السبت 20 ابريل 2024

هوج بول.. مع من نتعاطف ولمن نغضب

مقالات5-3-2023 | 18:10

في الوقت الذي طرحت فيه الدولة شهادات سنوية بعائد يصل إلى 25%، وهو معدل فائدة غير مسبوق تجاهل مئات الآلاف تلك الأدوات الآمنة ليتجهوا بحر إرادتهم إلى رهان أحمق حول عمليات تعدين الأموال المعروفة بالعملات المشفرة لتضيع أموال تقدر بالمليارات في عملية الاحتيال الأخيرة لشركة هوج بول التي باتت حديث الساعة على الرغم من تجريمها قانونا وحظرها من البنك المركزي وهنا لا نعرف مع من نتعاطف وممن نغضب ولا نفهم من الجاني ومن المجني عليه؟! وبأي منطق طلب هؤلاء الضحايا الاستغاثة عبر بلاغات رسمية.. ما علينا؟!

الشئ اللطيف أن القائمين على برنامج هوج بول كانوا بصدد إصدار تطبيق آخر باسم  RIOT لاستكمال استغفال البعض الذين قلت همتهم وكثر طيشهم وتطلعوا للثراء من غير وجه حق فضاع منهم كل شيء.

أما الشئ المؤلم كيف غاب عن هؤلاء ومنهم متعلمون أن مثل تلك شركات توظيف الأموال تدرك تماما خطواتها وتعرف جيدا مزاج من تستهدفه بداية من الاسم فـ"هوج"، معناها الطيش والحماقة وهو تعبير صادف أهله لتكون الشركة اسما على مسمى ومرورا بتخير الفئة قليلة الحيلة في المجتمع من الذين لا يفهمون للاستثمار معنى أو لجنى الملايين طريقا ويستخدمون أساليب جديدة قديمة للايقاع بهم بداية من ضآلة المبلغ الممكن استثماره واستغلال هوس الشباب بشراء آلات مساعدة للتنقيب للعملات الرقمية في خارج مصر حيث لا يتعدى ثمن الجهازالـ400 جنيه ويدر عائدًا يوميًا يقدر ب30 جنيها أليس أمرا مغريا بالغ الجاذبية،  وبالطبع كلما زدت من عدد أجهزتك زاد العائد في وقت لا يبذل أي من القائمين على الشركة أية مجهود فككل شخص يدعو غيره ليتراكم الضحايا كتطبيق حرفي لهرم بونزي أشهر محتال سلك مثل هذه الطرق من  قبل ولحبك المسألة  تفتح الشركة نشاطا رسميا في جهاز تنمية التجارة الداخلية بوزارة التموين، وتستخرج سجلا تجاريا باسمها في مجال التكنولوجيا لتصدر تلك الشهادة الرسمية في على موقعها الرسمي ليزداد الأمان لدى الضحايا إذن نحن أمام نقلة  في أسلوب  الاحتيال وأيضا تطور في نوعية ضحايا توظيف الأموال البداية من الريان والانتهاء بهوج بول ليرث صاحب النصباية محمد جمعة محمد الصعيدي ميراث بونزي صاحب النظرية إن جاز التعبير.

الشئ المحزن أن تلك المنصات وذلك النوع من العمل لا يربى إلا كل نقيصة في الإنسان بل هي مدرسة كبرى لتعلم فنون الاحتيال فكلما دعوت صديقًا تحصل على 10% من إجمالي حجم التداول والأرباح، وصديقك له ربح مماثل في حسابه بدلا من السعي إلى استثمار حقيقي او بدء مشروع إنتاجي أو صناعي عبر قنوات رسمية سهلت طرقا عديدة للجادين.

وحسنا فعلت أجهزة الدولة بالقبض على 6 من المسئولين في الشركة، بينما فر 4 منهم للخارج وبعضهم كان يعمل انتقاما مما حدث له مع شركات أخرى .. لكن هل ذلك يكفي لعدم تكرارا التجربة بأساليب أخرى ومبررات متنوعة ولابد أن نتساءل هنا لماذا يرضى البعض بالمخاطرة في طريق ثراء سريع ولا يقبلها في طريق مشروع أكثر بقاء وأشد أمنا وكيف نرفع ثقافة التعامل مع البنوك التي يتجنبها الكثيرون ويقعون ضحايا لذات أفكار توظيف الأموال منذ أن ظهرت في أواخر الثمانينات من خلال شركات الريان، والسعد والشريف والهدى مصر ومازال إلى الآن يكشف عن غيرها ومنهم تاجر المواشي الذي جمع نحو 200 مليون جنيه من الضحايا، و"مستريح" الجيزة الذي استولى على 300 مليون جنيه من المواطنين بزعم تشغيلها في الأعلاف.

إن تأسيس مجتمع ريادة الأعمال هو الطريق لتحقيق الثراء هذه هي الحقيقة التي يجب العمل على ترسيخها في المجتمع خاصة الشباب قليل الخبرة كثير التطلع كما يجب استباق مثل تلك الأساليب بالتوعية الكافية وتشديد الضمانات للشركات طالبة الترخيص في هذا المجال ويكفينا ضياع ثروات ومقدرات كان أولى بها أن تغير من حال مالكها إلى الأفضل لا أن تزيده تدهورت وسوءا.