الأربعاء 26 يونيو 2024

دعوة طلاق

29-8-2017 | 14:24

بقلم : ماجدة محمود

منذ أيام بينما كنت أتصفح المواقع الإلكترونية كعادتى لمتابعة أهم الأخبار وما يحدث فى الدنيا من حولنا، لفت نظرى خبر عن انتشار ظاهرة حفلات الطلاق فى السودان, وبالصدفة كانت إحدى قنوات الأفلام تعرض الفيلم الرائع "حلاق السيدات" بطولة عبد السلام النابلسى وإسماعيل يس وفاتنة المعادى الفنانة كريمة, وتوقفت عند آخر مشهد فى الفيلم عندما أقامت البطلة حفلا لطلاقها بعد انتصارها على صديقاتها اللاتى رتبن لها مقلب لتزويجها من المليونير المزيف وأفسدن زواجها من المليونير الحقيقى, عندما كنا نشاهد أحداث الفيلم وخاصة هذا المشهد كنا نضحك كثيرا ونندهش من فكرة إقامة حفل طلاق لأن المعتاد والمألوف هو إقامة حفل زفاف, وأن المرأة عندما تمر بتجربة الطلاق مهما كان الزواج مريرا والزوج متعبا كانت تنتابها حالة من الضيق والقلق لما ينتظرها بعد الانفصال, ولم نتوقع يوما أن نرى حفلات للطلاق ودعوات يتم طباعتها خصيصا لهذا الحدث, وكنا نعتبره نوعا من الدعابة!

إلا أن الأيام أثبتت عكس ما كنا نتوقع, وبعد تدقيق وتمحيص وبحث وجدت أن هذا النوع من الحفلات منتشر فى كثير من البلاد بما فيها مصر, بل أن مصر كانت فى المقدمة ليس فقط من خلال مشهد حلاق الستات ولكن على يد الفنانة القديرة مديحة يسري, فهى أول من أقامت حفلا بعد طلاقها من الفنان الراحل محمد فوزى وقلدتها من الفنانات الشابات هنا شيحة.

الجديد فى الموضوع أن هناك دعوات يتم طباعتها تكتب فيها المطلقة: تتشرف السيدة (….) بدعوة حضراتكم لحفل طلاقها من الأستاذ (….) والعقبى لكل امرأة تريد أن تتخلص من زوجها مثلي أنا.

ودعوة أخرى تبدأ بجملة: نهاية ألم، بداية أمل، وثالثة: توبة إن كنت أتجوز تانى توبة!

ويرجع علماء النفس انتشار ظاهرة إقامة حفلات الطلاق إلى الرغبة فى التنفيس عن الأذى الذى تعرضت له المرأة، إضافة إلى أنها تعتبر هذا التقليد نوعا من أنواع الفخر بالنصر ونيل الحرية خاصة مع طول فترات التقاضي, كما أنها أى المطلقة تنتظر من المدعوات كلمات التشجيع والثناء عليها كنوع من المساندة لموقفها.

الغريب أن كيد النسا وصل فى موريتانيا إلى حد حرص الأسر خاصة الأمهات والأخوات على استقبال المطلقة حين تعود من بيت زوجها بالزغاريد لدعمها حتى لا تشعر بالفشل, وفى اليوم التالى لانتهاء العدة تقيم المطلقة حفلا تستقبل فيه الصديقات وهى فى أبهى زينة وأشيك ثياب, وتردد الحاضرات أغانى شعبية من التراث الموريتاني تحمل معانى العزاء والمواساة, ويتم دعوة رجال العائلة فإذا أبدى أحدهم الرغبة فى الارتباط بها وقبلت تتم الخطبة لفترة بغرض التعارف وإذا حدث الوفاق تم الزواج!

من الأمور التى توقفت أمامها باندهاش انتشار هذا النوع من الحفلات فى السعودية منذ عام 2009, تقريبا مرجع اندهاشى أن المجتمع السعودى مجتمع منغلق على نفسه لكن ما دفع المطلقات إلى هذا السلوك عنجهية الرجل وتسلطه والزواج بأخرى وعدم حصول المرأة على حقوقها، كل ذلك أدى إلى خروجها عن المألوف واحتفالها بخلاصها من القهر الذى استمر طويلا فى ظل الاستبداد الذكورى وكثرة الإجراءات القضائية فى دعاوى الطلاق.

حفلة طلاق، ودعوة طلاق أخذت فى لبنان شكلا مختلفا, ودعونا لا نندهش أو نبدى استغرابا لأن المجتمع اللبنانى هو الأكثر انفتاحا وتحررا، ففى لبنان يقيم أيضا المطلق حفل طلاق يدعو فيه الأهل والأصدقاء احتفالا بالعودة لأيام الحرية والعزوبية والتحرر من قيد الزواج وتحكم الستات، والغريب أن ترى أصدقاء مشتركون للطرفين يحضرون فى ليلة حفل طلاق الزوجة وفى ليلة أخرى حفل طلاق الزوج، ترى ماذا يقولون ولمن يتحيزون؟! ببساطة لا يحدث أى انزعاج من أى نوع لأن المطلقة أحيانا تكون مشاركة لطليقها فى احتفاله كما يفعل هو نفس الشيء، وعلى رأى وداد حمدى فى فيلم الأيدى الناعمة: أصحاب آه، أقارب لا!

    الاكثر قراءة