الحب بين دراما الواقع ودراما الخيال

يشير الحب إلى شعور الانجذاب القوي والتعلق، وهو أسمى المشاعر بين البشر مهما اختلفت أنواع العلاقات ومهما اختلف نوع و شكل أبطال هذه العلاقات
الدراما هى وسيلة كاشفة للمشاعر الصادقة مهما كانت قسوة هذه المشاعر، لذلك فهى تعتبر انعكاسا مباشرا للواقع المجتمعى بشكل حقيقى

كل يوم في حياتنا تبدأ قصة جديدة ونحن فقط الذين نملك القدرة على جعل هذه القصص واقعا نعيش به ونتعايش من خلاله ... الحب قائم على الإنسانية فكلما زادت مساحة الإنسانية بداخلك كلما زادت مشاعر الحب و العطاء .. الدراما هي مرآة للمجتمع بكل أطيافه و شخصياته و توجهاته، و هي الأكثر و الأسرع انتشارا داخل بيوتنا فهى أداه قوية للقوة الناعمة لتشكيل وجدان مختلف في المجتمع ... 
وتعد المسلسلات من أهم أشكال الدراما التلفزيونية، ويكمن تأثيرها في أنها تخلق جسرا من الترابط العاطفى بين الأبطال والمشاهدين، إذ يتحول أبطال المسلسل إلى رفقاء روحيين يأخذون حصة لا بأس بها من تفكير الناس وعواطفهم ويحتلون مكانا فى مناقشاتهم.
 إن الدراما والأعمال الفنية عموماً، سلاح مهم في مواجهة التحلل الاجتماعى والظواهر السلبية، ورافد مهم من روافد التربية على القيم والأخلاق الحميدة. وإذا حاولنا وصف معنى كلمه الحب فهو مجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابية والحالات العاطفية والعقلية قوية التأثير، تتراوح هذه المشاعر من أسمى الأخلاق الفاضلة إلى أبسط العادات اليومية الجيدة، المثال على اختلاف وتنوع هذه المشاعر أن حب الأم أو الأخت يختلف عن حب الزوج ويختلف عن حب الطعام، ولكن بشكل عام يشير الحب إلى شعور الانجذاب القوي والتعلق ... الحب هو أسمى المشاعر بين البشر مهما اختلفت أنواع العلاقات ومهما اختلف نوع و شكل أبطال هذه العلاقات ... لا تستغربوا كلمة أبطال لأن هذا ما تستخدمه الدراما في سرد حكاياتها فمن الممكن تكون بطلة الحكاية الأم مثل كريمة مختار في مسلسل ماما نونة تلك الأم التي تشع حبا لكل من حولها و من فرط هذه المشاعر تربى ابنها و تدلله فيصبح ضعيفا غير قادر علي تحمل المسئولية وهذا النوع من الحب موجود في المجتمع ويمكن بكثرة، وهناك حكايات كثيرة فى المجتمع من حولنا نجد فيها نفس البطلة ...ومن الممكن أيضا أن يكون بطل الحكاية الأب مثال عبد المنعم مدبولي في مسلسل "أبنائى الأعزاء شكرا" ذلك الأب الذى أفنى حياته فى تربية أولاده وتعليمهم حتي وصلوا لأحسن المناصب وغمرهم بحب وافر ولكن للأسف جعلهم أيضا أنانيين غير قادرين علي العطاء لأنه هو من كان يعطى ولا يأخذ منهم شيئا وعندما احتاج أن يأخذ جميعهم أعطوه ظهرهم، وهي أيضا حكاية من واقع حياتنا و هناك أيضا حب الأخت التى جسدته حنان مطاوع في مسلسل "إلا أنا" الأخت الجدعة المضحية فى سبيل أخوتها الصغار منها وحبها لهم وجعلهم أهم منها في حياتها حتى نست أن تعيش وهؤلاء الإخوة ردوا علي حبها بجحود و هذه الحكاية موجوده في مجتمعنا ... كل هذه الأشكال من العلاقات في المجتمع قائمة في الأساس علي الحب لكن بدون الإنسانية وليس هذا معناه أن الحب هو سبب من أسباب قلة الإنسانية في مجتمعنا الآن بالعكس أن من يحارب الأنانية و الجحود و الظلم و الضعف هو الحب ... نعم الحب كلما زادت مشاعر الحب السوية والتبادلية له داخل العلاقات كلما زاد الشعور بالإنسانية وقل العنف داخل المجتمع ... نجد أيضا حب الأخ مجسدا في صلاح السعدنى في مسلسل أرابيسك فكان دائما السند و الضهر ليس فقط لعائلته بل لكل الجيران و سكان الحى وهى درامة واقعية جدا وأظهرت كيف تغير المجتمع بعد الانفتاح ... أما ان تكلمنا عن حب الزوج فنجده في محمود ياسين في مسلسل اللقاء الثانى الذى كان كل حلقة حكاية مختلفة عن الحب من خلال واقع المجتمع ...ستجده فى نور الشريف فى "لن أعيش فى جلباب أبى" من خلال عبد الغفور البرعى الذى أحب فاطمة بالفطرة وبنا حياتهما بالحب .... الدراما هى وسيلة كاشفة للمشاعر الصادقة مهما كانت قسوة هذه المشاعر لذلك هى انعكاس مباشر للواقع المجتمعى بشكل حقيقى ... نجد مشاعر حب المرأة في كثير من الدراما بشتى الأشكال الزوجة الطيبة – الجدعة – الوفية حتي الأنانية و غير معطاءة و الشريرة وذلك لان المرأة من وجهة نظرى هى أساس أى حكاية ... إن تكلمنا عن حب الوطن و الانتماء سنجده في محمود عبد العزيز فى مسلسل رأفت الهجان إن الدراما والأعمال الفنية عموماً، سلاح مهم في مواجهة التحلل الاجتماعى والظواهر السلبية، ورافد مهم من روافد التربية على القيم والأخلاق الحميدة. أن أجيالاً من المصريين عاشوا لحظات تأثر خلال مشاهدة مسلسل "رأفت الهجان"، وأن هذا المسلسل ركز على غرس قيمة حب الوطن والتضحية من أجله، والمخاطرة بالنفس في سبيل حماية وخدمة مصالح الوطن وتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الانتماء القومى ستجده أيضا في أمير كرارة فى مسلسل "الاختيار" و تجسيد شخصية الظابط أحمد منسى الذى ضحى بنفسه هو وكتيبته من أجل مصر وكيف يكون حب الوطن هو الدافع الوحيد للتمسك بالحياة ...و لأن الدراما يأخذ من أبطالها قدوة و مثال يحتذون به ولأن الأخلاق والقيم من دعائم تطور المجتمعات والأمم، من هذا المنطلق فإن العديد من دول العالم - أياً کانت ديانتها- تنادى الآن بکل السلوکيات الإنسانية الکريمة، وتسعى إلى تربية أبنائها على القيم والأخلاق، لتحقق نجاحاً باهراً، وتقدماً ملحوظاً فى جميع المجالات، وقد وضعت مصر في خطتها الإعلامية التأکيد على دور الإعلام في بث القيم والأخلاق النبيلة ...فنجد مسلسل "ونيس" وما يحمله من معانى الحب من خلال أبطاله محمد صبحي وزوجته مايسة سعاد نصر على تربية أبنائهما الأربعة على الأخلاق والقيم الصالحة، وأثناء تأديتهم لهذه الرسالة يكتشفان أنهما يخالفان الكثير من القيم التي يحاولان زرعها فى أولادهما، فيحاولان التصحيح من نفسيهما.... إن مفهـوم الغـرس الثقافـى أقـرب مـا يكـون جـزءا من التفاعــل علــى مــدى فتــرة زمنيــة بيــن مصــادر المعرفــة والقيــم ونمــاذج الســلوك، يســاعد علــى واتجاهــات وأنمــاط ســلوكية تتشــابه مــع مــا يتعــرض لــه فــى المحتــوى لاكتســاب الفــرد أفــكارا عالمية، ويـزداد ذلـك التأثيـر فـى حالـة الدرامـا إلا أنها أكثـر المضاميـن التـى يقبـل عليهـا الجمهـور بشـتى فئاتـه، بالإضافة إلـى أن تقديـم تلـك القيـم والسـلوكيات مـن خـلال نمـاذج دراميـة تتشـابه فـى ظروفهـا الاجتماعية والنفسـيىة مـع حيـاة الفـرد تسـاعد بشـكل أكبـر علـى اكتسـاب القيـم والمفاهيـم والسـلوكيات المقدمـة مـن خـلال الدرامـا وهذا يساعد بشكل كبير فى تغير المفاهيم وتصحيحها ... لا يوجد مجتمع سوى بدون حب و كلما زادت مشاعر الحب داخل الدراما فى مختلف العلاقات وتبين للمجتمع أهمية التعامل بالحب و الإنسانية كما حدث في مسلسل "إلا أنا" و مايان السيد و الأب ياسر صادق لشرح كيفية التعامل مع مرض التوحد وكيف استطاعت الأسرة أن تتكيف معه وتنجح في علاجه و أيضا أمينة خليل في مسلسل "خلى بالك من زيزى" شرحت للمجتمع لمرض فرط الحركةADHD و كيف يكون الحب و الاحتواء و الفهم من أهم الأسباب للشفاء منه ...سيظل الحب هو الواجهة الأساسية للإنسانية ..."كلما زادت مشاعر الحب فى حياتكم كلما أصبحتوا إنسانا "....