السبت 20 ابريل 2024

حتى لا ننسى

مقالات20-2-2023 | 22:02

من المهم أن تعرف حجم التحديات التى واجهت الدولة المصرية، حتى تدرك قيمة ما تحققه من نجاحات وإنجازات، فيجب ألا ننسى ما كنا عليه، ونعى ما أصبحنا فيه، فالحقيقة أن مصر واجهت تحديات وتهديدات بلا حدود سواء على مدار «٥ عقودً»  من تفاقم الأزمات والمعاناة وغياب رؤية وشجاعة الإصلاح الحقيقى الشامل، أو ما حدث فى يناير 2011 وما أدى إليه من كوارث وفوضى، كبدت الدولة خسائر فادحة وصلت إلى 450 مليار دولار وتعرضت الدولة بسبب هذه الفوضى والانفلات إلى حالة انكشاف خطيرة، وأيضاً تهديدات غير مسبوقة، وحالة انهيار واضحة فى شتى المجالات والقطاعات، وزاد الضغط على ميزانية وموارد وقدرات الدولة المحدودة آنذاك سواء من خلال المظاهرات الفئوية، مع شبه توقف للإنتاج وتفشى ظاهرة الإضرابات والاعتصامات، وفقدان عوائد السياحة، حتى أصبحت الأمور تنذر بكوارث حقيقية، وهو ما أدى إلى تآكل الاحتياطى النقدى الأجنبى فى البنك المركزى، لذلك أقول إن حجم التحديات التى واجهت الدولة المصرية هو أمر يصعب وصفه، وأقل وصف له أنه كان كارثياً بالمعنى الحقيقى للكلمة.
قبل الخوض فى التفاصيل، أرى دائماً أهمية أن يعرف ويدرك المصريون حجم التحديات والمشاكل والأزمات التى كانت تواجه البلاد، من انهيار فى مستوى جودة الحياة والخدمات، وتفشى ظاهرة الطوابير للحصول على السلع والخدمات، وهو ما كان يعكس الوضع الاقتصادى المأساوى الذى كانت تعيشه مصر قبل انطلاق أكبر عملية بناء وتنمية، متزامنة مع إصلاح حقيقى ونجاح استندت إلى رؤية وإرادة صلبة بل قدرة فائقة على تحدى التحدى. من هنا ندرك قيمة وعظمة ما تحقق على مدار الـ «8 سنوات» الماضية، من إنجازات ونجاحات وتنمية فى كافة ربوع مصر أعادت الدولة للحياة من جديد، وبعد أن كانت شبه أو أشلاء دولة تحولت إلى دولة حقيقية، قوية وقادرة.
الحقيقة أن تجربة مصر فى تجاوز الأزمات والتحديات وفى البناء والتنمية والإصلاح تستحق أن تكون ملهمة وفريدة ومتفردة خاصة أنها انطلقت من واقع شديد الصعوبة والقسوة، لكنها نجحت فى عبور كل ذلك، وحلقت بعيداً لتخلق فرصاً كثيرة، ومستقبلاً واعداً يضع الدولة المصرية على طريق الصعود، المرتكز على قواعد وأرضية صلبة تمتلك كافة المقومات والإمكانيات والفرص، والقدرة على النجاح.
لا يخفى على أحد أن مصر خلال «٥ عقود» واجهت معاناة عميقة، وأزمات معقدة، تكالبت وتراكمت فيها التحديات والأزمات وغابت عنها رؤية الإصلاح والبقاء.. فالإصلاح الحقيقى غاب للعديد من الأسباب سواء عدم الشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار سواء خشية رد الفعل الشعبى، أو عدم قدرة الجهاز الإدارى على تنفيذ الإصلاح، أو تداخل وتعقد وتراكم وتفاقم الأزمات، أو حرصاً على الاستقرار الهش الذى خلف العديد من الكوارث والأزمات والتحديات وتراكمها.
الحقيقة أيضاً أن من أبرز المعاناة على مدار الخمسين عاماً الماضية هو غياب رؤية البناء والإصلاح، فجميع المحاولات كانت تفتقد للنضج أو استشراف المستقبل، غابت عنها الإرادة والمتابعة، وكانت متواضعة فى طموحها ومحدودة فى أهدافها يشوبها الكثير من العوار والإهمال لذلك لم تفض إلى نتائج حقيقية.
من أبرز المظاهر السلبية فى الخمسة عقود، وجود تحدى النمو السكانى المنفلت، والتعدى على الأراضى الزراعية الأكثر خصوبة، وانتشار العشوائيات، وتراجع الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة تراجع التعليم والصحة، ووسائل النقل، والبنية التحتية وتفشى ظاهرة الطوابير، والاعتماد على الاستيراد من الخارج بنسبة تزيد على ٥٦٪ لتوفير احتياجات دولة فى حجم مصر ومكانتها، وعدم القدرة على تعظيم الموارد المصرية، ومصادر الدخل، حتى بات المصريون يحفظونها عن ظهر قلب لم تتغير على مدار عقود، لم تكن هناك رؤية لاستغلال المميزات والفرص والثروات وأفكار خلاقة تستطيع ان تواجه الصعوبات ومحدودية الموارد. 
ومع أحداث يناير 2011 تفاقمت الأزمات ولم يكن فى حقيقة الأمر تغيير يهدف إلى الاصلاح ولكن تدميراً يزيد الأوجاع والآلام، وتفشى الأزمات وتعقيد الأمور، فقد خسرت مصر بسبب أحداث الفوضى 450 مليار دولار وهو رقم كبير فى ظل دولة محدودة الموارد، كانت فى حاجة إلى الاستفادة من هذا المبلغ الكبير فى حل الكثير من الأزمات.
لم يقتصر تأثير فوضى يناير 2011 على الداخل فحسب ولكن على الخارج ايضا فى تراجع دور مصر.
وتعرضت لحالة انغلاق وتفرغ لمجابهة التحديات الداخلية، ومحاولات وجهود شريفة ومخلصة لجيش مصر العظيم لانقاذ البلاد من السقوط الأمر الذى تسبب فى حالة من الانشغال بالداخل مما أعطى الفرصة للمتربصين بمحاولة العبث فى مقدرات وحقوق مصر المشروعة خاصة مياه النيل بالاضافة إلى تنامى الاطماع والأوهام.
ازداد الأمر تعقيداً، وارتفع مؤشر الفشل والانهيار، عندما وصل الإخوان المجرمون إلى حكم مصر، لذلك كان عام الفشل والانهيار، كشف الشعب الوجه الحقيقى، للجماعة الإرهابية، وانها جماعة فاشلة وفاشية، جل اهتمامها هو الأهل والعشيرة وتنفيذ تعليمات وأجندات الخارج، وتسديد فواتير التمكين، فشلوا فى كل الاختبارات، اثبتوا انهم لا يعرفون شيئاً عن قيادة دولة فى حجم مصر، تمسكوا بمفهوم الجماعة على حساب الدولة، عانوا من حالة تصحر فى الكوادر المؤهلة للإدارة وتولى المسئولية، بعد مائة يوم كاملة، كشف الشعب المصرى، ان وعود الجماعة مجرد أوهام وأضغاث أحلام، الأزمات والمشاكل تفاقمت، ارتفع صوت أنين وأوجاع المصريين، امتدت طوابير التكالب على الخدمات والاحتياجات، الكهرباء حالة شبه انقطاع، تعامل خارجى أشبه بالعصور البدائية، فى جهل وغباء بقيمة ومكانة مصر كأول دولة عرفها التاريخ.
حالة الانهيار الغريبة التى وصلت إليها مصر على يد الإخوان المجرمين، وخيانتهم، كانت سبباً مباشراً، لخروج المصريين فى ثورة 30 يونيو 2013، لعزل الجماعة، وانقاذ الوطن، لكن الجماعة الإرهابية لأنها كان هدفها السلطة دون وجود ادنى مقومات أو جدارة أو قدرة، لذلك بعد عزلها جن جنونها، وانطلقت فى محاولات لاستباحة واسقاط البلاد، وكشفت عن وجهها الارهابى الحقيقى واستهدفت أرواح وأموال المصريين وتمادت فى الإجرام والقتل والاغتيالات والتفجيرات واستجمعت كل أذنابها الارهابية من جماعات شتى تنتمى إلى رحم الاخوان الخبيث.
بعد ثورة 30 يونيو العظيمة، تصاعدت وتيرة العمليات الارهابية الاجرامية لجماعة الاخوان وأذنابها، واستهدفت إسقاط الدولة المصرية ونشر الخوف والفزع وغياب الأمن والاستقرار، لكن مصر وقفت بالمرصاد ونجح أبطال الجيش المصرى العظيم والشرطة الوطنية فى دحر الارهاب واستعادة الأمن والاستقرار، وفى ذات الوقت انطلقت مصر فى تنفيذ أكبر عملية بناء وتنمية وإصلاح لتحقق نجاحات وإنجازات غير مسبوقة، وتعطى الدرس والمثل فى القدرة على التغلب على الصعاب والتحديات والتهديدات وتعود مصر من جديد على يد قائد عظيم هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، امتلك الرؤية والإرادة وصنع المعجزات وقهر التحديات.
من المهم أن نعرف قيمة ما حققناه وأنجزناه.. ومن المهم أيضا أن نعرف كنا فين وبقينا فين، فما حدث فى مصر على مدار السنوات الـ 8 الماضية هو معجزة قبل التأسيس انقلبت من الخوف والهلع إلى الأمن والاستقرار، ومن التحديات إلى الإنجازات، ومن التراجع إلى التقدم بثبات لابد أن نتوقف كثيراً أو طويلاً أمام ما حققه الرئيس السيسى لوطنه، ودائماً يكرر الرئيس أنه بفضل الله وتوفيقه وكرمه على مصر .
حتى لا ننسى، لابد أن نعى جيداً ونتذكر فترات قاسية مرت على مصر وشعبها، كانت فيها البلاد على وشك الضياع، لكن بفضل الله وعطاء الشرفاء أصبحت مصر تحظى باحترام وتقدير العالم، بما صنعته وفق رؤية قائد عظيم، امتلك الرؤية والإرادة والقدرة على تحدى التحدى، دائماً يكرر أن ما تحقق من نجاحات يعود إلى عمل وإرادة وصبر وتضحيات المصريين، مؤكداً أن الشعب هو البطل.. والحقيقة أن الشعب وجد القائد الوطنى الشريف المخلص، فالتف حوله ووثق فى كل خطواته، مؤمنًا أنه أبداً لم ولن يخذلهم، وتحقق لمصر وقائدها وشعبها ما أرادت.