قال الدكتور فتحي الفقي، عضو هيئة كبار العلماء، إنَّ مشهد الجامع الأزهر وهو يكتظ بالمصلين في رمضان يذكرنا بالمشهد في أم القرى، وما أشبه الليلة بالبارحة والمنظر بالمنظر، ويجعل المسلم في مصر يتمنى لو يصلي هنا كل يوم.
وأضاف خلال حديثه في درس التراويح بالجامع الأزهر أننا كمسلمين دخلنا شهر رمضان لنحصل على مضاعفة الأجر، لكن قبل ذلك ينبغي أن يكون المسلم قد نظف قلبه من الأوزار والدنس وحقوق العباد وراجع نفسه ورد المظالم، حتى يقبل الله صيامنا، وهناك فرق بين إجزاء العمل وقبوله عند الله سبحانه وتعالى، فإجزاء العمل هو أن يؤدي العبد ما عليه ويخلصه لله، فعلى الجميع أن يعمل كأن العبد يموت غدًا.
ولفت إلى ضرورة أن ينظر العبد حوله ويتعظ من موت الأقران من حوله، وشيب شعره، فعلينا جميعًا أن نستعد ليوم الحساب، الذي قال فيه رب العزة: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}، ويصدق الرسول ﷺ على ذلك فيقول لابنته فاطمة رضي الله عنها: «لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا»، ويمثل لنا النبي ﷺ بمثل حي، عندما تتطاير الصحف كل منا يأخذ صحيفته وتنشق الأرض عمن فيها، وعندما يلتقي الولد مع أمه فتمسكه من أكتافه وتلابيبه وتقول له: يا بني أترى ما أنا فيه؟ قال نعم يا أماه. أتذكر وقت أن كان بطني لك حواء؟ نعم يا أماه. أتذكر وقت أن كان ثديي لك سِقاء؟ نعم يا أماه. أتذكر وقت أن كان حجري لك غطاء؟ نعم يا أماه. فتقول الأم: خذ عني بعض ذنوبي يا بني. فيقول الولد: إليكِ عني فإن معي ما يكفيني. مضيفًا فضيلته أنه في هذا الوقت: {كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.
ووجه خلال درس التراويح ثلاث نصائح نأخذها من قصة إبليس مع سيدنا موسى، حيث لقي إبليس سيدنا موسى -عليه السلام- فقال: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليمًا... إذا تبت، وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب علي، قال سيدنا موسى: نعم، فدعا موسى ربه فقيل: يا موسى قد قضيت حاجتك، فلقي موسى إبليس، قال: قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك، فاستكبر وغضب وقال: لم أسجد له حيًّا أسجد له ميتًّا؟ ثم قال إبليس: يا موسى إن لك علي حقاً بما شفعت لي إلى ربك، فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن: اذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم، واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف فأذكره ولده وزوجته حتى يولي، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها.
وأوضح أنَّ الإنسان منا عليه أن يلجأ إلى الله دائمًا وخصوصًا في هذا المواقف الثلاثة، فلا بد من ذكر الله عن الغضب، وهي وصية رسول الله ﷺ لنا: «لا تغضب»، فكثير من مشكلاتنا تحدث وقت الغضب، وأن يحذر الرجل من أن يخلو بامرأة فقد الحبيب المصطفى ﷺ: «ما خَلا رجُلٌ بامرأةٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثالثَهما»، وهذا أسلوب حصر لا استثناء فيه، فعلينا جميعًا أن نتقي حرمات الله ونتقرب إليه بالذكر والعمل الصالح.