حوار : صلاح البيلي
أكد وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، الشيخ السعيد محمد علي، أن مشروعات «صكوك الأضحية»، التي انتشرت خلال السنوات الماضية، تعد من الأمور الجائزة؛ لمساهمتها في إنقاذ فقراء المسلمين، بمختلف أنحاء الأرض.
وأوضح في حوار أجرته معه «الهلال اليوم»، أن إقبال الحجاج، وغيرهم، على مشروع الصكوك، يعد من الأمور المستحبة، التي تحيي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتمكّن الجهات التي تعمل في هذه المشروعات، من توصيل اللحوم إلى المحتاجين في كل مكان من العالم، وإلى تفاصيل الحوار.
يستعد ضيوف الرحمن لأداء فريضة الحج والوقوف بعرفة بعد غدٍ فكيف يمكن لغير الحجاج أن يستقبل هذه المناسبة العظيم؟
من سنن الله في الأرض، ألا يترك عباده دون طاعة مستمرة؛ لذا فما أن يخرج المسلمون من فريضة الصيام، وزكاة الفطر، حتى يجد نفسه في استعداد جديد لفريضة الحج، وسنته وهي العمرة، وفي هذا ترابط عجيب ورائع، بين فرائض الصيام، ثم زكاة الفطر، ثم الحج، بما يجعل المسلم في طاعة متواصلة.
في مثل هذا الوقت من كل عام تثور التساؤلات حول «صك الأضحية» ومدى مشروعيته فما رؤيتكم لتلك المسألة فقهيا؟
كان المسلم قديما يذبح أضحيته أمام عينيه، سواء كان محرما، أو لم يكن حاجا، أما حاليا فقد صار ذلك من الأمور الصعبة، لكثرة الأعداد، وأيضا ارتفاع الأسعار في بعض البلدان، وانتشار الغرباء؛ حتى لم يعد من اليسير معرفة مستحقي لحوم الأضحية، فتدخلت البنوك والجمعيات الخيرية، للذبح بدلا من الراغبين في تقديم الأضحية، مقابل صك يتسلمه المضحي، مقابل ثمن أضحيته، أو جزء منها، وأرى أن هذا أمر مشروع؛ لأنه يساهم في وصول لحوم الأضحية إلى المحتاجين، وعدم هدر أي كميات منها، وتتحقق الاستفادة للجميع، كما يتحقق الهدف من الأضاحي، وإلا فكيف ستصل لحوم الأضحية إلى الآلاف من المسلمين الفقراء في الصومال، وغيرها من البلاد التي يموت أبناؤها جوعا.
وهل يجزئ الصك عن الحاج أيضا؟
نعم فك الأضحية جائز للحجاج أيضا، إذ تتولى البنوك والجمعيات الخيرية، بيع صك الأضحية لضيوف الرحمن، وتقوم هي بالنيابة عنهم بشراء الأضاحي من الجمال، والبقر والجاموس والأغنام والماعز؛ وذبحها وتقسيمها وتغليفها وتوزيعها على الفقراء، ممن بعدت قراهم وبلادهم، وهذا هو فقه الدين، وهو الصواب، الذي يتماشى مع تطور الحياة.
وهل من دليل على صحة هذا الرأي؟
هذا العمل يمثل تأسيا بنهج وصنيع النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته، فقد قسّم علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، العمل في بيته بين أمه فاطمة بنت أسد، وزوجته فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت أمه تتولى شراء حاجات البيت من السوق، وتتولى زوجته طحن الشعير لخمس ساعات يوميًا على الأقل، ثم تعجن الدقيق ثم تخبزه، أما هو فكان مع رسول الله في الجهاد والدعوة، ولم تكن مهمته الطعام والشراب، وهذا عكس حالنا اليوم، حين نقول عن العمل إنه «أكل عيش»، وهو ليس كذلك؛ لأن أكل العيش ليس مهمة الرجال، بل إنه مهمتهم هي العمل لوجه الله، وللدين وللرسالة، لذا فنحن لسنا مثل الصحابة، ولا نتشبه بهم.
برأيكم ما هي أولويات المسلم في الحياة؟
على كل مسلم أن يضع نفسه في مقارنة بين الصالح، والأصلح، وليس بين الصالح والسيء، أو بين السيء والأسوأ، فهناك ثلاثة مستويات للمقارنة وعلى المسلم أن تكون همته في أعلاها، وهي صفة الأصلح، وأن ننظر للأمام وليس للخلف، وعلى سبيل المثال: إذا سألت مدخنًا لماذا لا تتوقف عن التدخين؟ قال لك: «أنا أحسن من غيري الذي يدمن على المخدرات»، أي أنه قارن نفسه بالأدنى، فلم لا يقارن نفسه بالأعلى، فالمطلوب أن نقارن أنفسنا بالمستوى الأعلى، حتى نصلح من أنفسنا، وأن نجتهد لنكون مثل: الصحابة في جهادهم وصيامهم وصلاتهم وقيامهم الليل ليرضى عنا المولى عز وجل.