ظل الرونق الحضاري وتقسيمات الشوارع، وانتشار مشاتل الزينة والحدائق العامة لفترة طويلة من الزمن، أجمل ما يميز شوارع المحروسة وسط اهتمام كبير من الحكومة بالمظهر العام وتجميل الشوارع وتنظيفها، ولكن مع التطور السريع في العصر الحالي والزيادة السكانية المتسارعة التي دهست كل شيء.
ومع الزحف العمراني والزيادة الهائلة في أعداد المواليد، انتشرت المقاهي والكافيهات في أغلب شوارع القاهرة وأحيائها ومدنها ولم تكتفِ تلك المقاهي بالأمكان المخصص لها بل زحفت إلى الحدائق العامة والمناطق الخضراء التي تمتد على الطرق الرئيسية والفرعية بالمدن المختلفة وسط حالة من الصمت الرهيب من قبل المسئولين في الأحياء المختلفة الأمر الذي شجع أصحاب تلك الكافيهات زيادة التعدي والاقتحام للمناطق الحيونية والتجميلية.
وأصبحنا الآن نشاهد المشاتل وحلقات الزينة ملتقى لتجمع الأفراد وتحولت أمامنا إلى كافيهات فذبلت المشاتل الخضراء والأشجار، وحلت مكانها الطاولات التي تستقبل الشباب دون مراعاة للمزروعات النادرة غير عابئين بالتلوث الذي يقضى على الحياة داخلها.
افتراس مشاتل الزينة
"الهلال اليوم" حرص على تسليط الضوء صوب تلك الظاهرة في أحد أحياء القاهرة الهادئ والمستقر، ففي حي المعادي جرفت أمواج التعديات ملامحة ولم تترك شيء إلا واقتربت منه حتى مشاتل الزينة والمساحات الجمالية الخضراء على جوانب الطرق، حازم إبراهيم، أحد مواطني الحي يقول، إن المشتل الوحيد الذي يقع في شارع فيكتوريا بحي المعادى تحول إلى كافيتريات وضربه الإهمال من كل جانب، موضحاً أنه لا توجد معلومة مؤكدة بأن الحي منح مالك الكافتيريا ترخصيًا للانتفاع بها، مشيرًا إلى أنه في حالة الحصول على ترخيص فذلك يعد مخالفًا للقواعد والقوانين ويعد مشكلة أكبر، متسائلاً كيف تقوم الحكومة بالقضاء على المساحات الخضراء بهذه السهولة؟".
أما شروق طه، أكدت أهمية مواجهة الحي لتلك الظاهرة المنتشرة، متسائلة عن كيفية تحويل المشاتل إلى كافيهات؟، وطالبت بتوقيع عقوبة على ما أسمتهم بـ "مخربين الطبيعة".
بدائل متاحة
فيما طرحت إسراء فتحي، أماكن بديلة للأماكن العامة ومشاتل الزينة، وقالت إن هناك أماكن كثيرة تصلح لإقامة كافيهات غير المشاتل فلا داعي أن نخرب الطبيعة من أجل الحصول على المال، طالما بإمكاننا المحافظة على الشكل الجمالي والصحي للحى وإقامة المشاريع في المناطق المخصصة لها، ناهيك عن إفساد الطبيعة حيث وصل الأمر إلى تراكم القمامة حول المشاتل مما أفسد رونقها الجمالي الأمر الذي أثار سخط المواطنين واستنكارهم.
وعبرت منى إبراهيم، عن استيائها الشديد من تحويل المشاتل إلى كافيها أو مشاريع تجارية، حيث وصل الأمر إلى تحويلها إلى مقالب للقمامة حتى اندثرت معالم الطبيعة تماما".
شوقي عبد الصبور أيضًا قال: " هم يتفنون فى إفساد كل ما هو جميل فى مصر فحتى المشاتل لم تسلم من أذيتهم ولا من الإهمال المحيط بهم فمشتل شارع فيكتوريا كان فيما مضى من أجمل المشاتل وأكثرها إحتواءً للزهور النادرة.
أوجه التقصير
وحملت الدكتور صفيه حمدي الحنفي، أستاذ نباتات الزينة والمشاتل بكلية الزراعة جامعة القاهرة، مسئولية الانتهاكات للأماكن العامة وتحويل المشاتل إلى كافيهات للحكومة ووزارة البيئة، وقالت إن هذا العمل تعتبر جريمة فى حق مزروعات نادرة لا نراها فى حياتنا سوى مرة واحدة، ومهمة وزارة البيئة منع التجاوزات التى تقع فى حق الأراضى الزراعية، ولفتت إلى أن أول شرط لإقامة المشاتل هو أن يكون بعيدًا عن الأماكن السكنية والتلوث المحيط بها وهذا الشرط تم تجاوزه ولذلك يجب توقيع عقوبة على الفاعلين لإنقاذ ما تبقى من المشاتل الموجودة وحلقات الزينة".
جهود غير بارزة
وشدد العميد عمرو فكري، رئيس حى حلوان، على ضرورة التصدي لكل مظاهر التعديات والإهمال التي تضرب بالأماكن العامة والجمالية، وقال إن الحي يبذل كل مجهوته للقضاء على آفة انتشار الكافيهات في المشاتل والأماكن الخضراء في شوارع المدينة.
وأكد أنه تم إصدار عدة قرارات بإزالة عددًا من التعديات، كما نسعى لتنفيذ عدد آخر من التعديات الجديدة.
ولفت إلى أن هذه المنشآت لم يتم إصدار تصريح لها لذلك تعتبر مخالفات صريحة ويجب إزالتها, فالأرض تكون مخصصة لإنشاء المشاتل فقط أو الحدائق ولا يحق إقامة أي مشروع عليها.