عن دراما رمضان و الاستفتاءات.. نتحدث
انتهى الموسم الدرامي الرمضاني وربح من ربح وخسر من خسر ولكننا لأول مرة أمام العديد من الظواهر التى يجب التوقف عندها بالرصد والتحليل على كل المستويات بدءًا من السيناريوهات مرورا بالإخراج و أداء النجوم والموسيقى التصويرية و الديكور.. و لكن قبل كل هذا يجب الإشادة بمستوى التنوع الذى شهده الموسم من دراما حربية وتاريخية واجتماعية حتى الفنتازيا كانت متواجدة بجانب تواجد عدد كبير من النجوم على مختلف المراحل السنية فى كل الأعمال، كذلك يجب توجيه التحيه لكل من شارك فى هذا الموسم و خاصة شركات الإنتاج المتنوعة وعلى رأسها الشركة المتحدة فالجميع تبارى ليقدم أعمال تسعد المشاهد و ترضى أذواقة.
اتساع الهوة
الأمر الذى أقلقنى هذا العام هو اتساع الهوة بين الرأي النقدي المتخصص والجمهور لدرجة كبيرة جدًا ففي الوقت الذى توج فيه الجمهور مسلسل "جعفر العمدة" ملكًا على كل المسلسلات بل كان ينتظر انتهاء الحلقة و يتبادلون النقاش بها في المقاهي والبيوت ويبحثوا مع جعفر عن ابنه والشباب يقوم بتقليد المشاهد علي وسائل التواصل المختلفة إلا أن النقاد كان لهم رأى آخر فى تتويج مجموعة من الأعمال التى تنتصر للقيم والمجتمع على رأسها "تحت الوصاية" الذى ناقش واحدة من أهم قضايا الأسرة المصرية وهى الوصاية على الأبناء بأسلوب سلسل وسهل به متعة بصرية تكتمل فيه باقي العناصر، نفس الأمر فى "رسالة الإمام" الذى كان يدعوا إلى شكل الإسلام السمح وأخلاقياته من خلال سيرة الإمام الشافعي أثناء تواجده فى مصر وهو ما تكرر من خلال العمليين التاريخيين "الكتيبة 101" الذى يسجل و يوثق بطولات الجيش المصري أمام التكفيريين، و مسلسل "حرب" الذى يقوم بنفس الدور ولكن برؤية مختلفة فضلا عن أعمال ثالثة اختلف عليها النقاد و الجمهور على حد سواء.
تلك الهوة تحتاج لدراسة خاصة بعد أن رفع الجمهور محمد رمضان إلى مطاف ملك الترسو فى ستينات القرن الماضى وكأنه أصبح على دراية بذائقة الجمهور المصري ليضع مع مخرجه محمد سامى الخلطة السحرية للنجاح الجماهيري من انكسار وانتقام و خيانة وغدر وسطوة فى حبكة يفضلها الجمهور حتى لو جاءت على حساب بعض الأخلاقيات والقيم المجتمعية وترسيخ مبدأ القوة وأخذ الحق بعيدًا عن القانون والألفاظ التى أصبحت تدخل البيت دون أى كنترول، هذه الهوة أصبحت تتسع بشكل كبير ولم يتوقف أحد عندها فهل أصبحت هذه العناصر هى المحرك لثقافة المجتمع؟، هل هو نتاج التعليم الذى لا يهتم بتنمية التذوق الفني عند الأطفال؟، أم أن النقاد اصبحوا يعيشون فى برج عاجي ولا استثنى نفسي فنرفض هذه النوعية ونتركها تتوحش وندقق فى عناصر العمل الأخرى من آداء النجوم والراكور والإخراج و الموسيقى التصويرية والديكور وتحليل الشخصيات والسيناريو وما به من ثغرات.. هذه الهوة تحتاج لمحللين نستطيع من خلالهم الى تقريب وجهات النظر.
مسلسلات الـ15 حلقة
كم كنت سعيدا بوجود 14 مسلسلًا 15 حلقة فقط ومسلسل 20 حلقة وأخر 10 حلقات، أي ما يعادل نصف درما هذا العام، ويكمن سر سعادتي في كم النجوم التى شاركت فى الماراثون الرمضاني فلم نسمع ما يتردد كل عام من وجود نجوم فى منازلهم بجانب سرعة إيقاع الحلقات والتركيز الدراما بعيدًا عن المط والإطالة والحشو، كما أنها ناقشت العديد من القضايا المتشعبة داخل المجتمع منها سن المراهقة المتأخرة فى "مذكرات زوج" والوصاية على الأطفال في "تحت الوصاية" و الزواج الثاني "علاقة مشروعة" والانتقام في "وعود سخية" والفنتازيا فى "الصفارة" و الأجواء الأسطورية فى "جت سليمة"، و غيرها من الأعمال التى أضافت التنوع على مائدة دراما رمضان.
البطولة النسائية
من الظواهر الإيجابية عودة البطولة النسائية بقوة فى هذه الاعمال لدرجة وصلت لـ14 عمل وهو رقم غير مسبوق فى دراما رمضان التى كانت حكرًا على النجوم الرجال باستثناء وتنوعت فيها الأعمال من كوميدي كما هو حال يسرا فى "1000 حمد لله ع السلامة" وأنصح النجمة المتألقة يسرا بالابتعاد عن الكوميديا، والصعيدى كما هو حال "عمله نادرة "لنيلى كريم و"حضرة العمدة" لروبي حتى الجو الأسطوري كما قلنا عن دنيا سمير غانم التى تصلح بأعمالها الأخيرة لتكون خليفة شريهان ونيللي، واستطاعت حنان مطاوع أن تقدم نفسها فى أول بطولة مطلقة على أنها ممثلة من طراز خاص منافسة بقوة لمنى زكى نجمة هذا العام والتى تفوقت على زميلاتها فى "تحت الوصاية".
كما انصح النجمة ياسمين عبد العزيز بالعودة إلى الكوميديا مرة أخرى بعد مسلسها "ضرب نار" وألا تدور مرة أخرى فى كنف النجم احمد العوضي، فى حين لم تقدم النجمة غادة عبد الرازق المردود الذى حققته فى أعمالها السابقة لدرجة أن المجهود الذى بذلته فى مسلسل "تلت التلاتة" لم يظهر للمشاهد أو حتى الناقد وهو ما ينطبق على عدد من النجمات اللاتى حاولن تقديم أعمالًا جيدة ولكن لم يحصدن النجاح المتوقع مثل ريهام حجاج فى "جميلة"، أما عودة منه شلبي فكان لها بريقها لكن لم يحصل على حجم المشاهدة المتوقعة.
الكوميديا فى خطر
من المؤسف أن دراما رمضان الكوميدية والتى كانت أحد علامات الشهر الكريم تراجعت بقوة، فلم يستثمر أحمد مكي نجاح الجزء السادس من الكبير فى الجزء السابع فقدم محتوى أقرب لما قدمه فى الأجزاء السابقة واستبدال مباراة كرة القدم الأمريكية بمباراة كرة قدم، وزواج والدته بزواج عمته "الكبيرة فحت"، ولم يحسن استغلال الوافدين الجدد فى الموسم السابق رغم كبر مساحات أدوارهم، أما "1000 حمد لله على السلامة" فوقع في فخ الاستسهال والإفيهات المكررة، ونقف أمام محمد سعد الذي عليه أن يعيد النظر فيما يقدم والكف عن تكرار الشخصيات التى قدمها فى السابق فقد هوى مع سقوط المسلسل وانخراطه في شكل الكاراكتر على حساب المحتوى في هذه الأعمال و غيرها من "خمخوم وبمبم واللعبة والصفارة" وقع فى فخ التكرار والسطحية.
الاجتماعي يكتسح
اكتسحت الدراما الاجتماعية مائدة هذا العام خاصة قضايا المرأة و ظهر فى أكثر من عمل، منهم تحت الوصاية كما ذكرت و"ستهم" التى أبدعت فيه روجينا و قدمت نماذج للمرأة المطحونة التى ترتدى ثوب الرجال "عود سخية" و"عملة نادرة" لنيللى كريم والذي يدور عن قهر المرأة فى الميراث بالصعيد وهو ما لعب عليه أيضًا "حضرة العمدة" والذى ناقش العديد من المشاكل فى صعيد مصر مثل الزواج المبكر والختان و غيرها، فضلا عن "مذكرات زوج" و "علاقة مشروعة" و"الهرشة السابعة" ممن يناقشون مشاكل الحياة الأسرية.
الحلقة الاضعف وصراع الاستفتاء
لعل الحلقة الأضعف هذا العام كانت من خلال السيناريوهات فداخل كل عمل مشاكل بالسيناريو، ووجود أحداث غير مبررة وشخصيات إذا تم حذفها لن تتأثر الدراما، الأمر الملفت هذا العام صراع الاستفتاء و جوائز الأسوأ والأفضل التى أصبحت تمنح حسب قرب النجم من المصدر أو يقوم بها النجم بنفسه من خلال تمريرها فأصبحت آفة يجب التخلص منها.