تعتبر ملك حفني ناصف أو " باحثة البادية " من أهم رموز المرأة في العصر الحديث، لدورها الكبير في المطالبة بحقوق المرأة ونشر الكتابات الهادفة التي ناقشت وضع المرأة في التعليم والزواج والطلاق، في السطور التالية نستعرض أهم محطات من حياتها بمناسبة الاحتفال بشهر المرأة .
ولدت ملك في القاهرة في ديسمبر عام 1886 لأسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، كان والدها حفني ناصف محاميًا، الّف العديد من الكتب المدرسية ، وهو الذي شجع ابنته على التعليم وأحبت مملك القراءة وزاد شغفها بالشعر وكانت تلجأ للكتابة في أوقات فراغها.
كانت ملك من الدفعة الأولى من خريجي قسم البنات في مدرسة عباس الابتدائية في عام 1901، وواصلت تعليمها في المدرسة السنية لتدريب المعلمين، وتخرجت من هناك عام 1903 وكانت الأولى علي دفعتها ، تزوجت ملك في عام 1907 من عبد الستار الباسل باشا ، واضطرت للاستقالة بعد عامين من عملها بالتدريس لأن القانون المصري كان يمنع عمل المرأة في مجال التدريس بعد زواجها آنذاك، ولأنها لم تنجب الأطفال، قام زوجها بإعادة زوجته السابقة إلى عصمته، والتي كان قد رزق منها بفتاة قبل طلاقهما، فعادت ملك إلى مدرسة عباس لتعمل كمدرسة هناك مرة أخري.
بدأت الكتابة باسم مستعار واتخذت من اسم باحثة البادية لقبا لها ، وكرست كتاباتها حول وضع المرأة المصرية ، و بدأت بنشر أعمالها في الصحف، كما تحدثت في المنابر الجامعية والمقرات الحزبية وفي عام 1909 نشرت إحدى الصحف مجموعة من مقالاتها وكتاباتها، وهكذا شكلت صوتًا مناصرًا للمرأة في المجتمع وتشابهت كتاباتها إلى حد كبير مع العديد من كتاب تلك المرحلة أمثال مي زيادة وقاسم أمين.
كما دعت إلى إجراء تغييرات جذرية فيما يخص قوانين الزواج، فناصرت حق المرأة في أن تكون قادرة على الطلاق حتى عند عدم موافقة الزوج كما طالبت بمنع زواج الفتيات أقل من 16 عاما، ، وفيما يخص تعليم المرأة، فقد رأت أن توجيه المرأة علميًا يشكل عاملًا مهمًا للارتقاء بوضع المرأة المجتمعي، واقترحت مجموعة من الإصلاحات لتحسين ثقافة الفتيات الدينية، ودعت لتوسيع مدارس التمريض.
قامت ملك ناصف بتأسيس “اتحاد النساء التهذيبي”، ليضم الكثير من السيدات المصريات والعربيات وبعض الأجنبيات، وكان يهدف إلى توجيه المرأة إلى ما فيه صلاحها، والاهتمام بشؤونها، كما كوَّنت جمعية للتمريض لإغاثة المنكوبين المصريين والعرب، وكانت الأساس لما عرِف فيما بعد بـ ” الهلال الأحمر” وذلك إبان اعتداء إيطاليا على طرابلس.
كما أدلت بمجموعة من الآراء تمثلت بعشر مقترحات لتحسين حياة المرأة المصرية، وطرحت افكارها هذه في المجلس التشريعي المصري عام 1911 حيث ناقشت الأفكار الخمس الأولى تعليم المرأة وضرورة تلقينها مبادئ التمريض والإسعافات الأولية والاقتصاد؛ في حين ناقشت الأفكار الباقية حقوق المرأة الأخرى كالزواج والطلاق والنقاب.
توفيت ملك حفني ناصف عام 1918 بعد إصابتها بالحمي الاسبانية عن عمر يناهز 32 عاما.