رغم الأنباء التى ترددت بشأن إقالة وزير دبلوماسى فى التعديل الوزارى الجديد، فى إشارة إلى وزير الخارجية السفير سامح شكرى، إلا أنه استمر فى حكومة المهندس شريف إسماعيل رسميا، وأرجع البعض ذلك إلى سياسته فى التعامل مع الملفات الحساسة للدولة خلال فترة توليه المنصب.
وعين شكرى وزيرا للخارجية منذ 17 يونيو 2014 حتى الآن، فى أعقاب ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، ما دفعه لبذل جهود كبيرة فى التحركات الخارجية من أجل إيضاح الموقف المصرى بشأن رفض حكم الجماعة وإسقاطهم، والتأكيد أن ما حدث فى مصر ثورة وليس انقلابا.
وتقدم "الهلال اليوم" كشف حساب لوزير الخارجية، وسياسته التى ساهمت بشكل كبير فى نجاته من مقصلة التعديل الوزارى الذى وافق عليه البرلمان، اليوم.
إنهاء عزلة مصر الدولية
بذل السفير سامح شكرى جهودا كبيرة فى إنهاء حالة المقاطعة التى لجأت إليها دول أجنبية ضد مصر، بعد إسقاط الرئيس الأسبق محمد مرسى وجماعته، لتأكيد أن ما حدث فى 30 يونيو ثورة شعبية، وكللت مجهوداته بالنجاح بعد فترة طويلة من العمل الدءوب.
الخروج من نطاق الحليف الواحد
عملت الخارجية المصرية فى عهد شكرى على تدعيم العلاقات المتوازنة مع جميع دول العالم، ونجحت فى إخراج البلاد من نطاق الحليف لقوة واحدة، تجاه المزيد من العلاقات الخارجية المتوازنة والمتنوعة، فبلغ التقارب الاستراتيجى مع روسيا مراحل متقدمة، فى الوقت الذى شهدت العلاقات مع الولايات المتحدة أيضا تطورا إيجابيا ملموسا مع إطلاق الحوار الاستراتيجى، واستئناف المساعدات العسكرية، وازداد التقارب فى عهد الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، الذى أبدى إعجابه بمكافحة الرئيس عبد الفتاح السيسى للإرهاب واستعداده للتعاون معه.
كما دخلت مصر وشركاؤها الآسيويون فى علاقات جديدة، تمثلت فى التعاون الاقتصادى على أساس المنفعة المتبادلة، وتحويل ذلك التعاون من علاقة بين الحكومات فقط إلى علاقة تستوعب قوى المجتمع الاقتصادى ككل وفى مقدمتها رجال الأعمال، كما أبرزت التوجهات المصرية الخارجية توازنا ملحوظا، حيث شهدت تحولا نحو دول أوروبا، خاصة روسيا، وقبرص، واليونان، وإسبانيا، ونجحت فى إنهاء حالة العزلة الدولية ضد القاهرة، مع عقد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى.
تأمين صفقات أسلحة قوية
سعى شكرى من خلال تحركاته الخارجية إلى تأمين مصر بصفقات سلاح قوية، تضمن لها منافسة دول الإقليم، وتخرجها من الدائرة الأمريكية المغلقة كمصدر وحيد لجلب السلاح، حيث استطاع تأمين صفقات عسكرية هامة، من بينها صفقة الطائرات الفرنسية الرافال، والمدمرة الفرنسية ميسترال، والغواصات الألمانية.
لم الشمل العربى
استطاعت الخارجية المصرية فى عهد سامح شكرى أيضا إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول العربية الشقيقة، وعلى رأسها الكويت، والإمارات، وعلى الرغم من التوترات الطفيفة التى كدرت صفو العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية، إلا أن تعاونهما برز فى مشاركة القاهرة فى "عاصفة الحزم" التى قادتها الرياض فى اليمن، كما ظهر هذا جليا فى حجم الاستثمارات والاتفاقيات التى وقعتها المملكة داخل مصر.
العودة لحضن القارة السمراء
كما شهدت العلاقات المصرية الإفريقية، فى عهد الوزير تحولا مشهودا، بعد أكثر من 30 سنة من الفتور، فتعددت زيارات كبار مسئولى الدولة ووزرائها، فضلا عن إطلاق مبادرة التكتلات الثلاثة لدول الكوميسا من مدينة شرم الشيخ، وجاءت زيارة الرئيس السيسى إلى السودان وإثيوبيا، وعدد من دول القارة، كخطوة أخرى لدفع العلاقات نحو مزيد من التعاون المشترك.
جهود حل الأزمة الليبية
كان لمصر دور بارز فى دعم الأشقاء الليبيين نحو حل الأزمة خلال هذه الفترة، مع السعى الدائم لدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية تحافظ على بناء الدولة الشقيقة، بإقامة اجتماعات عدة للتنسيق بين القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق فائز السراج، آخرها المنعقد اليوم فى القاهرة.
التعامل مع الملف السورى
شهدت القضية السورية أيضا انخراطا ونشاطا مصريا ملحوظا فى عهد الوزير شكرى، حيث شكلت القاهرة راعيا رسميا لمؤتمرات المعارضة السورية، وكان لها موقفا قويا داعما للحفاظ على الدولة ومكوناتها خلال جهود التسوية، كما كانت مصر شريكا حاضرا ومؤثرا فى المؤتمرات الدولية بشأن الأزمة.
دعم القضية الفلسطينية
حظيت القضية الفلسطينية باهتمام كبير لدى الخارجية المصرية، حيث أطلقت صفارات الإنذار إزاء ما شهدته القدس المحتلة ومقدساتها الإسلامية من انتهاكات، وأعدت لمؤتمر إعمار غزة الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكتوبر 2014، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، ووزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، وممثلى 50 دولة، و20 منظمة دولية.
كما تقدمت مصر لمجلس الأمن بمشروع قرار بشأن وقف الاستيطان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية المحتلة، ثم اضطرت لسحبه مرة أخرى، ولكنها صوتت بالموافقة عليه بعد إعادة تقديمه من دول أخرى.
مفاوضات سد النهضة
بذلت الخارجية بقيادة سامح شكرى جهودا كبيرة فى مفاوضات سد النهضة، التى ما تزال جارية حتى الآن، حيث أكد السفير شكرى أننا قطعنا شوطا كبيرا فى بناء الثقة مع الأشقاء فى إثيوبيا، نافيا ما يتردد عن عدم تحقق نتائج إيجابية فى المفاوضات أو افتراض فشلها، مضيفا أن مصر بلد مؤسسات وأن ملف سد النهضة يشمل جوانب سياسية وفنية وأمنية واستراتيجية تتعاون فيها الجهات المعنية بالتكامل كل فى تخصه.
ميكروفون الجزيرة
خرج الوزير عن البرتوكولات الدبلوماسية، وأطاح بميكروفون قناة الجزيرة القطرية، خلال كلمته فى البيان الختامى بعد الاجتماع السداسى بخصوص سد النهضة، فى 12 ديسمبر 2015 بالعاصمة السودانية الخرطوم، ورغم خروج تصرفه عن المألوف، إلا أنه لاقى ترحيبا كبيرا.
سقوط الطائرة الروسية
ظهر التحدى الأكبر أمام الدبلوماسية المصرية فى إعادة العلاقات لطبيعتها مع موسكو، بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء، حيث اتخذ الجانب الروسى إجراءات رآها البعض عقابية ضد مصر، إلا أن مساعى الخارجية المصرية كللت بالنجاح، بعد جهود شاقة، ما أعاد العلاقات إلى طبيعتها مجددا.
جوليو ريجيني
دخلت وزارة الخارجية فى أزمة أيضا مع إيطاليا، بعد مقتل الطالب جوليو ريجينى، ما تسبب فى توتر العلاقات نسبيا، وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه للتدخل بإرسال رسائل مباشرة إلى روما، واعدا بكشف نتائج التحقيقات فى تلك القضية بشفافية تامة ومطلقة.
إلا أن البرلمان الأوروبى أصدر بيانا، ندد فيه بتعرض ريجينى للتعذيب والقتل فى ظروف متشابكة، مجددا طلبه وقف المساعدات المقدمة إلى مصر، لحين حماية الأوروبيين من ملاقاة مصيره، واتخاذ خطوات جادة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر.
ودفع ذلك وزارة الخارجية إلى إصدار بيان رافضا ما تناوله البيان الأوروبى، مؤكدا أنه "استباق لمجريات التحقيق فى القضية التى لا يزال العمل فيها جاريا بين السلطات المصرية والإيطالية"، ومع مرور الوقت بدأت العلاقات فى العودة مرة أخرى بين البلدين.
أزمة مقتل السائحين المكسيكيين
تسبب حادث مقتل السائحين المكسيكيين بالخطأ فى الصحراء الغربية، أثناء مطاردة قوات من الجيش والشرطة لعناصر إرهابية وإجرامية، فى أزمة بين البلدين، إلا أن شكرى بادر بشرح ملابسات الحادث، موضحا أن السائحين تواجدوا فى منطقة عمليات محظورة، الأمر الذى أدى إلى تعرضهم لنيران القوات.