سيادة الرئيس..
اسمح لى - ابتداء - بأن أهنئك، على كل الخطوات الجادة، الواسعة، التى اتخذتها لدحر الإرهاب، سواء فى سيناء أو على الحدود الغربية، أو فى داخل مدن وادى النيل.. وأهنئك - ثانية - على التفاف المصريين حولك، وثقتهم بك، كرئيس وإنسان ومواطن، وأن أهنئك - ثالثة - على مجمل الحراك النشط للسياسة الخارجية فى سنة مرت من حكمك.. وأهنئك -مرة رابعة - على المشروع التاريخى العظيم، قناة السويس الجديدة، الذى ننتظر الانتهاء منه بفروغ الصبر.
سيادة الرئيس..
مواقفك التى سيكتبها لك التاريخ باعتزاز وإكبار.. كثيرة، لكن الهموم أكثر.. نعرف هذا ونقدره حق قدره، ونعلم أن ابتسامتك الودود التى لا تفارقك، وراءها انضباط نفسى هائل، دربت نفسك عليه، وأن هناك كثيراً من الأهوال، تنوء بحمله الجبال، والأعداء يدربون المؤامرات للوطن كله!.. ثمة بقايا للنظامين الساقطين - مبارك ومرسى - يتحركون من وقت إلى وقت، نكتشف كل يوم - من خلال مهنتنا، وهى مهنة معلومات قبل كل شىء - أن الآلاف من موظفى الدولة ينتمون إلى “المحظورة”، ويدبرون الأزمات للوطن فى كل طلعة نهار.. وهم أخطر ألف مرة ممن يحاولون إثارة الشغب أو الفوضى فى الشارع، ونكتشف كل يوم.. أن ثمة رجال أعمال ومليارديرات وسياسيين سابقين ينتمون إلى نظام المخلوع مبارك، يكيدون للدولة المصرية، ويرفضون خطتك للتنمية الشاملة، لأنهم لا يجدون لأنفسهم نصيباً فى “الكعكة”، وأن سياسيين كباراً من نظام مبارك، كانوا مقربين إليه بعضهم فى القاهرة وبعضهم مهاجر منها إلى عواصم قريبة، يحاولون العبث بمفاصل الدولة المصرية الآن.. للضغط عليك، بمنطق «فيها لأخفيها».
سيادة الرئيس..
نعلم أن الفساد عشش فى دواوين الحكومة، وفى تفاصيل حياتنا اليومية، وأنك - وأنت الرجل الذى تأبى تركيبته وجود الفساد - تحاول القضاء عليه .. لكن الفساد يتغول كل يوم ، تمتد أذرعه مثل الأخطبوط، يرتع فى كثير من الأماكن.. غير مبال بالدولة ولا بالأجهزة الرقابية، وليته كان فساداً مالياً أو أخلاقياً وحسب.. لكنه فساد يتعلق بالوطنية ذاتها، هناك مراكز “مجتمع مدني” تمارس أعمالاً ضد الأمن القومى المصري، ومن قلب القاهرة.. وهناك وزراء فى الحكومة الحالية لا يمكن أن نستبعدهم من نفس هذه الدائرة التى نشك فيها..!
سيادة الرئيس..
وأنت الذى تربيت فى قلب «القاهرة التاريخية”، فى عائلة كريمة.. تعرف أحوال الناس من قرب، لا تحتاج إلى دليل أو إلى لسان يحكى لك عنها، كان لك - بالتأكيد - جيران فقراء.. هؤلاء يقيناً.. ازدادوا فقراً، لقد ورثنا من انفتاح السادات وعولمة مبارك وعام مرسى الأسود، أهوالاً اقتصادية، زادت الفقراء فقراً، وزادت الأغنياء غني.. حتى عاد نفر من هذا الشعب البسيط يشتاق إلى أيام المخلوع مبارك، وما كان فيها من فساد.. لأن الفساد كان يعطيهم «بقشيشاً» يسترهم.. أما الآن فلا فساد ولا بقشيش!.
سيادة الرئيس..
خارج الحدود تتشكل خارطة غامضة للشرق الأوسط.. تتضارب فيها المصالح، وتتقاطع فيها المحاور، يتحدثون عن “سايكس -بيكو” جديدة تقسم الوطن العربى كما قسمته قبل مائة عام، وواشنطن متربصة بالقاهرة، وأجهزتها الاستخباراتية تبارك تحركات منظمات حقوق الإنسان المزعومة فى أمريكا وأوروبا على السواء، و”المحظورة» تتحرك فى العواصم الأوربية، ولها رجال فى دوائر الحكم فى تلك القارة «ليس رئيس البرلمان الألمانى فقط.. ثمة آخرون»، كل هذه الأطراف ترفض تجربتك فى حكم وطنى مستقل يستند للإرادة الشعبية ويقوّض الإرهاب ويقيم دولة تجمع بين الحداثة والعدل الاجتماعى.
سيادة الرئيس..
لدينا يقين بأنك على علم بكل ما ذكرته.. بل إن ما ذكرته لا يساوى إلا أقل القليل مما تعرف، وأنك صاحب دراية وتدبير، ولديك خطط بديلة، وتعرف - يقيناً - عدوك من صديقك.. لكن يا سيادة الرئيس، المصريون البسطاء -هؤلاء الذين يشكلون أغلبية الشعب، وأغلبية من انتخبوك - قلقون للغاية، خائفون من الغد، دعنى أصارحك بأنهم لا يثقون إلا بك.. إذا خرجت الكلمة منك لا يردونها، يأخذونها من المسلمات.. وأنت قمت بمصارحتهم عشرات المرات، آخرها لقاؤك الشهرى المهم قبل أسبوعين على شاشات التليفزيون والفضائيات.
نرجو أن يكون لقاؤك القادم بهم تحولاً مهماً فى السياسة المصرية.. يتمنى المصريون أن يسمعوا «عبدالفتاح السيسى» بصراحته المعهودة، ووطنيته المشتعلة، يقول لهم إنه يعرف ما يشكون منه، وأنه عازم على ضرب بقايا النظامين السابقين، يتمنى المصريون أن يسمعوا من رئيسهم «إعلاناً سياسياً شاملاً»، يتضمن استبعاد الفاسدين، ضرب خلايا” المحظورة” التى تعبث فى الدولة، فك ارتباط المؤسسة الرئاسية - الوهمى، الذى نعلم أنه لا شىء - بدوائر إعلامية مشبوهة، متربحة، عفنة، تعمل لصالح نظام مبارك.. هل تذكر سيادة الرئيس حين ألمحت قبل شهور إلى ضرورة إصدار قانون يجرم التعدى اللفظى أو المعنوى على ثورتى يناير ويونيه.. كيف انقلب هؤلاء المنافقون عليك؟.. هذا الإعلان السياسى الشامل، نتمنى أن يشمل اختيار «طاقم رئاسى متكامل”، واستبعاد الوزراء الذين عليهم ملاحظات تمس الأمن القومى وأنصاف الوطنيين والكسالى أيضاً.. وتعديلاً فى “حركة المحافظين” يستبعد هؤلاء الذين تكشفوا عن عداء حقيقى للشعب.. وأن يشمل آمالاً حقيقية قابلة للتحقيق فى المجال الاقتصادى، تبث البشرى للفقراء وللطبقة المتوسطة.. ناخبيك الحقيقيين..!
سيادة الرئيس..
يشهد الله أننى لم أطلب تلك المطالب من رئيس قبلك .. فمبارك كنا ضده، وفقدنا الأمل فيه، ومرسى كنا نراه عاراً على الوطن، ولا نعترف به كرئيس .. أما أنت، فيعلم الله أننا نعلق عليك آمالاً كباراً، ونرى فيك عزماً مؤكداً على الإنجاز، ونلمس فيك وطنية صادقة، وقدرة لا شك فيها على الإنجاز.. نحن وراءك يا سيادة الرئيس،نبتغى تطهيراً شاملاً لثوب الوطن من بقايا النظامين البائدين، وسياسة اقتصادية - اجتماعية لا لبس فى انتمائها إلى المصريين الحقيقيين الغلابة، ورجالاً يخلو ثوبهم من الدنس.. افعلها وثق بأننا سنقف وراءك كما وقفنا فى ٣٠/٦، وفى جمعة ٢٦/٧، والله لن نخذلك أبداً!
كتب : أحمدالنجمى