الخميس 13 يونيو 2024

«فورين بوليسي»: بزوغ مقاومة فلسطينية جديدة بعيدا عن الانقسامات لمحاربة إسرائيل

فلسطين

عرب وعالم1-4-2023 | 19:19

دار الهلال

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن مقاوة مفلسطينية جديدة بدأت في الظهور؛ حيث تخلى المقاتلون الفلسطينيون الشباب عن الانقسامات القديمة؛ لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي.
وكتبت المجلة تقريرا - حمل عنوان (المقاومة الفلسطينية الجديدة) - أن القيود الإسرائيلية على المسجد الأقصى في القدس؛ أدت إلى سلسلة من ردود الفعل أفضت إلى عدوان إسرائيلي على غزة استمر 11 يوما، استشهد خلاله 261 فلسطينيا، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
وأكدت أن تنصيب أكثر حكومة يمينية إسرائيلية تطرفا في التاريخ في أواخر ديسمبر الماضي أدى إلى جعل الوضع في الضفة الغربية أكثر كآبة.، حيث قتل خلال الشهر الماضي، فلسطيني بالرصاص في بلدة حوارة بالضفة الغربية مستوطنين إسرائيليين انتقاما لقتل الجيش الإسرائيلي 11 فلسطينيا وجرح أكثر من 100 في مداهمة على مدينة نابلس قبل أيام قليلة فقط. وردت غوغاء المستوطنين على إطلاق النار بهجوم قاتل وُصف بالمذبحة.
وأشارت إلى موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تأجيل خطة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي أثارت احتجاجات حاشدة بين الإسرائيليين إلى الجلسة الصيفية للبرلمان. وفي مقابل موافقة شريكه في الائتلاف، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد وافق نتنياهو على تشكيل قوة أمنية جديدة تعمل بموجب أوامر مباشرة من بن غفير، الذي سبقت إدانته بالتحريض على العنصرية.

وأكدت أن بعض الفلسطينيين يخشون من أن هذه الخطوة ستصب الزيت على النار المشتعلة بالفعل في الضفة الغربية.
وذكرت المجلة الأمريكية أن السلطة الفلسطينية أثبتت معظم الوقت أنها غير قادرة على وقف الهجمات على النحو الذي يمليه تفاهمها للتنسيق الأمني مع تل أبيب.

كما أنها أثبتت عدم قدرتها على القضاء على جماعات المقاومة المسلحة الجديدة التي ظهرت في جميع أنحاء الأراضي المحتلة ردا على سياسات الاستيطان الإسرائيلية وعمليات القتل شبه اليومية للفلسطينيين على أيدي الجيش الإسرائيلي.
وفي مارس الماضي، شن الجيش الإسرائيلي عملية كاسر الأمواج، حيث أغارت على الضفة الغربية بشكل شبه يومي بعد موجة من الهجمات الفلسطينية. وبعد 12 شهرا، لم تظهر أعمال العنف سوى القليل من علامات التراجع.

وانتهى عام 2022 ليكون العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لفلسطينيي الضفة الغربية منذ نهاية الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في عام 2005. وإن عام 2023 في طريقه ليكون أكثر فتكا فقد قتلت القوات الإسرائيلية نحو 75 فلسطينيا حتى الآن هذا العام.

وقتل مقاتلون فلسطينيون 14 إسرائيليا خلال نفس الفترة، وفقا للأمم المتحدة.
وبحسب المجلة، حفز ارتفاع عدد القتلى جيلا جديدا من المقاتلين الفلسطينيين على تنظيم جهودهم لمقاومة الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية في مجتمعاتهم.. في تحد للسلطة الفلسطينية، التي تنخرط في تعاون أمني مع إسرائيل وتستهدف في كثير من الأحيان هذه المجموعات نفسها.

وينحدر معظمهم من الشباب من جميع أنحاء الضفة الغربية، من مدينة أريحا إلى نابلس إلى مخيم جنين وغالبا ما يُشاهَدون وهم يحملون بنادق M16 ويرتدون أقنعة لتجنب التعرف عليهم.

وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه "تقليديا، عملت الجماعات الفلسطينية المسلحة كأجنحة مسلحة للأحزاب السياسية، مثل حماس وفتح التابعة للسلطة الفلسطينية، لكن خلال الانتفاضة الثانية، انتشرت هجمات الذئاب المنفردة.. وفي أعقاب الانتفاضة - وتحت ضغط من المخابرات الإسرائيلية - رأت العديد من الجماعات التقليدية أن صفوفها تتضاءل وهياكلها التنظيمية تنهار.. وقد أفسح ذلك المجال لنموذج لا مركزي للمقاومة، من خلايا صغيرة وفصائل منشقة تهيمن على المشهد العسكري".
ورأت المجلة الأمريكية أنه منذ عام 2022، بدأ مقاتلون من فصائل تقليدية مختلفة بالتعاون تحت مظلة مجموعات جديدة. وقرر العديد من الشباب تولي زمام الأمور بأنفسهم بعد أن رأوا ترسخ الاحتلال الإسرائيلي، والقصف الروتيني لقطاع غزة، وتنامي المستوطنات الإسرائيلية. كما أنهم يشعرون بخيبة أمل من السلطة الفلسطينية التي لم تسفر استراتيجيتها السياسية عن نتائج ملموسة خلال حياتهم.
وأشارت إلى أن “عرين الأسود” في نابلس و”كتيبة جنين” هما أكبر المجموعات الجديدة.

لكن مجموعات أصغر ظهرت أيضا، مثل “كتيبة بلاطة” في مخيم اللاجئين الذي يحمل الاسم نفسه، وكتيبة “عش الدبابير” الموجودة أيضا في مخيم جنين. وإسرائيل والسلطة الفلسطينية تكافحان من أجل السيطرة عليهم جميعا.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن مجموعة "عرين الأسود" انخرطت - بانتظام - في اشتباكات مسلحة مع جنود ومستوطنين إسرائيليين وإطلاق النار عليهم في الضفة الغربية.. ففي أكتوبر الماضي، أطلقت المجموعة النار وقتلت جنديا إسرائيليا في الأراضي المحتلة، وفي فبراير، قالت "كتيبة نابلس" و"عرين الأسود" و"كتائب شهداء الأقصى" (الجناح العسكري لحركة فتح) في نابلس إن عناصرها أطلقوا النار على القوات الإسرائيلية التي كانت تداهم المدينة.


وأكدت المجلة أن صعود هذه المجموعات لم يكن مفاجأة للمراقبين، بالنظر إلى القبضة الحديدية التي تحكم بها إسرائيل الضفة الغربية وعجز السلطة الفلسطينية عن قمع هذه التجمعات دون إثارة غضب الرأي العام.
وقالت نور عودة، المتحدثة السابقة باسم حكومة السلطة الفلسطينية، إن "عرين الأسود والتشكيلات الأخرى في مدن الضفة الغربية هي نتيجة ثانوية طبيعية لثلاثين عاما من الفشل الدولي المتعمد لإنهاء الاحتلال والرضا بسلطة فلسطينية تفعل ما يُطلب منها. إنها أيضا رد فعل طبيعي على صعود الأحزاب الفاشية العنصرية في إسرائيل التي تهدد أجندتها وجود الشعب الفلسطيني".
ولفتت المجلة إلى أن حكومة الاحتلال الجديدة هي الأكثر يمينية وقومية وتطرفا في تاريخها.. والسلطة الفلسطينية غير قادرة وغير راغبة في فعل أي شيء للرد على الطوفان المستمر للحكومة الإسرائيلية الجديدة من الإجراءات والخطابات المعادية للفلسطينيين. وقطعت التنسيق الأمني مع إسرائيل بعد الغارة القاتلة على نابلس في فبراير، لتعيده بعد ذلك بوقت قصير.
وتذكر أنه في أعقاب الانتفاضة الثانية، قامت السلطة الفلسطينية بدمج أعضاء بارزين في كتائب شهداء الأقصى في أجهزتها الأمنية الرسمية كجزء من برنامج نزع السلاح والتسريح؛ ما سمح للتنظيم بالحفاظ على بعض السيطرة على مستوى الشارع.

ومع ذلك، فيبدو أن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية غير قادرة على السيطرة على العنف على الأرض بعد الآن، وتجد نفسها متفرجة على صراع جديد محتدم أمام أعينها.
وأوضحت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أنه كان هناك تصاعد في أعمال العنف في أنحاء الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية.. الاختلاف اليوم هو أن الجماعات المسلحة الجديدة قد طمست خطوط الفصائل السياسية الفلسطينية التقليدية من خلال العمل عبر الصدوع القديمة.. وتتكون الجماعات الأحدث مثل "عرين الأسود: على سبيل المثال، من رجال مرتبطين بحماس وفتح والجهاد الإسلامي في فلسطين.
ولفتت إلى أن مطلق النار الذي قتل اثنين من المستوطنين الإسرائيليين كان على طريق حوارة الرئيسي في فبراير عضوا في حماس من نابلس. لكنه اختار الاختباء في مخيم جنين للاجئين حيث كان يحميه مقاتلو “كتائب شهداء الأقصى”.
وأضافت المجلة أن هذه السيولة أثبتت أنها مُحبطة لإسرائيل، حيث إنها تجعل من الصعب على جيشها شن ضربات استباقية.
ونقلت المجلة الأمريكية عن مايراف زونسزين، أحد كبار المحللين في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني مع مجموعة الأزمات الدولية قوله: "عندما تنتشر الجماعات المسلحة وعندما يتعلق الأمر بحقيقة أنه ليس لديها برنامج سياسي واضح، فهذه مشكلة لإسرائيل لأنها تريد دائما أن يكون لديها عنوان.. تريد أن تعرف على من يقع اللوم، ومن المسؤول".
وأكدت أن العديد من الفلسطينيين يرون - الآن - أن الفصائل السياسية التقليدية تمثل عبئا، إما لأنهم يعتبرونها غير فعالة أو لأنها مشاركة نشطة في – ومستفيدة من – الانقسامات السياسية التي تدعمها المصالح السياسية الإسرائيلية والأمريكية.
ووفقا لاستطلاع حديث للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية؛ فإن نسبة متزايدة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بلغت 58% تؤيد العودة إلى المواجهات المسلحة والانتفاضة ضد إسرائيل.
ومع ميل إسرائيل إلى اليمين، وتزايد الغارات الإسرائيلية المميتة على التجمعات السكانية الفلسطينية، وغياب حل سياسي للاحتلال، يبحث الفلسطينيون عن بدائل لسياسة "انتظر وانظر".
في نفس الاستطلاع، قال أكثر من 70% من الفلسطينيين في الضفة الغربية إنهم أيدوا هجوم حوارة الأول الذي أسفر عن مقتل مستوطنين إسرائيليين، بينما أيد ثلثاهم تشكيل جماعات مسلحة جديدة لا تتلقى أوامر من السلطة الفلسطينية، مثل “كتيبة جنين” أو “عرين الأسود”.
ورأت المجلة في دعم هذه المجموعات الجديدة والمستقلة على أنه نتيجة لتزايد عدم ثقة الشعب الفلسطيني بالسلطة الفلسطينية واليأس من احتمالات التوصل إلى حل سياسي للاحتلال.
واعتبرت أن محاولات إسرائيل تضييق الخناق على الجماعات المسلحة الجديدة قد عززت من شعبية هذه الجماعات بين الفلسطينيين بشكل أكبر.

وعلى الرغم من إمكانياتها المتواضعة نسبيا، فقد نجحت هذه الجماعات بالفعل في تأمين ثقة الشارع الفلسطيني.