الأربعاء 24 ابريل 2024

أوجاع «صاحبة الجلالة»

مقالات9-3-2023 | 15:44

أشبه هي دائما بتلك المرأة التي تعشقها، هي ضمير الأمة، ومن تحمل آلامها وأوجعها، وضمير الوطن وذاكرته، هي دائما من تطرح السؤال، وتفتح الباب لطرح القضايا، وأن صمتت تضيع معها كل القيم والأعراف، وانهار معها العقد الاجتماعي غير المكتوب بين الصحافة والقارئ.

تعيش نقابة الصحفيين، أجواء انتخابات ساخنة خلال تلك الأيام، كل الزملاء المتنافسين يحملون أجندات متنوعة تتعلق بأعضاء الجمعية العمومية، وهنا أكتب تلك السطور، وأنا هنا أقف على الحياد، لست منحازا سوي لتلك المهنة وآلامها وأوجعها، فالجمعية العمومية، هي صاحبة السلطة العليا في اختيار مجلس نقابة الصحفيين ونقيبها.

علينا أن نطرح الأسئلة الحقيقية على أنفسنا، لماذا هجر القراء الصحافة المطبوعة؟! هل ما تزال الصحافة تملك تأثيرها على القارئ؟، اعتقد أن الواقع وحده هو من يجيب على ذلك السؤال، يمكنك أن تخرج إلى مترو الأنفاق وتشاهد كم شخص يحمل الصحيفة المطبوعة، بل اجلس يا صديقي إلى أحد مقاهي وسط البلد وانظر في مرتديها لن تجد نسخه واحد من أي صحيفة مطبوعة على الطاولة.

أما عن تأثير الصحافة في شكلها الجديد على المستخدمين، يمكنك أن تشهده في التعليقات التي يتركها المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، حينما تتماهي بعض المنصات في تقديم محتوي يهدف إلى تحقيق مشاهدات مليونيه، دون النظر لما نتجاوزه من قواعد مهنية.

ارتدي اليوم عباءة القارئ، بحثا عن أسباب العزوف، وغياب التأثير، لقد ابتعدنا عن دوائر اهتمام القارئ، وأصبحت بعض المنصات متخصصة في العلاقات بين المشاهير، زواج وطلاق ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، عندما تلغي إحدى الفنانات متابعتها لزميلها يتحول الأمر إلى قصة خبرية، إيقاف الفنانين خلال جنازات المشاهير وسؤالهم عن المتوفي، وعندما يتعرض الزملاء للنقض، يخرج من يتحدث عن الصحافة وضرورة تسهيل عمل الصحفيين، ما أطرح هنا «هل تلك هي الصحافة؟!».

إن الصحافة الحقيقية هي تلك التي تطرح هموم المواطن وأزماته اليومية، هنا فقط يعود القارئ لمحراب صاحبة الجلالة، ويمكنها أن تؤثر فيه ويمكنها إعادة تشكيل وبناء الوعي وصناعة الرأي العام.  

علينا أن نعيد النظر فيما نقدم من محتوي يومي إلى القارئ، يخاطب عقله ويطرح قضايا يوميه تعبر عنه، فالدور الأساسي لتلك المهنة هو التنوير، أن مهنتنا في خطر حقيقي، لقد أصبحت «السوشيال ميديا» صاحبة التأثير الحقيقي، بل أن بعض المنصات الصحفية تنقل المحتوي عنها وفي بعض الأحيان تتجاهل نسب المحتوي المنقول إلى المصدر الأصلي.

أيام قليلة سوف تجتمع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، للتجديد النصفي للمجلس ومقعد النقيب، من وجهة نظري الأمر لا يجب أن يتوقف عند تلك الانتخابات، إن المهنة في حاجة لعقد مؤتمر عام لبحث أوضاع المهنة، وكيف يمكن تطويرها على مستوي المضمون والشكل وأدوات الصحفيين.

كلنا مدركون أن واقع المهنة يعاني الكثير، ويحتاج إلى تحديث التشريعات، وتنظيم دخول الزملاء الجدد إلى سوق العمل الصحفي بعد اكتسابهم لأدوات المهنة الحقيقية، علينا أن نضع القارئ في المرتبة الأولي إن أردنا تأثير حقيقي للصحافة، كلنا مسؤولين عن حالة الصحافة.

Dr.Randa
Dr.Radwa