ليلة الغد الجمعة إن شاء الله توافق ذكرى الإسراء والمعراج؛ وفي ذكري الإسراء والمعراج أستعرض مع حضراتكم عشر محطات :

1- المحطة الأولى: إعجاز لفظ المعراج :

المعروف علميًّا والثابت أن الفضاء الكوني لا يعرف الخط المستقيم، ولقد ثبت لنا عمليًّا أن أسفار الفضاء لا تتم في خطوط مستقيمة، ولكن في مسارات منحنية أو متعرجة، وأن الكون كله ينحني على نفسه ويقفل.

والعجيب؛ بل من أعماق الإعجاز العلمي في كتاب الله العزيز، أن يطلق هذا الكتاب مسبقًا على أسفار الفضاء الكوني، والصعود قدمًا في السماء - اسمَ العروج أو المعراج، معبِّرًا بذلك عن حقيقة أن مسارات تلك الأسفار كلها متعرجة أو منحنية، فأي إعجاز علمي أظهر من ذلك يتحدى الناس في عصر الفضاء؟

الآيات الكريمة:

أ  - {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤].

ب - {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} [الحجر: ١٤].

فالعروج هو تعبير قرآني يطابق الواقع .. فسبحان من هذا كلامه.

٢- المحطة الثانية: إن مع العسر يسرا  .

ففي الوقت الذي توفي فيه أبو طالب عم النبي؛ وتوفيت زوجه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وقد كانا سنده (وكان هذا في العام ١٠ من البعثة ، وقد سمي بعام الحزن) .. وبعد عودته ﷺ من رحلة الطائف (٦٠ميل عن مكة) وكان قد ذهب يدعوهم إلى الإسلام  فرفضوا دعوته وسلطوا عليه صبيانهم وسفهاءهم فرموه بالحجارة حتى ادمو قدميه الشريفتين وكان معه مولاه زيد بن حارثة (رضي الله عنه) .. فدعا ﷺ الدعاء المشهور (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني علي الناس ...... ) .. فاهتزت له السماوات والأرض .. فجاءة جبريل مسرعا ومعه ملك الجبال .. فقال يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول لك لو شئت أطبقت عليهم الأخشبين (جبلين بمكة) فقال النبي  ﷺ : لا ؛ عسي الله ان يخرج منهم من يقول لا اله إلا الله  ، فقال جبريل صدق من أسماك الرؤوف الرحيم .... فجاءت رحلة الإسراء والمعراج .. وكأن الله يقول لحبيبه إن كان أهل الأرض لا يعلمون قدرك يا حبيبي فلتعلم قدرك بين أهل السماء .

 

٣- المحطة الثالثة: صلاة النبي ﷺ في المسجد الأقصى بالأنبياء إماما .

كان هذا إيذانا بتسلم الأمة المحمدية لراية الدعوة إلى الله .. ولبيان مكانة المسجد الأقصى في الإسلام ؛ فالصلاة فيه بخمسمائة صلاة ، وفي المسجد الحرام بمائة الف صلاة ، وفي مسجد النبي بالمدينة بألف صلاة.

٤- المحطة الرابعة:  عن الأنبياء والرسل وأماكنهم في السماوات:

- ففي السماء الأولى قابل آدم عليه السلام  .

- وفي الثانية قابل ابني الخالة يحيي وعيسي عليهم السلام .

- وفي السماء الثالثة قابل يوسف عليه السلام، وقد أوتي شطر الحسن  

- وفي السماء الرابعة قابل إدريس عليه السلام

- وفي السماء الخامسة قابل هارون عليه السلام

- وفي السماء السادسة قابل موسي عليه السلام

وفي السماء السابعة قابل إبراهيم عليه السلام، وكان متكئا علي البيت المعمور  .. وهو بيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إلى يوم القيامة..

 

ه- المحطة الخامسة: عن الصلاة.

حيث أنها الركن الوحيد من أركان الإسلام الخمسة التي فرضت بلا وحي .. وقد فرضت مباشرة بين الله وبين رسوله من فوق سبع سماوات  .. للدلالة على أهميتها القصوى .. فلا ينبغي للمسلم ان يفرط فيها بأي حال من الأحوال.

 

٦- المحطة السادسة : مثال لما رآه النبي ﷺ في رحلته.

حيث رأي أناسا عرض عليهم لحم طيب ولحم خبيث ؛ فيتركون اللحم الطيب ويأكلون من اللحم الخبيث .. فسأل : من هؤلاء يا أخي يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء هم الزناة ..  نعوذ بالله.

 

٧- المحطة السابعة : قدْر النبي ﷺ عند ربه.

حيث بلغ رسول الله مالم يبلغه الخليل ووصل إلي مالم يصل إليه جبريل .. وصل رسول الله إلى حيث سمع صرير الأقلام في تصاريف الأقدار في حظيرة القدس في حضرة القدوس .. فكانت التحيات لله والصلوات الطيبات لله .. وفي هذا المشهد لم يكن هناك انس ولا جن ولا ملك لكي ينقل إلينا ما حدث .. لذا قال النبي (لا يعرف قدري إلا ربي).

 

 ٨- المحطة الثامنه : اذا كنت مؤيَّدا من قبل الله فسيجعل خصومك هم من يقومون بالدعاية لك ..  فالذي قام بعمل الدعاية للنبي ﷺ وبانه أُسريَ به من مكة إلى بيت المقدس  ثم عُرج به إلي السماء وعاد في نفس الليلة هو أبو جهل وجمع له القوم ليظهر للناس كذب محمد ..  فاظهر الله صدق رسوله.. فوصف لهم بيت المقدس بابا بابا ..

 

٩- المحطة التاسعة : إن الآخذ بالأسباب لا يتنافى مع صدق التوكل على الله .

فالنبي ﷺ ركب البراق من مكة الي بيت المقدس  ثم ربطه في الحلقة التي يربط فيها الأنبياء. وكان يمكن أن يكون الأمر كله من الله بكلمة "كن" .

 

١٠- المحطة العاشرة : الصديق وقت الضيق .

فحينما نقل خبر الإسراء والمعراج إلى أبي بكر رضي الله عنه قال (إني لا صدقة في ابعد من هذا ؛ إني لا صدقة في خبر السماء يأتيه في ساعة من ليل أو نهار، إن كان قال فقد صدق) .. ومن هنا لقّب أبوبكر (رضي الله عنه)  بالصديق.

 

وليس المطلوب أن نُحيي هذه الذكري وفقط ولكن أن نحيا بها أيضا .