مهدد بفقدان صوته .. طارق فؤاد: شيرين تنكرت لي وأغلقت الهاتف فى وجهى!
حوار: محمد سعد - تصوير: صبري عبد اللطيف
مطرب يجبرك على احترامه ، رفض أن يركب موجة الأغنية الشبابية في التسعينيات وفضل أن يقدم القيمة والرسالة فصرخ "القدس" و"كان نفسنا" و"لازم نخاف" فضلا عن عدد كبير من الأغنيات الوطنية والدينية والعاطفية الراقية ، تعرض فجأة منذ 5 سنوات لأزمة صحية أدت لفقدان صوته فلم يعد قادرا على الغناء ، هذا الابتلاء لم يؤثر فيه بقدر تألمه من جحود ونكران عدد من الفنانات اللاتي قدم لهن يد المساعدة وهن صغيرات قبل أن تحيطهن حالات الشهرة فتنكرن له، منهن شيرين وأنغام وآمال ماهر ولأنه يحتاج لإجراء جراحة كبرى في ألمانيا فقد طرق أبواب وزارة الصحة كي يتم علاجه على نفقة الدولة التي أعطاها الكثير من فنه لكنه فوجئ بهم يرسلونه للعلاج في مستشفى الدمرداش !
تفاصيل أصعب 5 سنوات في حياته يرويها لنا المطرب الكبير طارق فؤاد..
نود في البداية أن نطمئن على حالتك الصحية؟
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، فمنذ 5 سنوات لم أعمل إلا ما ندر بسبب حالتي الصحية الصعبة فلم أستطع الغناء إلا مرتين فقط ..الأولى كانت أغنية وطنية لقناة السويس في 2015 من كلماتي بعنوان "صوتي راجعلك يغني" كما قدمت هذا العام أغنية للأم وكان صوتي «تعبان جدا» فيها نتيجة لالتهاب شديد ومزمن في صدري وحساسية تعد أول مرحلة في الربو، والحمد لله نتيجة للعلاج الحالة تحت السيطرة ولم تتطور ولكن بسبب العلاج بالكورتيزون زاد وزني بشكل كبير وأدى إلى ارتجاع حاد في المريء منذ 3 سنوات ستلزم دواء صباحا عند الاستيقاظ ومرة أخرى قبل النوم كل ذلك أثر على الأحبال الصوتية فلم أستطع حتى الكلام فلو تحدثت 5 دقائق فقط يحبس صوتي، وقد ذهبت لحوالي 7 أطباء للعلاج من هذه الحالة وقمت بعمل جلسات للتخاطب منذ ذلك الوقت.
ما سبب هذا المرض الذي أصاب صدرك.. هل كنت مدخنا بشراهة؟
لا، فلم أدخن في حياتي أبدا ولكنه مرض وراثي عن والدتي فقد كانت تعاني من نفس المرض وأتلقى العلاج حاليا عند الدكتور طارق صفوت أكبر استشاري أمراض الصدر في مصر وقد نصحني منذ عام بالتوقف عن العلاج بالكورتيزون بسبب تأثيره الضار على صوتي وأتناول علاجا آخر عبارة عن بخاخات لا تحتوي على الكورتيزون ، وقد بدأت حالتي تتحسن بعد علاج 5 سنوات منذ أيام فقط فيما يشبه المعجزة فقد كنت في شارع عرابي ذاهبا لجمعية المؤلفين والملحنين وفجأة وجدت نفسي أقف وأسمع هاتفا يقول لي " غني لا تخف" فبدأت أغني ، وبعد هذا الموقف بدأت أتعامل بكل هدوء ولا أجهد صوتي حتى لا أفقده مرة أخرى فأتابع جلسات التخاطب بشكل مستمر مع د. سامية بسيوني كما أتلقى العلاج أيضا على يد د.أيمن الكحكي استشاري الأنف والأذن والحنجرة .
كم تكلفة العلاج الشهري؟
5 آلاف جنيه وقد أنفقت كل ما كنت أدخره في البنك على الأدوية والعلاج ولا أمتلك أي مصدر دخل، فآخر مسلسل عملته منذ 5 سنوات كان "نساء لاتعرف الندم" فقمت بعمل تتر البداية والنهاية الذي قامت بغنائه نادية مصطفى كما قمت بعمل الموسيقى التصويرية له ، ونقابة الموسيقيين لا تصرف أكثر من 500 جنيه في الشهر ، كما أن ما أحصل عليه من جمعية المؤلفين والملحنين ليس مثل زمان فقد كنت أحصل على 35 ألفاً في العام أما اليوم فأحصل على 8 آلاف فقط ، ولكن الحمد لله ربنا لا ينسى أحداً.
من وقف بجوارك في هذه المحنة؟
وقفت معي عائلة مصر الخير وبنك الطعام وعلي رأسهم د.نبيل سلام ود.سعد سلام والمهندس نيازي سلام كما أن لي أخاًَ كريماً من السعودية هو تركي العرفج وشقيقه حمد العرفج باستثناء ذلك ليس عندي أي دخل ثابت كي أنفق منه على بيتي وأولادي وتكاليف علاجي .
وما موقف وزارة الصحة من مرضك ؟
قدمت أوراقي لوزارة الصحة عن طريق مساعد الوزير اللواء أحمد زغلول وللأسف قاموا بعمل لجنة وأكدت اللجنة أنني أحتاج لإجراء جراحة في الأحبال الصوتية ولكنهم قالوا إن الوزارة لا تستطيع تحمل تكاليف هذه الجراحة، وقرروا صرف 6 آلاف جنيه علاجاً في مستشفى درجة ثانية وهذا ما أحزنني جدا من الدكتور عماد كاظم رئيس المجالس القومية المتخصصة .
وهل من الممكن إجراء الجراحة في مصر ؟
لا للأسف ولا أريد المخاطرة بذلك حتى لا أفقد صوتي ، فنفس هذه الجراحة أجراها المطرب الراحل محرم فؤاد في الخارج ولكنه عاد بصوته متغير تماما ، وحاليا تجرى هذه الجراحة بنجاح في فرنسا وألمانيا ، وقد أرسلت أوراقي إلى ألمانيا ومنتظر الرد ومعرفة التكلفة كما أنتظر رداً من الدولة كي تقف بجواري لأنني لا أمتلك شيئا من تكلفة العلاج .
وما دور نقابة المهن الموسيقية في هذه الأزمة التي تتعرض لها؟
النقابة تفاصلني في العلاج فقد قدمت لهم أشعتين واحدة لصدري والأخرى لضرس العقل، حيث أعاني من آلام حادة فيه قالوا لي "إحنا مابنعالجش الأسنان " وبناء عليه أحصل على 500 جنيه فقط من نقابة الموسيقيين بعد لجان استمرت شهرين حتى وافقوا وقالوا لي "محدش في النقابة بياخد الرقم ده " .
ولماذا لم تتدخل النقابة للحصول على قرار علاج على نفقة الدولة لك ؟
للأسف النقابة لم تتدخل، ولقد ذهبت لوزارة الصحة بنفسي كي أطلب العلاج وشاهدت بعيني مايعانيه المصريون في المستشفيات الحكومية ووقوفهم طوابير حتى يحصلوا على أبسط حقوقهم في العلاج ، وإذا كان ذلك يحدث معي وأنا فنان معروف ولي تاريخ ودور وطني من خلال أغنياتي وحصلت على 8 جوائز منها جائزة أفضل أغنية عربية ، وقد تركت الأغاني التي تحقق أرباحا كبيرة وهي الأغاني الخفيفة مثل "لومي وآه منك " في أوج انتشاري ووقفت وقفة مع نفسي وقلت أريد أن أفعل شيئا يفخر به ابني عبد الله الذي يغني حاليا في أمريكا ويدرس في نفس الوقت بالمرحلة الثانوية وبنتي راندا، فقمت بغناء عدد كبير من الأغنيات الهادفة ولم تكن هذه الأغاني مربحة وكنت أصرف عليها أيضا مثل "لازم نخاف" عام 1993 و"كان نفسنا" أفضل أغنية عربية عام 1995 وكان معي شيرين وهي صغيرة وفي عام 1998 غنيت "القدس" و"كان ياما كان" لجنوب لبنان و"الحلم العربي" التي غنيتها أمام 50 ألف متفرج في ميدان الشهداء في لبنان وكان معي كاظم الساهر ولطيفة وذكرى «رحمها الله» وحصلت على جائزة أفضل أغنية من أول مهرجان للأغنية أقيم تحت سفح الهرم وأفضل أغنية قصيرة "يامن أدعوه" وقصيدة " في زمن الردة والبهتان" للشاعر الكبير فاروق جويدة التي ترد على الرسوم المسيئة للرسول ولم يقترب أحد من هذه المنطقة وقد حصلت على شهادة ماجستير من منظمة الأغنية العالمية "فيدوف" وقمت بعمل مايقترب من 35 مسلسلاً بين غناء وتلحين التتر وموسيقى تصويرية ، كما قمت بعمل عدد من المسلسلات الدينية بالصلصال "قصص الأنبياء والعشرة المبشرون وقصص القرآن والسابقون الأولون " والإمام النسائي والإمام الترمزي ورجال الله .
ألم تندم على الابتعاد عن الأغنيات الخفيفة المربحة والتي جمع منها مطربون الملايين ؟
أقسم بالله لم أندم في أي يوم من الأيام على ذلك منذ أن أحببت الغناء وأنا طفل في الصف الرابع الابتدائي وأؤمن أن الفن رسالة ولابد أن يكون عنصر بناء لا هدم في المجتمع ، وهذا لا يعني أنني ضد الأغنية الخفيفة فقبل محنة مرضي قمت بعمل أغنية لابنتي اسمها "شوفلك حل فيك " وقد اتفقت مع الأستاذ محسن جابر على تصويرها قريبا وأحضر حاليا لتسجيل قصيدة الشاعر الكبير فاروق جويدة "ماذا تبقى من بلاد الأنبياء ".
تعرضت للظلم كثيرا في حياتك فماذا تقول عن ذلك ؟
ربنا سبحانه وتعالى يعطي كل إنسان نصيبه في الحياة، نعم هناك كثيرون ظلموني ولن أقول أسماء لكنهم كثيرون جدا وكلهم الآن في دار الحق.
منعت من الغناء في الأوبرا 15 سنة فكيف واجهت ذلك القرار؟
نعم هذا حدث لكن ربنا عوضني فقد دعتني د. إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا المصرية للتكريم العام الماضي في اليوبيل الفضي لمهرجان الموسيقى والغناء ، وقد أقاموا لي حفلا وللأسف لم أستطع الغناء فيه فقد احتبس صوتي وأنا على المسرح فاعتذرت للجمهور وبكيت بشدة فلم أكن أتخيل أبدا أن أتعرض لهذا الموقف الرهيب ولكن الله منحني القوة والقدرة على أن أخرج 25 % من إمكانياتي فعدت الحفلة على خير ولو كان أي مطرب ضعيف مكاني ما استطاع أن يغني كلمة واحدة وما منحني القوة حب الجمهور واستقباله الحافل لي.
ماذا كان إحساسك وأنت تفقد القدرة على ممارسة متعتك الأولى في الحياة وهي الغناء ؟
يبكي ويقول : هذا الكلام صعب جدا علي، فربنا سبحانه وتعالى هو وحده العالم بي وما أستطيع أن أقوله إنني فرحان وحزين في نفس الوقت.. أما سبب الفرح أن الله ابتلاني فالله إذا أحب عبدا ابتلاه.. وحزين لأنني لا أستطيع أن أمدح النبي .
جسدت المطربة شيرين هذه المعاناة التي تشعر بها من خلال مسلسل "طريقي" فهل شاهدت هذا المسلسل؟
يقاطعني قائلا : شيرين من أوائل الناس الذين أنكروا أنني وقفت بجوارهم واخترتها لتغني معي "كان نفسنا" وهي في سن 13 عاماً ولم ترد على اتصالاتي الهاتفية للأسف الشديد وليس ذلك فقط بل أغلقت الهاتف في وجهي ثم اعتذرت لي عندما قابلتني في إحدى الحفلات وأخذتني بالحضن وقالت لي بالحرف "مش هعمل كده تاني" ولكنها عادت لتتهرب مني وليس هي فقط بل أيضا آمال ماهر رغم أنني كنت أستاذها في المعهد إلا أنها وتهربت بأنها في "الجيم" ثم صدرت لي "الأنسرماشين" ومدير أعمالها الذي لا يرد أصلا على التليفون، وأنغام كلمت صديقتها "الأنتيم" لكنها تجاهلتني رغم أنني حملتها وهي رضيعة حيث إنني صديق والدها الموسيقار محمد علي سليمان وعمها المطرب الكبير الراحل عماد عبد الحليم عشرة العمر وصديق الدراسة الإعدادية وريهام عبد الحكيم لا ترد علي رغم أنني أول من قدمها.. للأسف الشديد كلهن تهربن مني ووجدت منهن كل جحود رغم أنني لم أكن أريد مساعدة مادية منهن كل ما كنت أريده فقط أن أعمل فرغم أنني لا أستطيع الغناء إلا أن لدي أغنيات من ألحاني ومن كلمات بهاء الدين محمد وهاني عبد الكريم ، فلمن لا يعرف فقد قمت بتلحين أربع أغنيات لذكرى «رحمها الله» كلها كسرت الدنيا وهناك أغنية بدوية كلمات "وائل هلال" لم تتم إذاعتها حتى اليوم سجلتها قبل وفاتها لشركة "مشاعل"وكان مديرها الشاعر جمال بخيت وما أريد أن أقوله إن من يلحن لأقوى صوت في الوطن العربي سهل عليه يلحن لأي صوت آخر، وقد كانت ذكرى تعتبرني أفضل ملحن في مصر لذلك كانت تعطيني أجري مضاعفاً 3 مرات وكانت تستشيرني في كل أعمالها.. وكانت بيننا قصة حب لم تكتمل ولم تكلل بالزواج ولكن ظل بيننا كل ود واحترام متبادل حتى بعد زواجها ، أما شيرين وآمال وأنغام فأنا حتى هذه اللحظة ألتمس لهن العذر ولكن بداخلى ألم نفسي رهيب من موقفهن تجاهي وحتى القنوات الفضائية التي عملت في شهر رمضان الماضي إعلانات وبرامج تافهة بمليارات وقد عرضت عليهم 30 دعاء سجلتها قبل مرضي منذ 5 سنوات ولكنهم جميعا رفضوا علي سبيل المثال قناة "mbc " والمسئول فيها مصطفى متولي قال لي بالحرف الواحد "لا لا إحنا مبنعملش الحاجات دي " كذلك مصطفى السقا فى"أون تي في" وهو دفعتي وعدني وأخلف وكذلك " dmc " وقد أرسلت الأدعية لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة شخصيا على الواتس آب ولم يرد ورغم أنني قلت له إنني مريض وإنني سأسافر بما سأحصل عليه من عائد الأدعية للعلاج خارج مصر ورغم ذلك لم يرد ، كان ذلك قبل شهر رمضان بأربعة أشهر واستمر الاتصال بهم حتى قبل الشهر الكريم بشهر أي أنهم جميعا كان لديهم وقت كي يشتروا مني هذه الأدعية .
تعرضت لحادث سيارة منذ عام كيف حدث ذلك ؟
كنت في السيارة مع ابني وشقيقي وابنه في أحد شوارع التجمع الخامس وكان في الطريق "بالوعات" غير مغطاة ولم أنتبه إلى وجودها فدخلت في الرصيف وانقلبت السيارة وكل من معي اندفع خارج السيارة ولم يصابوا بأي أذى أما أنا فإلى اليوم عندي مشكلة في كتفي وركبتي من أثر الصدمة ولكن من رحمة الله أنني مازلت على قيد الحياة .
كيف ترى كل هذه الابتلاءات؟
أشعر أن الله تعالى كلما تقرب مني فإنه يبتليني لذلك أتقرب منه أكثر لأنني أؤمن تماما أنه إن كان الله معك فمعك كل شيء .
أعلم أنك تنتمي للطرق الصوفية فكيف أثر ذلك عليك ؟
نعم أنا متصوف منذ 35 عاما لذلك أشعر دائما أن الله يقف معي وأنا منشد في الحضرة الشاذلية وقد تعلمت على يد الحاج عطية شرارة المنشد الكبير ولكني توقفت عن الإنشاد منذ 3 سنوات ، وكلي أمل في الله سبحانه وتعالى أن يتحسن صوتي كي أعود للإنشاد مرة أخرى .
ما الشيء الذي فعلته وندمت عليه ؟
يصمت طويلا ثم يقول : ليس تقليلا من حميد الشاعري لكني أخطأت حينما عملت معه لأنه ليس شبهي فهو صاحب مدرسة تخرج فيها ناس كثيرون والتاريخ سيذكره سواء بالخير أو بالشر ، نعم ساهم في ظهور أصوات جيدة لكن الأصوات الرديئة التي دعمها أكثر وقد أفسد هذه المرحلة من فترة التسعينيات وهذه هي المرحلة التي وقع فيها الفن المصري ، وقد أصر محسن جابر أن أعمل معه في ألبوم "تاخدني عيونك" فغنيت له أغنية رديئة جدا بعنوان "أنا جاي جاي " فحزنت جدا لأن التوزيع الموسيقي الذي قام به كان سيئا جدا رغم أنني قمت بعمل لحن جميل للأغنية.. ومن المصادفات الغريبة في هذه الألبوم أن الكورال كان من ضمنه محمد حماقي ومصطفى قمر ومحمد زياد الذي أصبح مطربا وقتها ولكنه اعتزل الغناء بعد عدة سنوات ، وبالمناسبة مصطفى قمر حاليا من أقرب الأصدقاء إلى قلبي وصاحب أطيب قلب في الدنيا.