهو من ناحية أدبية بحتة وعرف تاريخي صار بمثابة قانون، يفرض على الكاتب الأحدث أن يجتهد في استخدام اسمه بما لا يؤثر ذهنيًا على الكاتب الأقدم.

على الوجه الآخر فإن تشابه أسماء الكُتُب والمؤلَفَات مرفوض قولًا واحدًا، باعتبار أن ركوب النجاح فيه جريمة واردة مكتملة الأركان، وهنا لا يكفي الرهان على اجتهاد مؤلف الكتاب الجديد في اختيار اسم مختلف لكتابه، ولا أن يقوم الناشر بدوره في ضمان اسم جديد للكتاب، ولكن تظل دار الكُتب والوثائق القومية هي المرجعية الأخيرة الواجب عليها ضمان هذا الحق، بالامتناع عن إصدار رقم الإيداع إذا تشابهت أسماء الكُتُب، مما يفرض على الناشر والكاتب معًا العودة لاختيار عنوان جديد للكتاب حتى يُمكنهما طبعه، كما هو الحال مثلًا بالهيئة العامة للاستثمار عند تأسيس شركات جديدة، ولتكن الخطوة محل نظر في إطار التحول الرقمي الجاري بمختلف مؤسسات الدولة حاليًا.

فإذا عُدنا إلى أوضاع الوسط الثقافي حاليًا، فأجندة أولوياته لابد وأن يتصدرها في تقديري مصير الكتاب الورقي، خاصة ونحن مُقبلون على معرض القاهرة الدولي للكتاب، وحال الكتاب الورقي لا يَسر حاليًا قارئًا ولا جَهولًا، موجة التضخم العالمية وصداها المحلي ضرباه في مقتل، ارتفعت أسعار الورق المستورد من الخارج بجنون في خلال ثلاثة شهور، فارتفعت أسعار الكتاب الورقي بجنون هي الأخرى.

زادت الأزمة من تحديات مصير الكتاب الورقي، قبلها كان يُجاهِد في مواجهة سطوة تطبيقات القراءة الإلكترونية، صحيح أن القاعدة كما أرصد طوال الوقت أن كل وسيلة لها جمهورها، وأن الكتاب الورقي لا يزال بسحره وسره قادرًا على مخاطبة وجدان القارئ وعقله بل والاستحواذ عليهما، إلا أن ارتفاع أسعاره مؤخرًا دفعت دراويشه إلى ضرورة تأمل فكرة أن اشتراك شهر واحد على تطبيقات القراءة الإلكترونية، يضمن لصاحبه على تليفون محمول أو جهاز قراءة إلكترونية مكتبة تضم عدة آلاف من الكتب في مختلف المجالات ومن بينها أحدث الإصدارات، خاصة وأن هذا الاشتراك الشهري صار الآن أقل من سعر أرخص كتاب معروض في المكتبات!

لا نلوم على القارئ في أي وقت، بل نعذره في كل الأحوال، هو أولًا وأخيرًا مواطن مطحون دخله بالكاد يوفي احتياجاته الأساسية، والتي طالتها موجة التضخم العالمية هي الأخرى كما طالت الكتاب الورقي، وهو بكل تأكيد يأتي في قائمة كماليات القارئ، وارد جدًا الاستغناء عنه أو إيجاد بديل مُتاح بالفعل على أقل تقدير.. "مواطن عنده أزمة في رغيف العيش نكلمه عن الشيكولاتة؟!".. هكذا اختصر الكاتب الصحفي الكبير عادل حمودة الأزمة في دردشة تليفونية معه مؤخرًا.

على الناحية الأخرى لا يجب أن يصل تذمر القراء من ارتفاع أسعار الكتاب الورقي إلى حد المُطَالَبة بمقاطعة معرض القاهرة الدولي للكتاب، فهو موسم سنوي يأتي دائمًا بمثابة طوق نجاة لصناعة تحتضر بالفعل، الناشر عليه أن يأتي على نفسه إلى أقصى حد ممكن الآن تحديدًا لمجرد أن يستمر، كما أن القارئ بيده موازنة أموره حتى لا يخنق بأيديه آخر أنفاس الكتاب الورقي، الحلول البديلة أصبحت مطلوبة من الجميع طوال الوقت.  

أخبار الساعة

الاكثر قراءة