الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

مقالات

أكان لا بد؟

  • 28-1-2023 | 12:56
طباعة

1 – طقوس

- قدمت نفسي للعمدة.. أبن الأصول.. زعق على خفيره.. الشاي يا ولد.

- يرفع يده بالتمام.. ذائبا في ظلمة الدوار العتيق، تنبهت عند مخرج القرية.. غروب يوم العمل الطويل.. أن الشاي لم يأت

2 – الزن

قام ذو العباءة الملفوفة علي الرأس والعنق، زاعقا.. يدق حاجزهن الخشبي بقوة وإنذار.

ـ عيب

هبط علي المسجد صمت مؤقت

قبل صعود خطيب الجمعة

3 – شاعرة

- استقرت في المقعد الأول.. أخرجت أوراقها المسطورة بالكمبيوتر.. واسمها بصفة شاعرة، ترفعه تراجعه بقلمها.. في مستوى جعلني أقرأه وأنا في المقعد الأخير

4 -رزق

- في الدوران الحاد.. أبطأ سيارته، ليجد نفسه بجوار رغيف عيش طازج ..فتح بابه .. انحنى يلتقطه.. يقبله، يرفعه إلي جبهته..

يوقف سؤال مخيلته من أين جاء؟

وحمدا لله.

5- برابر

- تحلقت وبناتها حول (الحيلة) الذي جاء نهاية عقدهن.. متشبثات.. يقيدنه.. حماية له من تهوره في الشجار المفاجئ.. مما سمح لغريمه بإعطائه لكمات حرة موجعة..

 6 – قوة

- سأله متعجبا..

- ـ من أين جاء بكل هذه القوة في قراراته

أجابه بيقين

- ـ من استغنائه

 

7– حلم

 قالت- حلمتك.. باش ريس في المنام.. فأعطاها خمسين قرشا إكرامية.. معتذرا بعدم وجود فكة .. وكانت الخمسون قرشا.. لها حلما..

8 - تركية

التركية وردة في عروة جاكت الرجل المصري، يخفض بريق فخر عينيه، وبعفوية مفتعله يبلغك إن أصول جدة زوجته تركية، فتفهم إنها جميلة حاسمة مع أولادها، (نفسها حلو) في الطبيخ

ولا تحرجه بسؤالك

فيضطر لشكوى رقوة حسد، من عصبيتها ويأخذك لسكة بعيدة .

والمصرية، .. خفيف الروح بيتعاجب..

9-طلاق

تحنجل على سلالم العز، فرشتها ليونة أمه وجمالها.. ينقلها من طلاق الفاقة إلي السرايا والمصاهرة..

يرفرف قلبها.. أمام تمنع نداؤه.. تناغيه.

ـ تعالى يا غالي.. يا ابن الغالي..

تفجر براكين الغيرة، وقسم، ألا تكمل صعودها، مطرودة به.. طالقة.

10- نعمات

نط الزرزور على عصفوره أعلى الشجرة، وشب العجل على بقرته وسط الغيظان، وملأ الحمار دنياه نهيقا على أتانه.. وبلبل الجدي على معزته.. وقفز الديك على فرخاته في حوش البيت.. واعتلى الذكر حمامته بين الأقدام.. وريم أبو حماية على نعمات.. تتحاشى انفراده تجنبا لما لا تحمد عقباه.. فليس لها راد.. ولا من أهلها إلا الموت.. ولا بديل أمامها إلا الهرب.. ربنا يستر.

11 -فلنة بحمالات

وسط أناته الواهنة، استقرت أشعة عينيها الحادة علي أبن عمها الكبير، ، متجهمة كعادتها، يتبعها، تهمس حازمة بأخذ حنطور إلي جرجا يشترى من القيصارية فلنة بحمالات ، وكالسون أبيض، لم يحلم بهما المحتضر في حياته، وغلقت الأبواب، وأنفاس الحاضرات عن رجالهن المقرفصين تحت حيطان البيت الخارجية انتظارات لصراخهن.

لن تعلن الوفاه، إلا بعد انفرادها به تلبسه كسوته الجديدة الداخلية لتتركه للرجال يتولون أمر تجهيره مستورا.. فهم لا يعرفون ما تحت قبة الشيخ.

12 – عبقرية

في المستشفى النائي، توقفت أمام لاصق عريض علقت به الممرضة، عبوة الدواء بالحائط، بدلا من الحامل المعدني الطبي غير المتوفر في أزمة زحام مصابي الحادث الكبير المفاجئ.. أمتعض مرافقي صائحا:

ـ شايف الإهمال.

فأجبته هادئا ـ شايف العبقرية.

13 - دهشه

كان النهر يمر ببابهم يحمل مخلفاتهم تختفى عن عيونهم ولا يعنيهم مصيرها ...وغير النهر طريقه فجف مساره أمامهم فبقيت المخلفات وروائح تعفنها وحشراتها، يدهشهم التساؤل

لماذا لم نعد كما كنا؟

14 - شحنه

أغواهم تصفيقنا، ترتفع هاماتهم، تستوى ظهورهم، تنتظم أجنحه مجاديفهم،

(هواء .. ماء .. هواء .. ماء) تدفع قاربهم الرفيع الطويل، سهم منتشى بموسيقى طابور عسكري منتصر، نجاريهم في الرتم حتى تخطوا النتوء الصخري الحاجب لمرسانا الترابي..

لم نفهم أنهم أيقنوا سخريتنا من تخلفهم، فقد تراصت القوارب السابقة منهمكة في لهو راحتها المؤقتة، عائدين لتنافسهم الطويل تاركين زحام صبية إحدى المحطات..

لم يفقهوا دهشة فخر انبهارنا بمرور مسابقه دولية بشاطئنا ..مجرد المرور

15 -حلفان

في طريقي لصلاة الجمعة أخذ حقنه أعصابي الملتهبة، يروى لي صديقي الدكتور المسيحي واقعه سريعة، يؤكد صدقه بالحلفان (والأذان ده)

16 -عبيطة

عروس صغيرة فرحة بعريسها وزينتها ودورها الجديد في تجهيز طعامه، المرسل جاهزا لها في صباحيتها، من أمها القلوقة علي بداياتها.. وهى البكرية.. تعيد تقليب الحمام المحشي، في الفخار الساخن اللامع ببريق السمن، يضوي علي يديها.. لا تجد أفضل ما تصنعه فيه إلا شعرها المصفف تزيد بريقه..

 

17- جحش صغير

وجدتني في حضنها تدفس مسحوق البن في جرح ذقني الدافق، وتزعق تحميني من ضربات أكف أبى الغاضب، تتلقاها على ذراعها، فقد أمرني بانتظاره ينهى انهماكه مع جدي في رص الطوب اللبن لسور بيتنا الجديد بطرف قريتنا (البهانسهة)، ولم أستطع عليه صبرا ..

وقد أغواني احتفائهم بحفيدهم الزائر من غربة وحيدهم في السويس، بتكرار تجربة ركوب الحمار بالأمس وقد حملني حرا عقب عودة جدى من رحلته الأسبوعية لسوق الخميس بمركزنا (جرجا)، منهكا هادئا يسعى لطعامه في البيت القديم.

أهبط بسلام.

في غفلتهم أمتطى ظهره العاري الجاف دون ليونة البردعة القش، وغشومية خبرتي لحبل قيد ساقيه الأماميين

يحد حركته في المكان، ألسعه بعصاي يقفز العتبة المرتفعة، أطير إلى أكوام الطوب، يهرول بي جدى إليها، تفيقني بفحل بصل يلذغ خياشيمي، وتكبس الجرح برماد الفرن يكويه وينظفه

حتى يأتي بالبن من أسرع بالحمار يقتص منه ضربا

 (رايح جاي) لدكان (على أبو أحمد)على رأس قلعاية القرعان، تطرد جدى من البيت بشراسه،

- عينك وحشه

- يا بوي ده ولد ولدي

- فرحت بيه، وما يحسد المال إلا أصحابه

يجلس ينحت بالموسى بقايا شعيرات رأسه الأشيب يلقيها مع شعراتها التي نزعتها بحسم من خلفية رأسها، في جمرات نار، غطتها ببخور تفرقع حباته في عين ( اللي شافوه وما صلوش على النبي) تزعق، توصد عنف ضيق أبى

- يعنى ها يجيبه من بره يا ما وريتني الويل وأنت صغير .. أنت نسيت ?

أكن في حضنها الملم صقيع أطرافي

تغنى لي برتم دافئ

(لما قالوا ده والد الطبل بيت في البلد )

أغرق مجهدا مطمئنا في نوم عميق مريح

18- أكان لا بد.. يا أبا "آدم"

روت لنا صغارا جدتي دهيبة.. أن أُمنا حواء، جلست أمام الفرن تسوي رغفات قمح شهية، ما إن أخرجت أولها.. حتى أستعجلها أبونا أدم.. المنهك بشقاء عمله من الفجر.. وجوع يقرص بطنه.

والرغيف مزنهر، أعلاه حمرة، وأسفله صفرة ، فاشتهاه، قدمته له على قرص رأس الطراحة ذات الذراع الخشبي الطويل، يخطفه متحايلا علي لهيبة، تلتوى منه، يتدحرج على الأرض بعيدا..

ولم يصبر آدم، هرول خلفه ملهوفا

من يومها.. كما أكدت جدتي، كتب الله علينا، الجري وراء لقمة العيش.. نبذل لها العرق، والمجهود، وماء الوجه، وأرهقتها بتساؤلاتي طويلا.. تجيبي بطيف ابتسامة تشفي من غباء الرجال

ـ لو راح على مهله.. كنا أكلنا بالساهل، لكن نعمل إيه.. عملها هو.. ووقعنا فيها أحنا،

يعني كان لازم يا أبا آدم؟

أخبار الساعة

الاكثر قراءة