في الوقت الذي تتعدد فيه شكاوى الأمهات من انشغال الأبناء وقضائهم أغلب الوقت أمام شاشات الهواتف الذكية والأيباد وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة، نجد أنه في المقابل يعاني الكثير من الأبناء من هوس الآباء بهذه الوسائل وانشغالهم أغلب الوقت بمتابعة حساباتهم الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة "الانستجرام والفيس بوك وتويتر وغيرهما ".
وتشير في هذا الصدد دراسة حديثة إلى أن انشغال الآباء بوسائل التكنولوجيا الحديثة أصبحت من الأمور التي تثير مشاعر الغضب والغيرة لدى الأبناء بصورة تضاهي غيرتهم حين قدوم مولود جديد، حيث يشعرون بفقدان حب الآباء لهم ,ما يدفعهم لمحاولات لفت الانتباه اليهم بأي وسيلة حتى وإن أساءوا التصرف.
في هذا السياق يقول الدكتور أحمد عبدالله، الخبير التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية، إلى أنه رغم ما تحققه مواقع التواصل الاجتماعي من فائدة كبرى لمستخدميها من حيث سرعة التواصل وتوسيع شبكة العلاقات وغيرها من الفوائد الأخرى, إلا أن لها العديد من التأثيرات السلبية على نطاق الأسرة ,حيث ساهمت إلى حد كبير في انشغال الآباء عن الأبناء ,حيث أصبح الأب وكذلك الأم منشغلة طوال الوقت بمتابعة حساباتهم الخاصة , عبر مواقع التواصل المختلفة.
وأكد أن انشغال الآباء بهذه الوسائل يسبب العديد من الأضرار النفسية للأبناء ,من أهمها افتقاد الأبناء الشعور بالترابط الأسري والاحتواء والدفء الأسرى حيث يشعرون أنهم يأتوا في مرحلة متدنية في اهتمامات الآباء وهو ما يكون له تأثيرات نفسية سيئة , حيث يكونوا أكثر ميلاً للعزلة أو العدوانية وغيرها من السلوكيات الغير سوية.
وأضاف، كما أن هذا الانشغال الدائم من قبل الآباء بهذه الوسائل يزيد من مشكلة إدمان الأبناء لوسائل التكنولوجيا على الرغم من أخطارها المتعددة عليهم من الناحية الاجتماعية والذهنية وذلك لأن الآباء يكونوا قدوتهم في هذا الأمر، فضلاً عن افتقادهم للمصداقية في حديث الآباء في حال نصحهم بالتقليل من جلوسهم أمام الشاشات الإلكترونية لتفادي أضرارها.
ولفت إلى أن أفضل الحلول لهذه المشكلة هو تنظيم الوقت بحيث يخصص الآباء أوقات تصفحهم ومتابعتهم لحساباتهم الخاصة بحيث لا تتعارض مع أوقات الجلسات الأسرية التي يجب أن يكون فيها كل الاهتمام موجه للأبناء ,معتبراً أن الجلسات الأسرية المثمرة والتي يشعر فيها الأبناء باهتمام وحب الآباء لهم تعد أهم العوامل المؤثر ة بشكل إيجابية في نشأة الأبناء بشكل سوي دون أي تعقيدات نفسية.