الإثنين 24 يونيو 2024

"فورين بوليسي": الصين قلقة حيال تطور العلاقات بين جيرانها الأسيويين والناتو

وزارة الخارجية الصينية

عرب وعالم1-4-2023 | 17:37

دار الهلال

أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ "ليست ساحة معركة للمنافسة الجيوسياسية، والمواجهة، وعقلية الحرب الباردة ليست موضع ترحيب في المنطقة"، داعية حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى التفكير في الدور الذي يلعبه لحماية أمن أوروبا.

جاء ذلك تعليقا على زيارة أجراها الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج، استغرقت أربعة أيام إلى كوريا الجنوبية واليابان، التي أدلى خلالها بتصريحات عن "التهديدات العسكرية" من الصين وكوريا الشمالية، ودعا إلى تعميق العلاقات السياسية للحلف مع كبار حلفائه الآسيويين.

واتهم ستولتنبرج الصين - خلال الزيارة - بمحاولة السيطرة على بحر الصين الجنوبي، معتبرًا أن "نزعة الصين المتزايدة وتعاونها مع روسيا لا تشكل تهديدا لآسيا فحسب، بل لأوروبا أيضا، ما يفرض السعي إلى تعاون أقوى والمزيد من الأصدقاء لحلف شمال الأطلسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

كما وجه ستولتنبرج انتقادات إلى الصين بأنها تستثمر بشكل متزايد في الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى دون توفير الشفافية أو الانخراط في حوار هادف بشأن الحد من التسلح للأسلحة النووية، واتهمها بـ"استعراض قوتها على جيرانها وتهديد تايوان"؛ ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل الصراع بين الناتو وبكين في السنوات المقبلة.

وكانت الصين وروسيا قد أصدرتا، بيانًا مشتركًا قبل أيام، أعربتا فيه عن القلق من تنامي وجود الناتو في آسيا.

وفي هذا الصدد، ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، في تقرير، أن زيارة ستولتنبرج لكوريا الجنوبية واليابان تعكس مدى جدية قيادة الناتو في النظر إلى علاقاتها مع هذين الشريكين، خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية وتحذيرات سابقة أطلقها رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بأن "أوكرانيا اليوم قد تكون شرق آسيا غدا".

وأشارت المجلة إلى أنه رغم مقاومة بكين منذ فترة طويلة ما تعتبره تدخل قوى خارجية في شؤون محيطها الإقليمي (الدول المجاورة لها)، إلا أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ربما أجبر الناتو على الاهتمام أخيرًا بآسيا بطريقة لا يمكن لأي قدر من الشكوى من جانب بكين أن تمنع الحلف من تعزيز العلاقات مع دول آسيوية.

وترجع علاقات الناتو واليابان إلى فترة الحرب الباردة، حينما بدأت طوكيو حوارات غير رسمية مع الحلف عام 1979، واستمرت حتى الثمانينيات حيث حاولت اليابان إشراك الناتو في مخاوفها الأمنية بشأن مفاوضات الحد من التسلح. 

وتم إضفاء الطابع الرسمي على تلك العلاقة في التسعينيات، ما جعل طوكيو الشريك الأقدم لحلف الناتو خارج أوروبا. وتوسعت العلاقات بسرعة منذ عام 2001، عندما أرسلت اليابان قوات عسكرية إلى المحيط الهندي لدعم السفن الأمريكية والأوروبية المشاركة في عمليات قتالية ضد نظام طالبان في أفغانستان.

وحول كوريا الجنوبية، بدأ الحوار مع الناتو عام 2005. وهناك عدد من الدول الأعضاء في الناتو أعلنت التزامها بالدفاع عن كوريا الجنوبية في حالة تعرضها لهجوم من بيونج يانج. 

وتعتبر سول شريكا مهما بشكل خاص لحلف الناتو فيما يتعلق بمسألة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، خاصة في ظل اهتمام الحلف بنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية.

كما تعتبر كوريا الجنوبية مشاركا منتظما في مؤتمر الناتو السنوي حول أسلحة الدمار الشامل.

وصارت المواد الدفاعية المنتجة محليا في كوريا الجنوبية جذابة بشكل متزايد في أوروبا، وهو ما تجسد في استغلال أمين عام الحلف ستولتنبرج زيارته الأخيرة لحث كوريا الجنوبية علنا على توفير الأسلحة لأوكرانيا، نظرا لقدرتها الخاصة على إنتاج قذائف المدفعية والذخيرة التي تحتاجها كييف بشدة.

ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن التهديدات الرئيسية التي تواجه الناتو وشركائه حاليا لا تقتصر على منطقة شمال الأطلسي أو شرق آسيا فقط، بل إن العديد من التهديدات المعاصرة تتجاوز الجغرافيا -كما ذكر ستولتنبرج نفسه- حيث لا تحترم الهجمات السيبرانية والأوبئة، على سبيل المثال، الحدود الوطنية. 

وأشارت إلى أن تهديدات كوريا الشمالية النووية ليست موجهة لكوريا الجنوبية وحدها، بل لليابان والولايات المتحدة وكذلك لحلف شمال الأطلسي، لأن أي تهديد نووي يمكن أن يدفع العالم نحو الحرب. 

وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أنه في ظل دعم الصين الضمني للعملية الروسية في أوكرانيا، والشائعات التي تفيد بأن الصين قد تخاطر بتقديم مساعدات مادية (عسكرية) مباشرة إلى موسكو، صار هناك محور ناشئ للقوى النووية بأسلحة تفوق سرعة الصوت (فرط صوتية) وصواريخ باليستية عابرة للقارات (روسيا والصين) يهدد النظام الدولي الذي تم إنشاء حلف الناتو لحمايته.

وقالت المجلة الأمريكية إن الناتو اعتبر في، وثيقة المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي الذي اعتمدها بقمة مدريد منتصف 2022، أن الصين تشكل "تحديا لمصالح دول الحلف وأمنها، كما أن طموحات الصين المعلنة وسياساتها القسرية تتحديان مصالحنا وأمننا وقيمنا. وأن بكين تستخدم أدوات سياسية واقتصادية وعسكرية على نطاق واسع لزيادة نفوذها الدولي، فيما تبقى غامضة بشأن استراتيجيتها ونواياها وتعزيزاتها العسكرية".

وفي حين استبعدت "فورين بوليسي" أن يوسع حلف الناتو نطاقه الجغرافي بشكل كبير، إلا أنها رأت أن اهتمام الناتو بأمن المحيطين الهندي والهادئ سوف يتعمق فقط في حال استمرت جهود الصين لتغيير الوضع الجيوسياسي الحالي. 

وأوضحت المجلة أن الحلف، مدفوعًا بمخاوفه من سياسات بكين، أطلق مؤخرا مبادرة بعنوان "المستقبل في المحيطين الهندي والهادئ"، تهدف إلى دعوة خبراء من بلجيكا وأستراليا وفرنسا واليابان لتحليل الأحداث في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مع التركيز على آثارها المحتملة على الأمن الأوروبي الأطلسي، مشيرة إلى أن الهند، التي اشتهرت بالتشبث بسياسة عدم الانحياز، قد تبدأ العمل على تعزيز تعاونها مع الحلف، الأمر الذي يثير استياء بكين بشدة.

ولفتت المجلة إلى أن احتجاجات بكين المستمرة ضد مشاركة الناتو في المنطقة تسلط الضوء على حجم المشكلة التي تمثلها هذه المشاركة أمام طموحات بكين في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، مضيفة أن الأزمة الروسية الأوكرانية نبهت الناتو وآخرين إلى أن الصراعات الإقليمية ليست شيئا من الماضي، وأن احتمال اندلاع عملية عسكرية في تايوان يبدو حاليا أكثر واقعية.

وأخيرا، ورغم استبعاد حدوث تغيير في طبيعة العلاقة بين الصين والناتو خلال الفترة القليلة القادمة، ترى مجلة "فورين بوليسي" أن سياسات الحلف المنصوص عليها في بيان قمة 2021 والمفهوم الاستراتيجي لعام 2022، التي تقر بأن الصين تفرض تحديات طويلة الأجل يجب مواجهتها، ستزيد من الصعوبات أمام بكين لتحقيق تطلعاتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.