الخميس 25 ابريل 2024

ما سقطت دولة حروفها «مِصر» وعقيدتها «نَصر»

مقالات19-3-2023 | 13:17

لطالما انشغلت وانشغل بالي بالعملية المعرفية التراكمية لمفهوم "الوعي" وتداعياته كونه متجدداً ومتغيراً ويستلزم -بطبيعة الحال- سلوكاً إيجابياً ومنضبطاً يليه، بحيث يعبر عن حالة الفهم الموضوعي له.

فبعيداً عن المهام المحددة للوظيفة الحكومية، أظل أحمل على عاتقي مع غيري من الملايين مهام وفروض، كوني مواطنة مصرية تحمل شرف جنسيتها وبطاقتها القومية، لها ما لها من حقوق، وعليها ما عليها من واجبات، وهو الأمر الذي جعلني وبمرور الوقت وتضخم التحديات أستشعر أهمية دوري بالتبعية، باعتباري أحمل المسؤوليتين متوازيتين، مسوؤلية وعبء الوظيفة وشرف المواطنة.

وعليه، انتهيت مؤخراً من التشرف بحضور فعاليات ورشة العمل التي قام كل من "مركز بحوث الشرطة ومركز الدراسات الأمنية بأكاديمية الشرطة" بتنظيمها لبعض الكوادر الحكومية تحت اسم "دور الجهاز الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة"، على مدار عدة أيام كان "التاريخ والجغرافيا" بساطها و"الوعي بالهوية" قوامها.

فقد ظهر جلياً الإعداد الحثيث لها من حيث إجادة اختيار شخصيات المحاضرين، والموضوعات والمحاور التي تفاوتت ما بين الماض والحاضر واستشراف المستقبل بآليات التفكير العلمي التحليلي القويم، كتطور مفهوم الحرب وحروب الجيل الرابع والخامس، ومشروعات تقسيم منطقة الشرق الأوسط، وحرب اللاعنف وصناعة الدولة الفاشلة، وآليات وأدوات هدم الدول من الداخل عن طريق الإرهاب والشائعات والحروب النفسية، وتخريب الاقتصاد والتدخلات الخارجية، والتمويل الأجنبي للأنشطة الهدّامة، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتزييف الوعي وإثارة الرأي العام، والإعلام الموجه ودوره في إسقاط الدول من الداخل، كل هذا مقابل جهود الدولة في كافة المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لإحباط مخططات إسقاط الدولة.

تخلل ورشة العمل تلك، جولة ميدانية لمراكز وميادين أكاديمية الشرطة شملت المركز المصري للتدريب على عمليات حفظ السلام الذي تم افتتاحه في يناير 2021، وهو الكيان المخول بإعداد وتدريب الكوادر الوطنية والدولية للعمل ببعثات حفظ السلام المختلفة، ذلك من خلال العديد من الدورات التدريبية والبرامج المتخصصة والدراسات والأبحاث التى تؤهل الكوادر المشاركة ببعثات حفظ السلام لأداء المهام المنوطة بهم بفاعلية، وتزويدهم بالخبرات والقدرات التى تتوافق مع متطلبات عمليات حفظ السلام الحالية والمستقبلية.

هذا بالإضافة إلى جولة داخل ميادين التدريب الفني الأمني بنظام المحاكاة، كميدان الرماية من السيارة وهو ميدان قتالي تكتيكي، وأيضاً زيارتين هامتين لكل من قيادة الخيّالة وقيادة تدريب الكلاب، حيث ماتزال وزارة الداخلية تعمل على الاحتفاظ بدوريات الخيالة في أماكن الحاجة، حسب الطبيعة الجغرافية والتي تعمل بها الخيول كوسيلة نقل، وما زالت الخيول تحتفظ بمكانتها في عروض تخرج طلاب كلية الشرطة لإظهار مهاراتهم وكذا فى الاحتفالات والمناسبات الوطنية المختلفة.

فقد تضمن العرض المقدم لنا استعراضاً لمهارات الركوب والتحكم والسيطرة على الخيول، وعرضًا لرياضة الكلة التى تعتمد علي مهارة الفارس في استخدام السيف أو الرمح أثناء عدو الجواد، لإصابة عدد من الأهداف علي الأرض، أما عروض الكلاب فكان شيقاً إلى الدرجة التي جعلت جميع الحضور في حالة تسقيف مستمرة كتعبير فوري عن الانبهار بالمهارة العالية التي أظهرتها الكلاب المدربة تدريباً عالياً، ما بين القدرة لفائقة على اكتشاف المخدرات، والأسلحة، وتوقيف الخارجين على القانون والإرهابيين، والمساعدة في إيجاد وإنقاذ ضحايا العقارات المنهارة أو الكوارث الطبيعية.

كان من اللافت للنظر أيضاً أثناء الجولة متابعة تدريبات العديد من الطلبة ما بين ذكور وإناث يقومون ويقمن بتدريباتهم البدنية يمين ويسار الحافلة خاصتنا أينما مرت، هذا بالإضافة إلى ملاحظتي الاستعانة بهذا العنصر النسائي في الدورات التي يتم تنظيمها سواء للمدنيين أو لمتدربين أجانب، سواء كمترجمات أو كمسؤولات ومخولات بمهام العلاقات العامة والإعلام وغيرها.

أخيراً وليس آخراً، فإن قيامنا كمشاركين من عدة وزارات بتقديم أوراق عمل بحثية بنهاية ورشة العمل، كان استفادة مزدوجة على الصعيدين، فأنا أعتبرها بمثابة ورقة إبداء الامتنان والعرفان لجهة التدريب التي تفانت في عرض إتاحة أفضل ما لديها من خبرات دراسية وبحثية بمختلف الاختصاصات، كما أنها كانت المردود الفوري الذي تلقته منصة التقييم كمخرج نهائي رداً وتفاعلاً مع المحتوى القيّم الذي حصلنا عليه على مدار عدة أيام دِسام عِظام.

كنت أتمنى في داخلي اتباع أساليب السوشيال ميديا في تطبيق حركة اللايك أو الإعجاب بكل تفصيلة مرت علي خلال تلك الفترة التي أصفها بالمبهرة على كل صعيد، فتمنيت في نفسي أن يكون هناك مجالاً لإيصال تلك المشاعر لمستحقيها بقدر إعجابنا وتقديرنا لكل ما رأيناه رؤية العين وتلقيناه داخل قاعة الدراسة، وذلك بهدف تغذية مشاعر العقيدة لديهم وتعزيز القوة الإيمانية داخل نفوسهم، فكما أن الشرطة في خدمة الشعب، فللشرطة شعب يقف خلفها يقدرها ويحمي عملها.

ولكنني لم أتمكن إلا من عمل الشير أو المشاركة بكلماتي تلك تعبيراً عن قدر الإعجاب ومشاعر الامتنان لكل ما تم تقديمه وتيسيره بل وتسخيره لنا من إمكانيات وخدمات.

أوصيكم ونفسي بالوعي الذاتي المستمر، وتمريره للمحيط بقدر الفهم والإدراك الموضوعي للأمور، فالأمر الإلهي الذي جاء كأول كلمة في أول سورة نزلت في القران كفعل أمر" إقرأ "، كان مقروناً بإعمال العقل في عدة مواضع بأن قال "أفلا يتدبرون" ، "أفلا يعقلون" ، "أفلا يبصرون"، ومن هنا كان الواجب بالفرض الإنساني أن نعي ونتدبر بهدف النجاة والحياة لا بهدف لقمة العيش.

 

 

Dr.Randa
Dr.Radwa