قالت هيئة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية "أر تي بي اف"، اليوم، إنه سيتم اليوم إطلاق المركبة الفضائية "جوس" (مستكشف أقمار المشترى الجليدية) التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، بواسطة صاروخ "أريان 5"، من قاعدة كورو الفضائية في جويانا الفرنسية.
وتذهب المركبة الفضائية في رحلة طويلة، حيث تسافر أولا إلى كوكب المشتري لمدة ثماني سنوات قبل الدخول في مدار حول جانيميد (2034)، وهو أكبر أقمار المشترى، الهدف من هذه المهمة، التي تعد الأبعد في نظامنا الشمسي لوكالة الفضاء الأوروبية هو دراسة ثلاثة من أكبر أقمار المشترى، (يوروبا وجانيميد وكاليستو)، يعتقد أن لكل منها محيطات مائية سائلة تحت القشور الجليدية.
وعمل 2000 شخص من 23 دولة لأكثر من 16 عاما لتطوير هذه المهمة، وشاركت 18 مؤسسة عامة و83 شركة، بما في ذلك العديد من البلجيكيين، والغرض من المهمة هو البحث عن أماكن أخرى نشأت فيها الحياة.
ولفتت "أر تى بى إف"- في تقريرها- إلى أن هذا "العملاق الغازي" مثير للاهتمام ومحاط بالألغاز وبيئته هي واحدة من أكثر البيئات عدائية في نظامنا الشمسي، حيث طرحت جميع البعثات السابقة أسئلة أكثر من الإجابات، مؤكدة أنها رحلة ثورية تنتظر "جوس".
وتابعت: "شارك عالم الكواكب تيم فان هولست، من المرصد الملكي البلجيكي، في هذا المشروع الاستكشافي غير المسبوق لوكالة الفضاء الأوروبية (وكالة الفضاء الأوروبية) منذ بداية العام 2007، ويقوم حاليا بتنسيق الأبحاث حول المناطق الداخلية للأقمار المحيطية الثلاثة.
وبحسب فان هولست: "هناك ثلاثة أقمار صناعية للجليد حول كوكب المشترى يعتقد أن لكل منها محيطات مائية سائلة تحت القشور الجليدية، كما يعتقد أن هذه المحيطات قد شكلت مكانا تطورت فيه الحياة أو من الممكن أن تتطور فيها، ويعد هذا هو أحد الأسئلة الرئيسية لهذه المهمة، هل هناك حياة في مكان آخر غير كوكب الأرض.
وقال هولست: "بالنسبة للمياه السائلة، سيكون هناك الكثير، أكثر مما يوجد في جميع محيطاتنا على الأرض، على وجه الخصوص، داخل جانيميد، أكبر قمر في النظام الشمسي، وسيتمكن هؤلاء العلماء من فحصه عن كثب (على مقياس النظام الشمسي) اعتبارًا من العام 2034 وهذا، لمدة عام، عندما يكون "جوس" في مدار حولها، لافتا إلى أنها ستكون هذه هي المرة الأولى التي تدور فيها مركبة فضائية حول قمر غير الأرض.
وأشار فان هولست إلى أن (جانيميد) يحتوي على طبقة جليدية يبلغ سمكها حوالي 900 كيلومتر، وعلى عكس قمرنا، فإنه يحتوي على مجال مغناطيسي، وهو أمر مثير للدهشة، مضيفا "ربما كانت توجد حياة في هذه المحيطات، وتم حمايتها بفضل الطبقة الجيلدية، بالإضافة إلى ذلك، بما إن (جانيميد) لديه مجال مغناطيسي، فإنه سيضيف الحماية كما هو الحال بالنسبة للحياة على الأرض".
واستطرد قائلا: "يعد وجود الماء السائل أحد الشروط الضرورية لظهور الحياة وتطورها، ولكنه غير كافٍ، كما أن هناك حاجة إلى عناصر كيميائية مثل العناصر الغذائية والطاقة، من خلال دراسة المناطق الداخلية لهذه الأقمار، سنرى ما إذا كانت هذه الشروط قد تحققت هنا أم لا؟".
وأوضح أن فريقه سيستخدم لفحص الأجزاء الداخلية للأقمار، مقياس المغناطيسية (يسمى J-MAG) لرصد المجال المغناطيسي الناتج عن المحيط تحت السطح وسيقيس جهاز العلوم الإشعاعية (3GM) الجاذبية والدوران والمد والجزر في الأقمار، وسيتم تتبع الإزاحة في ارتفاع عدة أمتار من سطح الجليد أثناء المد والجزر بواسطة مقياس الارتفاع بالليزر (GALA)، والذي بفضله سيتم تحديد التضاريس الدقيقة لـ (جانيميد).
من جانبها.. قالت روز ماري بالاند، أحد علماء الكواكب في الفريق: "من خلال دراسة معايير دوران هذا القمر، يمكننا أيضًا أن نعرف بدقة، على سبيل المثال، عمق المحيط، مشيرة إلى أن كل هذه المعلومات تسمح لنا بفهم تاريخ القمر الجليدي، هل سنلاحظ شيئًا ما كان يحدث منذ فترة طويلة، هل كان هذا المحيط السائل موجودًا لفترة طويلة أم لا، و سيسمح ذلك بمعرفة ما إذا كان هناك احتمال أن يكون صالحًا للسكن.
وفيما يتعلق بالأداة الرابعة (مطياف التصوير المعقد- MAGIS).. قالت: "تجعل هذه الأداة من الممكن معرفة خصائص الجليد والمعادن الموجودة على سطح القمر الجليدي وعلاقاتها مع باطن الأرض، وقد تم تطوير هذه الأداة من قبل عشرات المهندسين والعلماء في فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة.
ولفت ديفيد بولسي رئيس مختبر التوصيف الإشعاعي إلى أنه تم اتخاذ كافة الاحتياطات "كان علينا وضع المسبار (جوس) في بيئة تحاكى الفضاء، فى ظل فراغ وفي درجات حرارة منخفضة للغاية، وذلك بفضل نظام التبريد، ودرسنا كل أدائه الداخلي وخصائصه البصرية الكهربائية، على وجه الدقة.
وقال: "سيوفر لنا تصوير الغلاف الجوي والسطح لهذا الكوكب الغازي العملاق وثلاثة من أقماره الصناعية الجليدية معلومات قيمة حول تكوينها داخل نظامنا الشمسي وظروف الظهور التي تسمح بالحياة، لكن هذا ممكن فقط إذا كان الكاشف ومقياس الطيف يعملان بشكل مثالي.
واختتمت (أر تى بى إف) قائلة: "في الوقت الحالي، ستستمر الرحلة 8 سنوات، قبل سلسلة من المناورات المعقدة عندما تصل إلى بيئة معادية لكوكب المشتري، قد يؤدي الإشعاع الشديد إلى إتلاف نظامه الإلكتروني وقد تتسبب قوة جذب العملاق في انحرافه، مؤكدة أن هذه هي المهمة الأكثر بعدًا في النظام الشمسي التي قامت بها وكالة الفضاء الأوروبية.