تفاعلت أزمة التعديلات القانونية في إسرائيل وبدأت آثارها في الانعكاس على أوضاع الاقتصاد، وأكدت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" وفقا لمسئولين مصرفيين في تل أبيب أن ما لا يقل عن 4 مليارات دولار أمريكي قد خرجت من إسرائيل خلال الأسابيع الثلاثة الماضية على خلفية أزمة الإصلاحات القضائية عبر تحويلات لبنوك أجنبية وهو ما صاعد من مشاعر الخوف في صفوف رجال الأعمال والمستثمرين.
وفي السياق ذاته.. قالت صحيفة ياديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن المليارات التي نزحت عن إسرائيل قد اتجهت إلى أوروبا والولايات المتحدة وأن معظمها تم لحسابات أفراد وليس حسابات مؤسسات، إلا أن ياديعوت أحرونوت أشارت إلى أن ما لا يقل عن 50 شركة إسرائيلية معظمها يعمل في القطاع التكنولوجي قد حولت أموالا إلى خارج إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين.
يأتي ذلك في وقت تتعالى فيه تحذيرات رجال المال والأعمال والصناعة في إسرائيل وخبراء الاقتصاد من مغبة حزمة الإصلاحات القضائية التي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إقرارها من الكنيست وأثار ذلك الإجراء على مستقبل الاستثمارات في إسرائيل بذات القدر الذي ستتأثر بها سمعة العدالة وحيدة القضاء وصورة البلاد الديمقراطية.
فبحسب ياديعوت أحرونوت يبدي مسئولو البنوك في إسرائيل تحفظا على الإفصاح عن حجم الأموال التي تخرج يوميا من شبكة الاقتصاد الإسرائيلي إلى خارجه غير نافين لحدوث ذلك، واكتفى إنجيل عوفير المستشارة المالية لمجموعة لاورين للاستثمارات المالية في إسرائيل بالقول في مقابلة حصرية مع "ياديعوت أحرونوت" أن الأسابيع الأخيرة قد شهدت خروجا ما بين 2 إلى 4 مليارات دولار أمريكي خارج إسرائيل متوقعة استمرار خروج الأموال على هذا المنوال في الأسابيع القادمة.
وأعرب خبراء إسرائيليين أن يقود هذا الوضع إلى فرض الحكومة الإسرائيلية قيودا على حركة الأموال إلى خارج إسرائيل أو أن تضع على أفضل تقدير حدودا قصوى لها، فيما أشار آخرون إلى أن كثيرا من الإسرائيليين ممن يمتلكون ثروة نقدية سائلة تتراوح ما بين 5 إلى 50 مليون دولار أمريكي قد تقدموا بطلبات تجنس بجنسية دول أخرى لتحويل أموالهم اليها كملاذ آمن في بنوكها.
ونبه مصرفيين كبار – بحسب الصحيفة الإسرائيلية – وزير المالية الإسرائيلي بيزائيل سورتك من احتمالات كبيرة لتعرض الاقتصاد الإسرائيلي لأزمة في حالة نجاح الحكومة الحالية في تمرير حزمة التغييرات المقترحة في المنظومة القضائية والتي تطلق عليها الحكومة "مسمى إصلاح قضائي".
وبحسب عور ليفين الرئيس التنفيذي لبنك التسويات والخصم الإسرائيلي "جاء تحذير المصرفيين في اجتماع دعا إليه قبل أسبوع الاتحاد الإسرائيلي للبنوك حضره وزير المالية الإسرائيلي وصدر في ختامه بيان كشف فيه عن إرهاصات سلبية على مسار الاقتصاد الإسرائيلي بسبب تلك الإصلاحات القضائية المقترحة والتي ستقود البلاد إلى الأسوأ في أوضاع مضطربة يشهدها اقتصاد العالم".
وأشار المسئول المالي الإسرائيلي إلى أن عددا من الشركات الكبرى في إسرائيل تقدر رؤوس أموالها الإجمالية بما لا يقل عن مليار دولار أمريكي ينتابها الفزع على مستقبل اقتصاد إسرائيل وأنها قد بادرت بطلب سحب كميات ضخمة من أرصدتها في البنوك الإسرائيلية لتحيلها إلى مصارف أجنبية وذلك نزولا على طلب من شركائهم الأجانب في خارج إسرائيل.
وفى الخامس من يناير الماضي وقع 50 من كبار رجال الاعمال فى اسرائيل على مذكرة تحذيرية وجهوها للرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوج حول ما اعتبروه في مذكرتهم "تداعيات وانقسامات خطيرة على مستقبل اقتصاد إسرائيل" إذا أصر الائتلاف الحاكم في إسرائيل على تمرير حزمة من التغييرات على منظومة العدالة والقضاء في إسرائيل.
وقالت مصادر صحفية وإعلامية في إسرائيل أن مذكرة رجال الأعمال قد أرسلت أيضا إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذلك أرسلت إلى إيستر هايوت رئيس المحكمة العليا في إسرائيل، وإلى عامير أوهانا رئيس الكنيست، ويائير لابيد زعيم المعارضة في الكنيست.
ومن بين الموقعين على المذكرة إيتان بارزائيف الرئيس التنفيذي لمؤسسة زيفي شويمر التي تعد كبرى سلاسل التسوق الكبرى الإسرائيلية، وهاي جاليس الرئيس التنفيذي لمجموعة اليكترا الإسرائيلية للمنتجات الكهربائية وهاريل وازيل رئيس مجموعة فوكس المالية الكبرى، كما كان أفي إيدري المدير العام لمؤسسة سينما سيتي الإسرائيلية لصناعة الدراما والترفيه من بين الموقعين على المذكرة وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة جلوب بيزنس الإسرائيلية في طبعتها المسائية اليوم.
ووصفت المذكرة الإصلاحات التي تسعى حكومة نتنياهو إلى تمريرها تشريعيا عبر الكنيست بأنها "انتقاص من قيم الديمقراطية وسيادة القانون، وتغولا من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية في إسرائيل" داعين فيها إلى أخذ الوقت الكاف لعمل حوار توافقي حول تلك الإصلاحات المقترحة يشارك فيها رجال الأعمال وقيادات المجتمع الإسرائيلي.