اعتقل مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي، شاباً بالحرس الوطني التابع للقوات الجوية، في ما يتعلق بتسريب وثائق سرية على الإنترنت تسبب بالحرج لواشنطن أمام حلفائها في شتى أنحاء العالم.
وانقض عملاء من مكتب التحقيقات جاؤوا بسيارة مدرعة ومعدات عسكرية على جاك دوجلاس تيشيرا، بمنزله في دايتون بولاية ماساتشوستس.
وقال وزير العدل الأمريكي ميريك جارلاند، إنّ قوات الأمن أوقفت عنصراً في الحرس الوطني بشبهة تسريبه على الإنترنت وثائق دفاعية سرّية للغاية.
وأضاف جارلاند - في مؤتمر صحافي مقتضب - أنّه تم توقيف تيشيرا "من دون حوادث".
وقد يمثل الموقوف أمام محكمة فيدرالية في ولاية ماساتشوستس (شمال شرقي)، الجمعة، وفقاً لما أفاد به مصدر في وزارة العدل.
ويُتوّج هذا الاعتقال الذي نقلت القنوات التلفزيونية الأميركية وقائعه مباشرة، أسبوعاً من التحقيقات في أحد أهم ملفات تسريب الوثائق السرية خلال السنوات العشر الماضية.
وأصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي بيانًا بشأن توقيف المشتبه به، أكد فيه أنه احتجز جاك دوجلاس تيشيرا البالغ من العمر 21 عاماً بتهمة "التورط المزعوم" في تسريب وثائق حكومية سرية.
وذكر البيان أن الـ"إف بي آي" لا يزال يمارس "نشاط إنفاذ القانون" في منزل في نورث دايتون بولاية ماساتشوستس.
وأضاف البيان: "منذ أواخر الأسبوع الماضي، تابع مكتب التحقيقات الفيدرالي خيوط التحقيق بقوة، وتحركات التوقيف تجسد التزامنا المستمر بتحديد وملاحقة ومحاسبة أولئك الذين يخونون ثقة بلادنا ويعرضون أمننا القومي للخطر".
وبثّت شبكة "CNN" مشاهد من نورث دايتون أظهرت عناصر من قوات الأمن تقتاد رجلاً يرتدي سروالاً قصيراً ويداه خلف ظهره ويضعونه في سيارة لا تحمل أي علامات.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، هوية مسرّب الوثائق العسكرية السرية، موضحة أنه يدعى جاك تيشيرا وأصبح عضواً في جناح استخبارات الحرس الوطني الجوي في العام 2019، وعمل متخصصاً في تكنولوجيا المعلومات.
ويُعتقد أن تسريب الوثائق، التي نُشرت على نطاق كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، هو أخطر خرق أمني منذ ظهور أكثر من 700 ألف وثيقة ومقطع فيديو وبرقية دبلوماسية على موقع ويكيليكس في عام 2010.
وذكر البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن الذي يزور أيرلندا أحيط علماً باعتقال الشاب. وقال بايدن في وقت سابق خلال زيارة لأيرلندا إن هناك تحقيقاً كاملاً يجري، وهم يقتربون من تحديد هوية المسرّب، مضيفاً: "إنني قلق".
بدوره، أشاد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن "بالاعتقال السريع" للمشتبه به، مضيفاً أنه أمر "بمراجعة منافذ الوصول إلى معلوماتنا الاستخبارية وإجراءات الرقابة داخل الوزارة، بهدف تركيز جهودنا في شكلٍ أفضل لمنع هذا النوع من الحوادث من الحصول مرة أخرى".
ووصفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) التسريب الأخير للوثائق السرية بأنه "عمل إجرامي متعمد"، مشيرة إلى أنها تراجع قوائم التوزيع المتعلقة بمن يتلقون هذه المعلومات في البنتاجون، فيما قام مكتب المباحث الفيدرالية (FBI) باعتقال المشتبه به في التسريب.
وخلال مؤتمر صحافي في مقر وزارة الدفاع، أحال المتحدث باسم البنتاجون الجنرال بات رايدر الأسئلة المتعلقة بالتحقيق إلى وزارة العدل، مضيفاً أنَّ "الموضوع خاص بجهات إنفاذ القانون ومن غير المناسب لي أو لأي مسؤول في وزارة الدفاع التعليق في هذه اللحظات".
وأكد أنَّ وزارة الدفاع تأخذ المسألة بكامل الجدية، وتستمر في العمل على مدار الساعة إلى جانب الوكالة الداخلية والمجتمع الاستخباراتي لفهم عمق وأثر هذه التسريبات.
وقال رايدر: "نحن مقيدون بما نستطيع أن نقوله في ما يخص تحقيقات وزارة العدل المستمرة"، مضيفاً أن البنتاجون "مقيد أيضاً في ما يتعلق بالحديث عن الوثائق، لأنَّ طرح المعلومات السرية في الإنترنت لا يعني أنها أصبحت غير سرية".
وشدَّد على أنَّ البنتاجون لا يناقش المعلومات السرية نظراً لأثرها المحتمل على الأمن القومي، وأمن وسلامة أفرادنا وحلفائنا وشركاء، داعياً وسائل الإعلام إلى أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار، وعدم طرح هذه المعلومات عبر الإنترنت.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مُسرب الوثائق هو قائد لمجموعة دردشة صغيرة للألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت، عمل في جناح المخابرات في الحرس الوطني الجوي لولاية ماساتشوستس، وكانت المجموعة تضم نحو 30 شخصاً، معظمهم من الشباب والمراهقين، وتُدعى "Thug Shaker Central"، ما وصفته بأنه تجمع لمحبي ألعاب الفيديو.
من جهتها، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن المسؤول عن التسريبات الضخمة تشارك الوثائق السرية مع مجموعة مغلقة من أصدقائه على الإنترنت.
وأوضحت أن المجموعة المغلقة، التي تضم رجالاً وفتياناً ويتم الانضمام إليها عبر دعوة فقط، تشكلت على منصة "ديسكورد" وهي منصة للدردشة لممارسي الألعاب الإلكترونية في 2020.
وأجرت "واشنطن بوست" مجموعة من الحوارات المطولة مع أصدقاء العضو المسؤول عن التسريب، وأحدهم لم يبلغ السن القانوني بعد، ووفقاً لشهادات أعضاء المجموعة، فإن العضو المسؤول عن التسريب والمعروف باسم "OG"، يهوى جمع الأسلحة، وذلك قبل الكشف عن اسمه ووظيفته.
وانضم المسؤول عن التسريبات بحسب "واشنطن بوست"، إلى المجموعة المغلقة على منصة "ديسكورد" في عام 2020، وكتب رسالة مشفرة العام الماضي، للأعضاء زعم فيها أنه على علم بأسرار حكومية محجوبة عن العامة.
وعلى مدار الأشهر التي تلت، واصل "OG" كتابة مئات الرسائل التي بدا أنها عبارة عن تفريغ حرفي لوثائق استخباراتية حساسة، قال الشاب المذكور إنه أخذها معه إلى المنزل من القاعدة العسكرية التي كان يعمل فيه، وفقاً لأحد أعضاء المجموعة الذين تحدثوا إلى "واشنطن بوست" مشترطاً عدم ذكر اسمه.
وشملت الوثائق المكتوبة طيفاً واسعاً من المعلومات السرية عن موضوعات حساسة، لا يطلع عليها إلا أشخاص خضعوا لأشهر طويلة من الفحص الأمني للحصول على إذن بالاطلاع على مضمونها.
وكانت الوثائق المذكورة عبارة عن تقارير عالية السرية، تتضمن أماكن وتحركات قادة سياسيين، وتحديثات تكتيكية عن القوات المسلحة، وتحليلات جيوسياسية، ومعلومات بشأن جهود الحكومات الأجنبية للتدخل في الانتخابات الأميركية".