الجمعة 26 ابريل 2024

مثقفون: روايات الرعب والجريمة تشويق وتسلية وثقافة

روايات الرعب والجريمة تشويق وتسلية وثقافة

ثقافة6-2-2023 | 16:12

دعاء برعي

رصدت بوابة "دار الهلال" إقبالًا كبيرًا من جمهور المعرض وخاصة فئة المراهقين والشباب، على دور النشر التي تنشر روايات وقصص الرعب والجريمة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ54، فحاولت تتبع الظاهرة التي بدت واضحة وقوية، وذلك من خلال رؤية الناشرين والمثقفين لأسبابها ودوافعها..

 

تقول الكاتبة دينا قابيل: "لستُ ضد فكرة قراءة الرويات البوليسية وروايات وقصص الرعب والجريمة، مع ملاحظة أنه من وقت إلى آخر تظهر موضة ما، فالقارئ خاصة العادي أحيانًا قد يذهب إلى القراءة في التاريخ القديم، أو يتابع الروايات والقصص الرائجة على اختلافها واقعية أو رومانسية أو جريمة، ولكن من الضروري أن تكون الكتابة في مجال الرعب والجريمة داخل إطار المحتوى الأدبي التشويقي التثقيفي، مع مراعاة البعد النفسي والاجتماعي، فالكتابة المتميزة مهمُة جدًا في تناول مثل هذه القضايا على الأقل بالنسبة لي كقارئة.

وتضيف قابيل: "ربما يأتي إقبال الشباب بقوة على أعمال الرعب والجريمة إلى مواصلة هذا الجيل - جيل هاري بوتر- لمتابعة الفانتازيا والعمل الذي يحوي السحر والرعب والجريمة".

 

وترى الناشرة ليال رستم أن كتابات الرعب فيها إثارة وتشويق ورتم أسرع، وغالبًا تحوي فزورة يتم فك شفرتها بالنهاية، ومن ناحية أخرى قد تحمل وعيًا وفكرًا يرغب الكاتب في إيصاله للمتلقي كي يحمي نفسه. ولا ننسى أن هناك علمًا للجريمة، وهؤلاء الكتّاب الذين يدخلون إلى عالم الجريمة، يدخلونه عبر التفاصل وتتبع الخيوط النفسية والاجتماعية التي تحيط بمرتكبها، لذا الحبكة غالبًا ما يكون فيها غموض وبحث حول هذا الغموض، ومن ثم هناك جانب علمي وتشويقي. والجريمة موجودة في الواقع والتعرف على تفاصيل بعضها يحمل تنبيهًا وتحذيرًا للقارئ، ثم إن الرويات البوليسية موجودة من زمن. نعم قد تكون رواية الجريمة الآن تعالج بطريقة مختلفة، وتلقي الضوء على عوالم مختلفة، وبالتالي فالتعرف عليها لا يكون إلا من خلال المعالجة الفنية أدبًا أو سينما، الأمر الذي يعطي بعدًا آخر غير ما اعتدنا عليه في حياتنا اليومية المعتادة".

 

وتقول المطربة والكاتبة فيروز كراوية إن أعمال "الرعب" أدبًا وسينما يتابعها الشباب في العالم كله، حيث تشدهم بقدرتها على التشويق والتسلية، ونحن في مصر والعالم العربي ربما لم نعتد على هذا النوع من الأدب، لكنه بدأ في الحضور عندما ظهرت أسماء مثل أحمد مراد الذي تبعه كتّاب آخرون يكتبون في هذه النوعية من الأدب التي تجمع بين الرعب والتعقيدات النفسية بتهويماتها وهواجسها، وربما يكون هذا ما جذب كتّاب شباب إلى هذه الكتابة، ويمكن أن يجذب كتابًا آخرين من الشباب مستقبلًا، كون كتابة الرعب أصبحت حاضرة، ولا أرى الإقبال عليها ظاهرة تهديد للمجتمع.

وتتابع: "قد تكون كتابة الرعب غير موجودة في تاريخ الرواية العربية، لكن ذلك لم يمنع أن يكون في بعض الروايات ملامح للرعب، فنجيب محفوظ غامر في رواية  "اللص والكلاب" مثلًا، حيث حاول وضع ملمح من الرواية البوليسية، وفي فترة ما ظهرت كتب الألغاز للكاتب نجيب فاروق والمغامرين الخمسة وأعمال مشابهة تتكلم عن الرعب والعوالم الغامضة واختفت، لكن للأسف لم يكن لدينا أجاثا كريستي مثلًا وهي واحدة من أشهر الكتّاب بالعالم المتخصصين في رواية الجريمة والروايات البوليسية، وشخصيًا كبرت ولم أجد الكثير من هذه النوعية من الأدب، لكن الآن أصبح لدينا كتّاب مصريون يكتبونها وأصبح لها رواج كبير".

 

بوابة الدخول للقراءة

ويؤكد الكاتب الروائي أحمد القرملاوي أن حضور روايات وقصص الرعب والإقبال عليها أمر ظريف جدًا ومشجع ونحن معه، لأن روايات الرعب بالنهاية هي روايات شعبية جدًا وجاذبة، يمكن للقارئ أن يدخل من خلالها لعالم القراءة، وينتقل للروايات الإنسانية والفلسفية. إن روايات الرعب برأيي هي بوابة للدخول إلى القراءة، ولا أستبعد أن يقرأها الكبار وليس الشباب فقط، لأنها بالفعل ممتعة ومشوقة، وهذا جزء من الفن، فعموم الفن يفضل أن يكون مشوقًا وجذابًا من أجل أن يبقى حيويًا ومن ثُم يجد متلقيًا له..

ويضيف القرملاي: "أن هذا الجيل من الشباب المصري يمتلك ثقافة سينمائية، والسينما الآن يسود فيها هذا النوع من الحكي، الحكي المشوّق القائم على الرعب والجريمة والغموض وهكذا، وهذا اللون من الكتابة موجود وسيظل موجودًا، فنجيب محفوظ نفسه عندما كان يحكي عن رحلته كان يشير إلى أنه بدأ بقراءة كتب المغامرات والروايات البوليسية، ومن خلالها تطرق إلى أعمال العقاد وطه حسين ومن ثُم اختار دراسة الفلسفة، ليدمج كل هذه العوالم مع بعضها وينتج منتجه الخاص".

 

ويلفت الكاتب د.شهاب الخشّاب إلى وجود سببين وراء الإقبال على كتابات الرعب، الأول تأثيري حيث إن هناك جيلًا كاملًا من الشباب تربى على مشاهدة أفلام قنوات تبث أفلام الرعب، وقد أثّر ذلك كثيرًا على ذائقتهم، وأيضًا مشاهدتهم للأفلام الغربية عامة. والأمر الثاني أن الشباب يريد كتابة مختلفة عن السائد والشائع، ولقد تغيّرت ذائقة الشباب وأصبح لديه اهتمامات مختلفة عن المعتاد في ما يتعلق بالثقافة والإبداع.

 

تخطي الصعاب كما بطل روايته

وترى هدى فضل، مدير فريق التحرير في دار العربي للنشر والتوزيع أن التاريخ الحديث لقوة حجم الإقبال على شراء روايات الرعب والجريمة جاء مصاحبًا لبرنامج الرعب الشهير للإعلامي أحمد يونس عبر أثير الإذاعة ثم إصداوره لسلسة روايات الرعب "نادر فودة" والتي أثارت شغف المقبلين على شرائها ودفعتهم للسؤال عن سلاسل أعمال الرعب والجريمة، ثم بعد ذلك كانت مشاهدة الشباب لمسلسلات الرعب من خلال أحد التطبيقات الشهيرة عبر شبكة الإنترنت، التي تحتوي على التشويق والإثارة، وهكذا اندفع الشباب للبحث والسؤال عن كتب شبيهة لقصص هذه المسلسلات، وبالفعل كنا نرشح لهم روايات شبيهة، ومن هنا بدأنا نشر سلسلة كتب الرعب والجريمة، وألقينا الضوء على كتّاب جذبوا القرّاء ولفتوا أنظارهم.

وتضيف: "يعد أحمد خالد توفيق أول الكتّاب الروائيين المصريين الذين ألقوا الضوء على هذا النوع من الأدب عبر سلسلته الروائية "ما وراء الطبيعة" التي حققت انتشارًا واسعًا، ثم أحمد يونس، وأحمد مراد الذي مزج الرعب بالفنتازيا، وتوالت الروايات المصرية عن الرعب في الانتشار وإقبال الشباب عليها".

 

وبحسب هدى فضل فإن روايات الرعب والجريمة الأكثر انتشارًا بين الشباب في السنوات الأخيرة هي "امرأة في حقيبة"، و"الروليت الروسي" "امرأة في الظلام"، و"قرية الخطايا السبع" لرافاييل مونتيز، و"لصوص المقابر" لمؤلفتها السويسرية فرانسين ماري دافيد، التي قدمها الكاتب المصري أشرف العشماوي.

كما تشكل روايات جريمة الأدب الكوري إقبالًا واسعًا بين الشباب في آخر عامين، ومنها رواية "سبع سنوات في الظلام"، و"جريمة الابن الصالح" للمؤلفة الكورية جونج يو جونج.

 

وحول أسباب إقبال الشباب على روايات الرعب والجريمة تقول فضل: "يأتي السبب في إطار تعريفه بكيفية خروج أبطال هذه الروايات من المآذق والصعاب، كنوع من تحقيق الرغبة في الخروج من أي صعاب قد يتعرض لها، واكتسابه هذه المهارات، وربما تخطيه الصعاب بالانخراط  فيها، ما يرسّخ لديه مبدأ أنه مهما قابل في واقعه فحتمًا سينجو كما ينجو أبطال هذه الروايات".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     

 

 

 

Dr.Randa
Dr.Radwa