الثلاثاء 14 مايو 2024

يوسف وهبي.. ألف عام.. وآلاف الأقنعة

محمد الشافعي

فن9-3-2023 | 17:46

محمد الشافعي

● سافر يوسف وهبي إلى إيطاليا وعمل فى عدة أعمال بسيطة داخل المسرح وخارجه، ثم تتلمذ على يد الممثل كيانتونى، وأطلق على نفسه اسم رمسيس تيمنا بالملك العظيم رمسيس الثانى
● نصحه صديقه محمد كريم بإجراء عملية تجميل لأنفه.. وبالفعل سافر يوسف وهبي إلى ألمانيا وقام بإجراء هذه الجراحة.. ليكون أول مصرى يجرى عملية تجميل فى ألمانيا
● تحول حب عائشة فهمى إلى رغبة محمومة فى التملك والسيطرة، فعرضت على يوسف وهبى أن تتنازل له عن 500 فدان من أملاكها مقابل أن يترك المسرح ويتفرغ لها.. فرفض
● شهد المسرح المصرى حالة من الانحلال فى أعقاب الحرب العالمية الأولى، فجاء يوسف وهبى ليضع بذور المسرح الاجتماعى، وليصبح قائدا للحركة المسرحية الوطنية، مواكبا للروح المصرية الجديدة التى ولدت بعد ثورة 1919
● منذ انطلاقته الأولى قرر يوسف وهبى أن يكون صاحب رسالة وليس صاحب تجارة، فاهتم بتوعية جمهور المسرح، كما وضح العديد من الالتزامات للجمهور وللفنانين على حد سواء
● نجح يوسف وهبى فى أن يكون صاحب بصمة شديدة الخصوصية فى الأداء التمثيلى، تلك البصمة التى جمعت فنون المسرح الإيطالى؛ والفرنسي والإنجليزى، ليصنع من كل هذا الكوكتيل مدرسة خاصة
● كان مشوار يوسف وهبى شديد التميز والثراء، وقد بدأه بمرحلة الرسوخ المسرحى، ثم مرحلة السطوع السينمائى مرورا بمرحلة التوهج والنضج ثم بدأ فى الانسحاب التدريجى حتى كان اختفاء النجومية

طائر عملاق.. يحلق بجناحى التمرد والإنجاز.. يرتاد الآفاق العنيدة يطأ المسالك الوعرة يفرس رايات الريادة والسبق.. مصارع عنيد يقتحم الحلبات.. يواجه المستحيلات يسير النصر دوماً فى رطابه وإن تعثر يوماً.. انتفض وكأنه العنقاء صاحب رسالة وأصحاب الرسالات دوماً فى جهد وكبد لا يبتغون جزاء ولا شكوراً.. ينثرون بذور رسالاتهم فى الأراضى البكر فتلين القفار وتزدهي لتحيل الجذب زهوراً وثماراً، إنه عملاق الفن العربى يوسف وهبى الذى استطاع بإصرار عنيد أن يفرض على المجتمع (شرعية الفن) وحيثية الفنان الذى تحول من مجرد (مشخصاتى) تستخف به الناس وتزدريه الأعين إلى نجم تشرئب إليه الأعناق وتسعى إليه المواكب.. وتمتد إليه الأيادى مصافحة ومعترفة بقيمة وقامة الفن والفنان.
إنه الرائد العملاق يوسف وهبى.. الذى استطاع بعزم لا يلين.. وعطاء محفور على جدران الخلود أن يترك بصمته الخالدة على كل ورافد الفن.. وعلى كل عطاءات الفنانين.
ولد يوسف عبدالله وهبى فى مدينة الفيوم عام 1898.. على شاطئ بحر يوسف.. وجاء اسمه تيمنا بهذا الاسم الجميل وكان والده عبدالله باشا وهبى يعمل مفتشا للرى بالفيوم ويعيش فى (سرايا) على شاطئ بحر يوسف بجوار شارع بحر ترسا الآن.
بدأ الفتى يوسف تعليمه فى كتاب العسيلى بمدينة الفيوم والذى يقع أعلى مسجد العسيلى قبل تجديده بشارع الحرية أمام كوبرى الشيخ سالم بمدينة الفيوم ثم تلقى تعليمه الأولي بالمدرسة السعيدية بالجيزة وكان والده يخطط لأن يصبح فلاحاً مثله.. يشرف على الأراضى الزراعية ولذلك دفع به إلى المدرسة الزراعية فى مشتهر أقدم معهد زراعى فى الشرق الأوسط.. والتى تحولت إلى معهد ثم كلية ومن المصادفات أننى شخصيا من خريجى كلية الزراعة بمشتهر .. ولا يزال تراث عبدالله باشا وهبى موجوداً حتى الآن فى الفيوم فهو الذى قام بحفر ترعة عبدالله وهبى والتى حولت آلاف الأفدنة من أراضى صحراوية إلى أراضى زراعية كما أنشأ المسجد المعروف باسم (مسجد عبدالله بك) المطل على كوبرى مرزبان بمدينة الفيوم والذى كان يكبر أكبر مساجد الفيوم حتى وقت قريب.
وفى بداية شبابه اتجه يوسف وهبى إلى رياضة المصارعة حيث تدرب على يد بطل الشرق فى المصارعة آنذاك عبدالحليم المصرى، ولم يكتف بمجرد التدريب وخوض البطولات ولكنه عمل مصارعاً فى سيرك الحاج سليمان وقد ظل طوال حياته ممارساً للرياضة إيمانا منه بأن العمل على المسرح يتطلب أن يكون الممثل فى قمة اللياقة البدنية.
انبهر يوسف وهبى بالتمثيل لأول مرة فى حياته.. عندما شاهد فرقة الفنان اللبنانى سليم القرداحى والتحق سرا ومن دون علم والده بالعمل فى الفرق المسرحية لكل من حسن فايق وعزيز عيد، وبدأ مسيرته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات فى المدرسة وفى النادى الأهلى.. غضب والده كثيرا عندما علم بميوله الفنية وكان الفن قد امتلك عليه حياته فترك الدراسة بمدرسة مشتهر الزراعية وسافر إلى إيطاليا بنصيحة من صديقه المخرج محمد كريم وفى إيطاليا عمل فى عدة أعمال بسيطة داخل المسرح وخارجه وتتلمذ على يد الممثل كيانتونى، وأطلق على نفسه اسم رمسيس تيمنا بالملك العظيم رمسيس الثانى.
وعاد إلى مصر بعد وفاة والده علام 1921 ليحصل على ميراثه عشرة آلاف جنيه من الذهب مع الأراضى الزراعية بالتساوى مع إخواته الأربعة ومع هذه الثروة تجددت آماله وطموحاته فى أن يخلص الفن من الهاوية التى رآها فى العروض الهزلية عند كل من نجيب الريحانى وعلى الكسار.
ومع بداية عام 1923 أنشأ شركة مسرح باسم فرقة رمسيس التى ولدت أول عروضها يوم العاشر من مارس 1923 وضم إلى فرقته الوليدة عددا كبيرا من الممثلين والمخرجين ومنهم (عزيز عيد- مختار عثمان- حسين رياض- أحمد علام- فتوح نشاطى- زينب صدقى- أمينة رزق- فاطمة رشدى- روز اليوسف).. وبدأت الفرقة عروضها بمسرحية المجنون على مسرح راديو.. وفى فترتها الأولى كانت معظم روايات فرقة رمسيس من الأعمال المترجمة لكبار أدباء العالم مثل (شكسبير- موليير- أبسن.. إلخ) واتسمت معظم مسرحيات يوسف وهبى بالميلودراما مما جعلها مختلفة عن مسرحيات ذلك الزمن التى كانت تحمل الطابع الكوميدى الساخر أو الراقص أو المسرحيات الفنانية كما كانت مسرحيات فرقة رمسيس (ممصرة) عن روائع الأدب العالمى (الفرنسى- الإيطالى - الإنجليزى.. إلخ).
ومنذ انطلاقته الأولى قرر يوسف وهبى أن يكون (صاحب رسالة) وليس صاحب تجارة فاهتم بتوعية جمهور المسرح كما وضح العديد من الالتزامات للجمهور وللفنانين فمنع التدخين وقزقزة اللب مع الالتزام بموعد رفع الستار كما ألزم الفنانين بالحفاظ على المواعيد والالتزام بالنص وتنفيذ تعليمات المخرج.. وقد الصور الفوتوغرافية للشخصية التى سيظهر بها وكانت الصور أقرب إلى راسبوتين شهدت كل أعماله والحرص على نشر الوعى الاجتماعى ونقد عيوب المجتمع فقدم العديد من القضايا الشائكة مثل الزواج بالأجنبييات- أطفال الشوارع- أبناء الخطيئة- الصراع بين الضمير والعاطفة- ممارسة الاستعمار والفساد .. إلخ.
وقد حاولت بعض الشركات الأجنبية استثمار النجاح الكبير الذى حققه يوسف وهبي من خلال فرقة رمسيس وعملت على توريطه فى تمثيل فيلم عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم حيث نشرت إحدى المجلات الإيرانية فى عام 1928 أن شركة سينما توغراف الفرنسية قد اتفقت مع الممثل يوسف وهبى على تمثيل فيلم للنبى محمد وأن الفيلم إنتاج تركى.. وحضر المنتج (وداد عرفى) إلى القاهرة وبصحبته المخرج توجو مزراحى واتفقا مع يوسف وهبي الذى قام بإعداد بعض لتنفتح عليه أبواب جهنم من كل صوب وحدب وشُنت ضده حملة شرسة وأرسل شيخ الأزهر خطابا إلى وزارة الداخلية يطالبها بالتحقيق فى الأمر ومنع هذا المشخصاتى من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر بالقوة وإيداعه السجن وطالب شيخ الأزهر بمخاطبة فرنسا لتمنع هذه الرواية وتم استدعاء يوسف وهبى إلى وزارة الداخلية والتحقيق معه وأرسلت الوزارة رسالة إلى شيخ الأزهر جاء فيه (أن يوسف وهبى سيعتذر فى الصحف عن قبوله لهذا الدور) وكان الملك فؤاد قد هدد بسحب الجنسية المصرية من يوسف وهبى.. وانتهت هذه الأزمة التى كادت أن تطيح بمستقبله الفنى والإنسانى.
أدت هذه الأزمة إلى تأخر يوسف وهبى عن دخول مجال السينما وكان هناك سبب آخر لهم وهو أن أنف يوسف وهبى كان كبيرا ومقوسا مما يبعده تماما عن صورة الفتى (الفوتوجينيك).. ونصحه صديقه محمد كريم بإجراء عملية تجميل لهذا الأنف.. وبالفعل سافر إلى ألمانيا وقام بإجراء هذه الجراحة.. ليكون أول مصرى يجرى عملية تجميل فى ألمانيا.
القدرات الفائقة التى امتلكها يوسف وهبى جعلت منه (كوكتيل مواهب).. فهو المؤلف والمخرج والممثل والمدير والملحن أيضا كما دفعت تلك القدرات طموحات يوسف وهبى لتنطلق إلى عنان السماء فبعد أن نجحت فرقة رمسيس.. وأصبحت أكاديمية فنون يتخرج منها الفنانون المشهود لهم بالكفاءة والحرفية زادت طموحات هذا الموهوب وسعى لكى يمتلك (مدينة فنون) تحتوى على المسرح ودار العرض السنيمائى والملهى الليلى وحدائق التنزه والترفيه.. وفى إحدى سفرياته إلى باريس فى مرحلة الإعداد لفيلم أولاد الذوات وصلته رسالة من شقيقة إسماعيل وهبى المحامى يخبره فيها أن الأرض التى تواجه كوبرى أبوالعلا ومساحتها 17فدانا.. وكانت ساحة لسياق الكلاب.. وتملكها وزارة الأوقاف معروضة للإيجار بمبلغ 900 جنيه فقط سنويا وعلى الفور أرسل يوسف إلى شقيقه إسماعيل شيكا بمبلغ أربعة آلاف جنيه لتوقيع عقد الإيجار مع وزير الأوقاف فى ذلك الوقت عبدالسلام الشاذلى.
وجاءت أرباح فيلم أولاد الذوات (أول فيلم ناطق فى تاريخ السينما المصرية) لتجعل يوسف وهبى قادراً على تحقيق حلمه فشرع فى بناء أول مسرح وأول دار عرض سينمائى صيفى فى مصر مع إقامة مسرح آخر وكل هذا داخل مدينته التى أسماها (مدينة رمسيس) والتى حوت أيضا على ستوديو للتصوير السنيمائى ومحطة إذاعة ومتاحف ومقاهى عديدة وملاهى فولكلورية تقدم الفن الشعبى وحدائق للنزهة وفيلا يسكنها يوسف وهبى وكان الدخول إلى المدينة مجانا لكل المواطنين على أن يتم الاكتفاء بقيمة تذكرة الدخول إلى دور العروض الفنية ونظرا لكل هذه الشاغل أو كل يوسف وهبى لمتعهد الحفلات (صديق أحمد) وهو متعهد حفلات أم كلثوم أم استقلال وتوزيع فيلم أولاد الذوات فاستغل الرحيل انشغال يوسف وهبى فى مدينته الجديدة.. وأخذ معظم الإيراد لنفسه وتزوج فى فترة قصيرة 16 امرأة.. دفع لهن الكثير كنفقة شرعية ومؤخر صداق.. بعد أن رفع عليه العديد من القضايا.. والأسوأ أن هذا الرجل قد أضاع تقريباً نصف فصول الفيلم.. ولم يتبق منه إلا نصفه تقريباً.
وكان يوسف وهبى حريصا على أن يستنير برأى الكبار.. فقبل إنشائه لفرقة رمسيس عام 1923.. التقى بأمير الشعراء أحمد شوقى فى مقهى دنيجر بباريس.. وبعد حوار طويل امتد إلى الصباح اقتنع بوجهة نظر أمير الشعراء فى ضرورة تكوين فرقة مسرحية.. تجمع كل نجوم الدراما فى مصر.. ويكون الهدف الأول منها رد اعتبار المسرح الهادف ونشر رسالة الوعى الفنى السليم.. وقبل أن يفتتح فرقة رمسيس قام بشراء كل ما يلزم مسرحه الجديد.. من أوروبا وعاد إلى مصر.. واختار سينما راديو لتكون مسرحا.. وتعاقد مع مهندس إيطالى لبناء خشبة المسرح.. وحرص فى كل عروضه على التطور الدائم.. والاهتمام الكبير بالإخراج والمناظر والإضاءة.. واشترى أغلب أثاث المسرح من مزادات بيع أثاث قصور روما.. ليضفى على ديكوراته روح الفخامة والعراقة..
وقد شهد المسرح المصرى حالة من الانحلال فى أعقاب الحرب العالمية الأولى.. فجاء يوسف وهبى ليضع بذور المسرح الاجتماعى.. وليصبح قائدا للحركة المسرحية الوطنية.. مواكبا للروح المصرية الجديدة التى ولدت بعد ثورة 1919.. واندماجا مع هذه الروح الجديدة.. سعى بجهد حقيقى إلى استقلال المسرح العربى عن المسرح الأجنبى.. فطلب من الأدباء تزويده بمسرحيات اجتماعية.. لتحقيق هذا الهدف.. ولم يلب أحد نداءه.. فاعتمد على نفسه فى كتابة الكثير من مسرحياته.. يستقل بالمسرح العربى.. الذى كان يعيش على فتات موائد الأدب الغربى.. والأهم أنه قاد النهضة الفنية.. وحمل شعلة الثقافة المستنيرة.. ومهد الطرق الوعرة.. لمن جاؤا بعده.. ولم يرهبه الاصطدام بالعقليات الرجعية العتيقة.. وأصر على تحقيق النجاح.. وإنجاز رسالته التى نذر نفسه من أجلها.. ولذلك كان إنجازه عملاقا وعظيما.. حيث قام بتمثيل 302 مسرحية.. أخرج منها 185 مسرحية.. وقام بتأليف 60 مسرحية.. ليساهم بقوة فى بناء صرح الفن العربى.. والسمو به.. والأهم نجاحه فى تغيير نظرة المجتمع للفنان.. فمن مجرد مشخصاتى وبلياتشو.. إلى قيمة وقامة تستحق التقدير والاحترام.
ورغم ذلك طاردته الاتهامات بأنه سكير غريب.. صائد للنساء .. وكان يرد على هذه الاتهامات بأن مثل هؤلاء (قتلوا غاندى.. وصلبوا المسيح.. وعايزهم ما يتهمونيش).. وأمام هذه الاتهامات كان يحلم دائما بناقد.. يمتلك الضمير اليقظ.. والقلم الحر بيحميه من الطعنات.. التى امتدت إلى بيته وحياته الخاصة.. وتألم كثيرا من هذه الهجمات والاتهامات.. فهو الذى جعل الفن محراباً مقدساً.. وجعل من نفسه راهبا يحافظ على قدسية هذا المحراب.. وأمام هذه الهجمات كان دعاؤه الدائم (ربى إذا أعطيتنى مالاً لا تأخذ سعادتى.. وإذا أعطيتنى شهرة فلا تأخذ عقلى.. وإذا أعطيتنى نجاحاً فلا تأخذ تواضعى.. وإذا أعطيتنى تواضعاً فلا تأخذ اعتزازى بكرامتى).
وقد نجح يوسف وهبى فى أن يكون صاحب بصمة شديدة الخصوصية فى الأداء التمثيلى.. تلك البصمة التى جمعت بين حرارة المسرح الإيطالى.. وبعد أن خلصته من حركات اليد الزائدة.. مع جمال الإلقاء فى المسرح الفرنسي.. بعد أن خلصته من التنقيم الزائد.. مع التعبير بملامح الوجه فى المسرح بالإنجليزى.. بعد أن خلصته من حركات البانتوميم.. وقد صنع من كل هذا الكوكتيل مدرسة خاصة.. فاستحق أن يكون عميد المسرح العربى.. و(مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ فن التمثيل).
وكان نصف مسرحه بأنه (محكمة اجتماعية لمحاربة الاعوجاج والانحراف والتسيب).. وسعى دوماً لتحقيق مصالح المجتمع.. حتى لو اصطدم مع السلطة.. أو العادات والتقاليد البالية.. فهو ابن الطبقة الأرستقراطية.. الذى عايش الرأسمالية فى أوروبا.. ولكنه كان نصير الفقراء.. وفى مقدمة من طالبوا بتحديد الملكية الزراعية فى مصر.. وحارب الإقطاع.. ونادى بحرية المرأة والدفاع عن حقوقها المسلوبة.. مثل مسرحية (بيت الطاعة) التى اعترضت نقابة المحاميين الشرعيين على عرضها.. ومسرحية (بنات اليوم) التى طالب فيها بحقوق البنت المثقفة.. وهددت دار الإفتاء بوقف عرضها.. وقد ضحى كثيرا فى سبيل تقديم رسالته.. فباع أرضه وبدد ثروته.. وانتقل فى بعد الأوقات من سكن القصور.. إلى غرفة على سطح بيت بجوار (عشة الفراخ).. وفى أحلك الظروف كان يؤمن بالحكمة الشعبية (اشتدى يا أزمة تنفرجى).. كما كان يؤمن بمقولة شكسبير الفن الجيد هو الذى يجد فيه كل متلق ضالته.
استطاع يوسف وهبى خلال سنوات قليلة من بداية فرقة رمسيس.. أن يصبح نجما ساطعاً فى سماء الفن.. وقائداً فذاً للمسرح الجاد والهادف.. ودفع هذا النجاح المدوى الكثيرين إلى الهجوم عليه ومحاولة إفشاله.. ولم يتوقف الأمر عند هجوم الصحافة.. ولكنه امتد إلى تأجير البعض للادعاء بأنه يسرق أعمالهم.. مثل المدعو سعيد موسى.. الذى ادعى أن يوسف وهبى قد سرق منه مسرحية (أولاد الذوات).. وترافع يوسف وهبى أمام القضاء.. شارحا تاريخه فى التأليف.. وأن أى مسرحية ثمنها 20 جنيها فقط.. فما الذى يدفعه لسرقة أعمال غيره.. وبعد براءته قام برفع قضية تشهير ضد سعيد موسى.. الذى تم تغريمه 200 جنيه كتعويض.. فجاء معتذرا إلى يوسف وهبى.. وأخبره أن بعضهم دفع له فقط خمسة جنيهات.. مقابل أن يدعى هذا الادعاء الكاذب. 
لم يكتف يوسف وهبى برسوخ ريادته فى عالم المسرح.. حيث كان المبادر والرائد فى بداية فن السينما فى مصر.. حيث أنتج فيلم (زينب) الصامت وذلك فى عام 1932.. ثم كان بطلا ومنتجاً لأول فيلم ناطق وهو (أولاد الذوات) عام 1932.. وسيراً على حرصه الدائم بالاستعانة بالكبار لكى تخرج أعماله فى أبهى صورة.. حيث يحتوى هذا الفيلم على مشهد طويل لحفل زفاف.. فاتفق يوسف وهبى مع السيدة هدى شعراوى.. لكى تشرف بنفسها على كل تفاصيل حفل الزفاف الموجود بالفيلم.
وأصدر يوسف وهبى قبل رحيله.. ثلاثة أجزاء من مذكراته.. تحت عنوان (عشت ألف عام).. والتى صدرت عن دار المعارف عام 1973.. ويؤكد عنوان المذكرات عمق وثراء مسيرته الإنسانية والفنية.. تلك المسيرة التى ارتدى خلالها (آلاف الأقنعة).. وعاش طوال حياته فى صراع رهيب بين الوجه والأقنعة.. بين يوسف وهبى والشخصيات الكثيرة التى جسدها إلى حد التعايش الكامل معها.. وقد وضع توفيق الحكيم يده على هذه المعضلة فقال (يوسف وهبى أشبه بالقاموس الحياتى.. الذى يحوى بين طياته الخريطة الإنسانية.. لشخصيات بنى البشر.. تحليلاته وأبعادها الذاتية.. وكان دائما يرتدى ثوب الشخصية دون أى ترهلات.. فنجده محكماً على جسده.. دون أن يظهر تفصيلاته.. كما لو كان خلق من أجله فقط.. فنجده فى بعض الأحيان يحاول هو نفسه.. أن يتجسد شخصية يوسف وهبى الذى نسيها.. وسط هذا الكم الهائل من الشخصيات.. فهو راسيوثين وبيومى أفندى ومستر كوبر وأحدب نوتردام وديفيد كويرفيلد ويوليوس قيصر وهاملت والتاجر والشيطا والمهراجا والجاسوس والبلياتشو وأرسين لوبين وسفير جهنم.. إلخ.. وهكذا تلاشى يوسف وهبى الحقيقى.. ليفقد نفسه تماماً.. وهو يسعى جيدا أن كل هذا من أجل الفن.. فكان جديرا بأن يكون (فنان الشعب).
تمثل المرأة واحدة من أهم نقاط الارتكاز فى حياة يوسف وهبى.. وقد تحدث طويلا وكثيرا فى مذكراته عن علاقاته النسائية.. التى لا يمكن حصرها.. ولذلك كان من الطبيعى أن تكون المرأة سببا فى كثير من نجاحاته وتألقه.. وأيضا سببا فى كثير من مشاكله وإحباطاته.. ولكن قبل أن نغوص مع نجاحات وإحباطات يوسف وهبى بسبب المرأة.. نتوقف قليلا أمام خلافه مع رجل الاقتصاد الأشهر طلعت باشا حرب.. فقد تصور الكثيرون أن يوسف وهبى.. سيكون الخيار الأول بالنسبة لطلعت حرب عند إنشائه ستوديو مصر عام 1935.. ولكن هذا لم يحدث.. وشرح يوسف وهبى فى مذكراته ملابسات هذا الأمر فقال (أقنع نجاح فيلمى أولاد الذوات والدفاع الكثيرين بمستقبل صناعة السينما.. فتم تأسيس ستوديو مصر الكبير كشركة مساهمة.. والجدير بالذكر أن الاقتصادي الكبير طلعت حرب باشا.. لم يفكر فى استدعائى للمساهمة فى إنتاج أفلام شركة مصر طوال حياته.. ولم أدخل هذا الاستوديو الكبير إلا بعد وفاته ويبدو أن زكى عكاشة كان هو سر إعراض الاقتصادى الكبير طلعت حرب عنى.. والذى أقنعنى بهذا أن زوجتى عائشة هانم فهمى.. والتى كانت تسعى فى إبعادى عن خشبة المسرح.. عرضت على طلعت أن تساهم بمبلغ عشرين ألف جنيه لشركة الاستوديو المساهمة.. بشرط أن أتولى إدارة الاستوديو.. فرفض هذا المبلغ الكبير وأجابها بالحرف الواحد (إحنا مش عايزين مدير اتعلم فى نابولى الضرب بالسكاكين).. ويعلم الله أننى لم أتعلم فى نابولى.. ولم أكن يوماً فى زمرة البلطجية.. وفهمت أن طلعت باشا حرب.. الذى كان عطوفاً على الفن.. لم ينس لفرقة رمسيس إطاحتها بفرقة عكاشة التى كان راعيها ومؤسسها.
بدأت مشاكل يوسف وهبى مع المرأة بعد زواجه فى إيطاليا من الممثلة الشابة إلينا لوندا عام 1922.. وكان عمره وقتها 24 سنة فقط.. واستمر هذا الزواج أربع سنوات.. وجاءت معه إلى مصر.. وشهدت إنشاء فرقة رمسيس.. والنجاحات السريعة التى حققها يوسف وهبى.. ولكن غيرتها الشديدة.. جعلتها تعامل الممثلات اللائى يعملن معه بطريقة خشنة.. لدرجة أنها كادت أن تطلق الرصاص على عزيزة أمير.. ولم يستطع أن يتحمل هذه الغيرة القاتلة فانفصل عنها لتعود إلى إيطاليا.
ثم ارتبط بقصة حب عنيفة.. مع إحدى بطلات فرقته روزاليوسف.. ولكن الغيرة القاتلة تمتلكها هى الأخرى.. فقرر أن يبعدها عن حياته وعن فرقته.. فاعتزلت التمثيل واتجهت إلى الصحافة.. وأنشأت مجلة روزاليوسف.. وتزوجت من الفنان زكى طليمات.. ولكنها لم تنس ثأرها مع يوسف وهبى.. فراحت تحرض عليه.. وتضع المشاكل فى طريقه حيث أخبره محاميه محمود كامل.. أن روزاليوسف هى التى كانت تقف خلف المدعى سعيد موسى.. الذى ادعى أن يوسف وهبى سرق مسرحيته.
وقد أشار إلى تلك الأحداث فى مذكراته قائلاً (أقول بكل صراحة أننى كنت من المعجبين بأخى زكى طليمات.. وكنت منذ افتتاح مسرح رمسيس.. أعتبره خير عون.. رغم أن السيدة روزاليوسف تمكنت من أن توغر صدره ضدى.. وتوقع بينه وبينى.. بعد أن كان زميل الكفاح.. وصديق صباى.. وزميل بجمعية أنصار التمثيل.. وعندما عاد الأستاذ زكى طليمات إلى مصر.. بعد انتهاء بعثته فى باريس لدراسة المسرح.. أقنع وزارة المعارف أن تنشئ معهداً للتمثيل.. وهى فكرة صائبة وجديرة بالتقدير.. فقد كان المسرح العربى فى أشد الحاجة إلى دم جديد.. وشباب يحمل الشعلة بعدنا.. وإعطاء الفرصة لذوى المواهب وصقلهم.. وإعداد طبقة مثقفة لاعتلاء خشبة المسرح العتيد.. بيد أنه بلغنى من بعض المحيطين بى (وأستبعد ذلك).. أن أخى زكى كان خلال الدروس بالمعهد.. يسعى إلى تجريحى والنيل منى.. والسخرية من مدرستى المسرحية.. واتهامى بالانحراف عن الفن الأصيل.. ومن الأسف الشديد أن البعض قد تأثر بما لقنه لهم أستاذهم.. مما تسبب فى نوع من القطيعة بينى وبين من أعتبرهم أولادى.. وقد عاد الصفاء التام بيننا بعد حرب طويلة.. وانتصر حب الفن.. فصفا قلبانا.. كما زالت الشوائب.. وانهزمت الصغائر.. وتضافرت جهود الشباب مع الرواد.. وأصبح المسرح المصرى أسرة واحدة.. مهما تضاربت الاتجاهات.. ولا أنكر جهود أخى زكى فى تخريج فنانات وفنانين فى مستوى نفخر به.
يضع يوسف وهبى نهمه بالنساء ضمن سلبياته حيث كتب فى مذكراته (كنت كغيرى أيام الشباب والفتوة.. أستجيب للإغراء والجمال فى شىء من النهم.. لكنى لم أشرب الخمر.. ولم أتعاط المخدرات.. ولم أرتكب الموبقات.. سوى حبى السابق للقمار الذى سلبنى عشرات الألوف).
تمثل السيدة عائشة فهمى.. أغنى نساء مصر فى عصرها.. أهم محطات السلبيات والإيجابيات فى مشوار يوسف وهبى.. حيث كان والدها على باشا فهمى صديقاً لوالد يوسف عبدالله باشا وهبى.. وكانت متزوجة من طبيب ينتمى إلى طبقتها الاجتماعية.. كما كانت من محبى الفن.. فكان يوسف وهبى يدعوها إلى سهرات خاصة فى منزله.. لتجالس محمد عبدالوهاب- فكرى أباظة وغيرهما من أعلام الفن والفكر.. وعندما قتل شقيقها على فهمى على يد زوجته الفرنسية (مارجريت ميلر) فى لندن.. سافر يوسف مع عائشة لمتابعة جلسات القضية.. ورغم أن الأدلة كلها كانت ضد هذه الزوجة.. إلا أن القاضى قد أخذ ببعض الادعاءات الباطلة.. مثل أن القتيل كان يأمر عبيده بجلد زوجته.. وقضت المحكمة ببراءة المتهمة.. وخلال هذه الفترة تحولت الصداقة بين يوسف وعائشة إلى حب.. ونصحه عبدالوهاب بأن يتزوجها.. وحصلت هى على الطلاق من زوجها بعد أن منحته عشرين ألف جنيه وقطعة أرض.. وتزوجا فى باريس عام 1929.. ولم يحضر الزفاف إلا شقيقه إسماعيل وزوجته.. وصديقه المخرج محمد كريم.. وصديقه الموسيقار محمد عبدالوهاب.. الذى غنى بعض أغانيه تحية لصديقه.. وتحولت عائشة فهمى إلى أكبر داعم ليوسف وهبى.. وعندما تعرض مسرح رمسيس لخطر الإفلاس.. تدخلت وأنقذته.. وساعدت الفرقة على القيام بعدة رحلات فى سوريا– لبنان– الأردن– فلسطين– ليبيا– تونس– السودان– البرازيل– الأرجنتين– فرنسا..
وفجأة تدخلت الغيرة القاتلة لتفسد كل شىء.. وعن ذلك يقول يوسف وهبى فى مذكراته (استمر النجاح حليفنا.. ثم بدأت عوامل الغيرة تتكشف فى خلق السيدة عائشة زوجتى.. لحد مراقبة حركاتى وسكناتى.. وبعد أن كانت تبدى مظاهر التشجيع لفنى ومسرحى.. انقلب الحال فأصبحت تضيق ذرعاً لانعكافى على التأليف والتمثيل والإخراج.. وحولت حياتى إلى جحيم لا يطاق).. وتحول حب عائشة فهمى.. إلى رغبة محمومة فى التملك والسيطرة.. فعرضت على يوسف وهبى أن تتنازل له عن 500 فدان من أملاكها فى مغاغة بالمنيا.. مقابل أن يترك المسرح ويتفرغ لها.. فرفض وكتب عن ذلك فى مذكراته (لم يكن فى مقدورى تنفيذ رغبتها.. فبدلاً من أن أداوم رسالتى.. وأقدم لمواطنى غذاءً ثقافياً.. أكتفى بتمثيل دور زوج الست فقط.. أقضى نهارى مع فئة من أبناء الأثرياء والعاطلين.. وليالى فى حضور الحفلات وقبول الدعوات.. أو مشاركة المخمورين فى البارات.. وفى قرارة نفسى أنى أعيش على هامش المجتمع.. وشتان ما بين إعجاب الناس بأناقة ثيابى.. وبين شعورى أننى أفعل شيئاً يستفيد منه مواطنىّ.. وأن أنقد فى مؤلفاتى المسرحية عيوب مجتمعنا.. وأكشف الستار عن الانحراف والانحلال والفساد.. وأن أصرخ مطالباً بالعدالة بين الطبقات.. ونصرة العامل والكادح والفلاح.. هكذا كان شعورى.. الذى يجرى فى عروقى.. لا أقول ذلك لأعطى للقارئ صورة بطل.. بل لأننى كنت أهدف أن أكون جندياَ فى جيش المناضلين.. حتى إذا كنت مجهولاً.. وأفضل رصيد التقدير عن رصيد البنوك.. أحكمت عائشة فهمى الخناق حول زوجها يوسف وهبى.. وحاصرته من كل جانب.. فهرب منها وهما فى باريس.. وذهب إلى ألمانيا.. وانفصل عنها.. فلاحقته بالعديد من القضايا حتى أشهر إفلاسه.. بعد أن قامت بالحجز على كثير من محتويات مدينة رمسيس.
استقرت مشاعر يوسف وهبى أخيراً.. على شاطئ السيدة سعيدة منصور.. التى تزوجها وعاش معها أكثر من أربعين سنة.. ويقول عن ذلك فى مذكراته (سعيدة صبرت سنوات على مغامراتى ونزواتى.. وعلى طيشى وعلى إدمانى القمار وعلى إفلاسى.. وتحملت فقرى وبؤسى.. ولم تندم أنها تركت الثروة والحياة والمجوهرات.. وتحملت مقاطعة أسرتها لها.. كانت تقول لى (أنت زوجى وأخى وابنى وصديقى وكل شىء فى حياتى).. وأشعرتنى وأنا مريض بأننى أقوى رجل فى العالم.. وجعلتنى أحس وأنا فى الثمانين من عمرى.. أننى ما زلت فى الثلاثين.. وكانت تحاول إقناعى بأننى ابنها الصغير.. وأنها أمى الكبيرة.. وبعد سنوات قليلة معها.. شعرت بأننى شبعت من كل نساء العالم.. وأننى جائع لسعيدة وحدها.. رأيت فيها كل امرأة أريدها.. وكل جمال بهرنى.. كانت تفهمنى دون أن أفتح فمى.. وكانت تسمعنى دون أن أنطق كلمة واحدة.. وكانت إذا نامت فى غرفة مجاورة.. تحس بأننى استيقظت دون أن أنادى باسمها.. لقد طردت ألف امرأة من قلبى وبقيت وحدها.
وفى النهاية يمكن أن نتوقف فى مشوار يوسف وهبى شديد التميز والثراء عند بعض المحطات والمراحل المهمة.. والتى بدأها بمرحلة الرسوخ المسرحى.. والتى استمرت عشر سنون (23 – 1932).. عندما أسس فرقة رمسيس وقدم من خلالها عشرات المسرحيات الناجحة.. وتبدأ مرحلة السطوع السينمائى بفيلم أولاد الذوات عام 1932.. ثم فيلم الدفاع بطولته وإخراجه وألحانه فى عام 1935.. ثم فيلم المجد الخالد عام 1937.. ثم فيلم ساعة التنفيذ عام 1938 بطولته وتأليفه وإخراجه.. ومع بداية الأربعينيات بدأ الثنائى الناجح مع ليلى مراد (ليلى بنت الريف 1941– ليلى بنت مدارس 1941) من إخراج توجو مزراحى.
وبدأت مرحلة التوهج (43 – 1947).. وهى المرحلة التى واصل خلالها مناقشة القضايا الاجتماعية.. وفضح عيوب المجتمع.. والسعى لتقديم الحلول.. وبدأت بفيلم الطريق المستقيم تأليفه وإخراج مزراحى.. وفى هذا الفيلم كانت بداية إسماعيل ياسين.. ثم فيلم غرام وانتقام 1944 مع أسمهان من تأليفه وإخراجه.. وفى هذا العام قدم أيضاً سيف الجلاد –الحداد– برلنتى وهو الفيلم الذى اكتشف من خلاله المطربة نور الهدى.. وفى عام 1945 قدم فيلم سفير جهنم.. وفى عام 1946 كان أول تعاون مع فاتن حمامة فى فيلم الرحمة.. الذى شهد أول ظهور لفريد شوقى.. وفى عام 1947 قدم مع ليلى مراد فيلمين (شادية الوادى– ضربة القدر).
ووصل يوسف وهبى إلى مرحلة النضج (48– 1953).. حيث قدم فى 1948 مسرحية الصهيونى وفيلم رجل لا ينام.. وفى 1949 قدم الفيلم المصرى الإيطالى أمينة.. إخراج الأبطال جيو فريدو أليساندرينى.. وفى نفس العام قدم غزل البنات وبيومى أفندى.. وفى عام 1952 عاد للتعاون مع صديقه محمد كريم فى فيلم ناهد.. وبداية من عام 1953 بدأ يوسف وهبى مرحلة الانسحاب التدريجى.. حيث وصل إلى سن الخامسة والخمسين.. فقلت الأفلام من إخراجه وتأليفه.. وتراجعت بطولاته المطلقة.. واتجه إلى التنوع والشمول فى أعماله (الكوميدى– الرومانسى– الإثارة– الميلودراما).. وتنوعت أدواره.
وبداية من عام 1969 بدأت مرحلة اختفاء النجومية.. حيث تجاوز سن السبعين.. ورغم ذلك شارك فى عدة أفلام (الحلوة عزيزة– عصابة النساء– الاختيار– الرداء الأبيض).. وخلال عامى 76 – 1977 لم يقدم أى أعمال.. ثم شارك فى فيلم البؤساء عام 1978.. ثم فيلم إسكندرية ليه 1979.
وأمام هذه العطاءات العظيمة.. حظى فنان الشعب يوسف وهبى بكثير من التكريم والتقدير.. فمنحه الملك فاروق رتبة البكوية.. ومنحه الزعيم جمال عبدالناصر وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1960.. وجائزة الدولة التقديرية عام 1970.. ومنحه الرئيس أنور السادات قلادة النيل عام 1973.. والدكتوراه الفخرية عام 1974.. ومنحه بابا الفاتيكان وسام الدفاع عن الحقوق الكاثوليكية.. ليكون أول مسلم يحصل على هذه الجائزة.. وبعد أن حفر اسمه بأحرف من نور على جدران الخلود.. رحل عن دنيانا عميد المسرح العربى يوسف وهبى فى السابع عشر من أكتوبر 1982.
 

Dr.Radwa
Egypt Air