السبت 18 مايو 2024

إبراهيم عبد المجيد يفتح قلبه لـ«الهلال اليوم»: شباب الأدباء حاضر الرواية العربية ومستقبلها

8-9-2017 | 19:24

ولد الكاتب والروائي إبراهيم عبد المجيد في 2 ديسمبر سنة 1946 بالإسكندرية، حصل على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1973، في نفس العام رحل إلى القاهرة ليعمل في وزارة الثقافة، وقد تولى الكثير من المناصب الثقافية.

أصدر "عبد المجيد" عدة روايات، منها "ليلة العشق والدم"، و"البلدة الأخرى"، و"بيت الياسمين"، و"لا أحد ينام في الإسكندرية"، و"طيور العنبر"، و"الإسكندرية في غيمة"، كذلك نشرت له خمس مجموعات قصصية وهي "الشجر والعصافير"، و"إغلاق النوافذ"، و"فضاءات"، و"سفن قديمة"، و"وليلة انجينا".

وقد ترجمت روايته "البلدة الأخرى" إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية، كما ترجمت روايته "لا أحد ينام في الإسكندرية" إلى الإنجليزية والفرنسية، و"بيت الياسمين" إلى الفرنسية.

وإلى نص الحوار :

-قلت إن قراءتك ليوسف إدريس قادتك للكَف عن الكتابة لعام أو اثنين نظرا لتأثّرك به.. كيف يمكن للكاتب أن يهرب من ظل أحد نظرائه وبالذات من ظل قصصي ثقيل كظل “إدريس”؟

بالنسيان إذا استطاع ، أنا لم أنس يوسف إدريس أبدا، لكنني توقفت عن الكتابة لعام وأكثر وكنت أعرف أني سأتخلص من تأثيره عليّ مع الوقت ولقد حدث، لقد قرأته بعد أن نشرت أولى قصصي القصيرة، ولم أجد حلا إلا بالتوقّف عن الكتابة حتى أتسلل من عباءته.

 

-قلت في إحدى حواراتك إن ألبير كامو وفرانز كافكا هما أكثر من أثّر بك من الكُتّاب لأنك وجدت بكتاباتهما تماسًا مع شعورك بالاغتراب.. متى بدأ لديك هذا الشعور بالاغتراب الوجودي؟ وما هي أسبابه في نظرك ؟

في سن مبكرة، لقد حدث أني عندما كنت في السادسة عشرة من عمري تقريبا قرأت أحد كتب طه حسين التي تضم مقالات له، أظن أن عنوانه كان "ألوان"، ووجدت فيه مقالات رائعة عن بعض أدباء العالم مثل ألبير كامو وفرانز كافكا وغيرهم، وتحدّث فيه عن الاغتراب، وعن الفلسفة الوجودية كإحدى المدارس الفلسفية التي تتحدث عن ذلك.

  • الوقت، ربما بعد عامين أو ثلاثة، قرأت في الماركسية حيث أخذني إليها أحد الشيوعيين القدامى بالإسكندرية، وفي الماركسية أيضا وجدت معني للاغتراب رغم أنها تدعو إلى تغيير العالم، اغتراب الإنسان أمام الآلة التي يعمل عليها وفقا لقوانينها هي، المهم أني تقدمت في قراءة الفلسفة، وقرأت في الوجودية أيضا وبالذات كتاب الوجود والعدم لجان بول سارتر، ومضت المسألة معي، وساعد عليها حياة الغرباء حولي في حي كرموز الذي عشت فيه في الإسكندرية، وسفري كثيرا في سن صغير إلى الصحراء مع أبي في إجازاتي المدرسية حيث كان يعمل بالسكة الحديد، رأيت الأماكن الواسعة والناس العابرة، قراءاتي هذه مع ما عشته جعلتني على يقين أن الاغتراب سمة الحياة الرئيسية رغم كل محاولات البشر للتقدم فيها.

 

-إحدى شخصياتك في روايتك "في كل أسبوع.. يوم جمعة" كان يرى أن عالم الفن التشكيلي هو العالم الحقيقي إزاء العالم الوهمي الزائل الذي نحيا فيه.. هل ترى أن الفن يتوسّل العلو على الواقع نتيجةً لانهزامه أمامه ؟

الفن واقع مواز، بمعني أنه عالم يبدعه الفنان ليعلو به على ما حوله، والانهزام أحد الأسباب بلا شك، لكن أيضا النصر سبب يجعل الفنان يبدع عالما أجمل.

وشخصية "مختار كحيل" في رواية "في كل أسبوع يوم جمعة " شخصية تجد الانسحاب من العالم أجمل من البقاء فيه، ولا يمكن فهمها إلا بفهم ما مرت به من ظروف، لقد فقد ثلاث نساء في ظروف لا يفهمها، أو فهمها متأخرا، ومن ثم صار ما حوله عالمًا من الأوهام، الحقيقة هي في الفن الذي يراه الناس خيالا.

 

-استعدت في رواية "هنا القاهرة" تجربتك في قاهرة السبعينيات وأعربت عن حُبّك لها بعد أن كنت غريبا فيها.. كيف ترى قاهرة اليوم؟

قاهرة اليوم قاهرة لسكانها ! فقدت روحها القديمة مثل كل المدن، بل وقبل كل المدن، بالهجرة الواسعة من الريف وظهور العشوائيات في المباني، وتحالف الحكام مع المقاولين في البناء والهدم العشوائي، وبركت فوقها الوهابية والسلفية التي اعتبرت أكبر منجزاتها تغيير أسماء الشوارع إلى أسماء الصحابة وكذلك المحلات، بينما كل ما تبنيه مخالف للقانون، وما تقدمه من طعام في مطاعمها ملوث، وغير ذلك كثير جدا من مظاهر الفساد تحت ستار الدين والحكم معا، تحالف المال مع السلطة، وغير ذلك كثير، مما أضاع شكل المدينة العريقة.

 

-قلت في أحد منشوراتك القصيرة إن مفارقة العصر هي أن وسائل الاتصال تعدّدت جدا بينما في الوقت نفسه يتعاظَم شعور البشر بالغُربة عن بعضهم البعض.. ما سبب ذلك في رأيك؟

الصورة المتداولة في كثير من مواقع الفضاء الافتراضي هي لأسرة تجتمع في محبة الجد بينما كل واحد من أبنائه وأحفاده مشغول بالتابليت الذي يحمله، كثيرا ما تقابل شخصًا بعد سنوات فتصافحه كأنك كنت معه أمس، والسبب أنك تراه على الفيس بوك مثلا وتتبادل معه الحديث كثيرا، لقد قربت هذه الوسائل جدا بين الناس، لكن اعتيادها كثيرا يجعل الناس أرقاما في علاقاتهم ببعض، وهي سمة العصر وعلينا أن نرضى بها.

 

-هل تغيّر شعورك بالكتابة بعد أن أصبحت تكتب على "الكيبورد" بعد كتابتك على الورق؟

أصبحت أستمتع به أكثر من الكتابة علي الورق رغم أني كنت من الجيل الورقي الذي يدافع عنه، أدركت منذ سنوات أن المسألة في كل حالة اعتياد، وأن العادة ستسلبني وأصبح أسيرها وتصبح حياتي، فجرّبت الـ"كيبورد"، وبعد فترة أدمنته، وصرت أستمتع به، خاصةً لما يقدّمه لي أو لغيري طبعا من تسهيلات في التصحيح وحفظ ما أكتبه.. إلخ.

 

-كيف ترى صورة الرواية المَصريّة اليوم في المشهد الروائي العربي؟

لا أعتقد أن هناك تمييزًا الآن إلا من ناحية الكم بحكم تعداد سكان مصر، من ناحية الكيف، الكتاب العرب والمصريون حاضرون بقوة معا الآن وهم جميعا يقدمون أعمالا رائعة.

 

-هل أنت متفائل بشأن مستقبل الأدباء الشُبّان؟

متفائل جدا، بل هم حاضر الرواية في مصر الآن، وحاضر قوي، يا عزيزي العالم دائما يمشي إلي الأمام.

 

-حدّثنا عن مشروعك الروائي الحالي الذي سيصدُر قريبا عن دار "بيت الياسمين".

لا أحب الحديث عن رواية جديدة إلا بعد النشر، باختصار هي رواية عن وطن نسي حق شهدائه.

 

-ماذا تقرأ الآن ؟

أقرأ بقدر المستطاع ما يصل إليّ من أعمال جديدة، رواية، أو قصة، أو شعر، رغم انشغالي بكتابة رواية جديدة.

هذا الشهر كان للشعر، ومن الدواوين الشعرية الجميلة التي قرأتها مؤخرا ديوان أمل جمال " لا وردة في الحرب "، وديوان أحمد الجعفري " قليل من النور كي أحب البنات "، وديوان سلوى عبد الحليم " بلا أدنى أهمية "، وديوان سلوى عبد الحليم يؤكد موهبتها كشاعرة، وديوان أمل جمال جديد في موضوعه عن النساء وسط هذه الحروب العربية، ديوان مهم جدا في مبناه ومعناه، وأمل ليست جديدة على أي حال على كتابة الشعر، وقرأت قبلها دواوين لأسامة حداد، وحسين قباحي، ومحمود قرني، وعزمي عبد الوهاب، الشعر أخد مساحة أكبر مع أغسطس والحر.

    الاكثر قراءة