تعتبر مصر حاضنة آل بيت النبوة وأولياء الله الصالحين، وقد بوركت بوجودهم حيث تأتي من منطلق دعوة السيدة زينب الشهيرة لأهل مصر لترحيبهم بقدومها قائلة: "أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجًا ومن كل ضيق فرجًا".
ونستعرض خلال ايام شهر رمضان المبارك عدد من هؤلاء الاولياء وفترة إقامتهم في مصر، ونستعرض اليوم: علي الروبي.
يقع مسجد وضريح الروبي بمنطقة الصوفى بمدينة الفيوم بجوار كوبرى المطافى ويتعلق بالضريح المحبين الذين يترددون عليه من مختلف قرى ومراكز المحافظة، كما يقام به مولد كبير فى ليلة النصف من شعبان من كل عام ويتم خلالها تقديم الموائد وعمل الحفلات الدينية والابتهالات ويحضرها المحبين من كافة محافظات الجمهورية.
والمنطقة عبارة عن مسجد وضريح وقبة بناهم السلطان برقوق، اعترافا منه بجميل الشيخ على الروبى رحمه الله عليه والذى يتصل نسبه بالعباس ابن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أولياء الله الصالحين وكان يطلق عليه الشيخ العابد الزاهد، وقد بشر السلطان برقوق عندما كان أميرا انه سيصبح سلطانا وبالفعل أصبح كذلك، فقرر بناء المسجد للشيخ على الروبى سنة 784 هـ اعترافا بجميله وحتى يجتمع فيه بمحبى العلم ومحبى الشيخ، وعندما توفى الشيخ على الروبى علم 785 هـ تم عمل الضريح الذى دفن فيه.
هذا المسجد الذى بناه السلطان اندثر حاليا وأنشأ مكانه المسجد الحالى، أما القبة والضريح فظلوا كما هما وحاليا الضريح والقبة الضريحية والمئذنة، كما هما وتم تجديدهما فى العصر العثمانى، والقبة والضريح مثل معظم القباب والأضرحة فى مصر فى هذه الفترة، حيث أن تصميمها عبارة عن جزء مربع ثم جزء مثمن ثم جزء مستدير ثم قبة وبها سارى من النحاس والمئذنة بنيت فى العصر المملوكى وجددت فى العصر العثمانى وبنفس النمط والقبة بها فتحات من الداخل للتهوية والإضاءة.
الضريح من الخارج له 4 واجهات 3 منها ملاصقة لمنازل مجاورة، أما الواجهة الرابعة وهى الجنوبية الشرقيه بها بابان يؤديان إلى داخل الضريح أحدهم بالطرف الشرقى وفى دخلة على جانبيها "مكسلتان"وهى ما تشبه المصطبة ومتوجه من أعلى بعقد مدائنى ويعلق على فتحة الباب مصراع خشبى والآخر بالطرف الجنوبى وهو على سمت الجدار مباشرة، ويتقدم هذه الواجهة بائكة رباعية ويعلو القبة الهلال.
وعن تخطيط المسجد فإن مسقطه الأفقى مربع يبلغ ضلعه 8.20م بصدر كل ضلع من أضلاعه دخلة سعتها 4.70م، وتشرف كل دخلة من الدخلات على التربيع الأوسط ببائكة ذات عقدين مدببين يرتكزان على عمود فى الوسط ويعلو كل تاج عمود طبلية خشبية وبصدر كل دخلة عدا الدخلة الجنوبية الشرقية قنديلة بسيطة، فى حين الاخرى بها مضاهية دخلة مسدودة يحيط بكل منها عقد ثلاثى بارز وعلى جانبى كل دخلة خزانتان.
ومنذ القدم ظهرت عند المصريين القدماء فكرة الولي الذي يمثل الآلهة المحلية التي يلجأ إليها الناس لتوصيل رغباتهم إلى إله الدولة الرسمي، سواء رع في الدولة القديمة أو آمون في الدولة الحديثة، وتطور الأمر مع دخول الإسلام إلى أضرحة الأولياء.
وعلى الرغم من ازدحام القاهرة بالمنشآت الحكومية، والوزارات، خاصة منطقة وسط البلد، إلا أنها ما زالت تحتفظ بعدد كبير من الأضرحة التى يتبارك بها المصريين، وهذه الأضرحة كانت موجودة قبل بناء القاهرة الخديوية على يد الخديوى إسماعيل، فربطت بين حقبة الدولة الإسلامية والقاهرة الحديثة التى أراد الخديوى بنائها على الطراز الأوربى لتباهى عواصم العالم الأكثر تمدن ورقى.
على الرغم من رغبة الخديوى انذاك فى بناء القاهرة من جديد على غرار العاصمة الفرنسية باريس، إلا أن المصريين استطاعوا الحفاظ على أضرحة أولياء الله الصالحين، والتى سميت مناطق نسبة لهم، فوسط الحداثة تجد ضريح لأحد المشايخ، وإن كان لا يذكره كل أهالى المنطقة المحيطة به.
هناك أضرحة مشهورة فى القاهرة يعلمها الجميع مثل ضريح سيدنا الحسين، والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وغيرهم، ولكن هناك أضرحة أخرى تنتشر فى شوارع وسط البلد لم يعرفها الكثير ولكن أهالى المنطقة المجاورة لها يقيمون لبعضها الموالد ويتباركون بالمكان ويزورنه.