السبت 27 يوليو 2024

الملحنون ل «بليغ حمدى » فى ذكراه ... احنا من غيرك ولاحاجة

16-9-2017 | 12:29

كتب : خالد فؤاد

رحل بجسده عن عالمنا من أعوام طويلة ، ولايزال باقيا بيننا بألحانه وموسيقاه ، فرغم مضى عشرات الأعوام على الألحان الخالدة التى قدمها لعمالقة الغناء فى مصر والوطن العربى ، إلا أن الجماهير بما فى ذلك الشباب الذين جاءو للحياة بعد رحيله عن عالمنا يحفظون موسيقاه ويرددونها ، بل إن غالبية المطربين الشباب المسيطرين على الساحة الغنائية حاليا والذين كان أغلبهم فى عمر الطفولة وقت أن ودع هو عالمنا نجدهم جميعا يحفظون الحانه عن ظهر قلب ويتغنون بها سواء فى الحفلات أو البرامج التى يتم استضافتهم بها.

ليفرض السؤال نفسه ، ما السر فى بقاء موسيقى والحان هذا الفنان الكبير حتى يومنا هذا بشكل يفوق بمراحل موسيقى والحان غالبية الموسيقيين والملحنين الآخرين سواء الذين عاصروه أوظهروا قبله أو جاءوا بعده .

ومن المؤكد أن الأجدر بالإجابة عن هذه التساؤلات هم أهل «الكار» إن جاز التعبير ، لذا فقد قمنا بوضع هذه الأسئلة على طاولة مجموعة من كبار الموسيقيين والملحنين فى العصر الحديث وكانت هذه إجاباتهم.

صلاح الشرنوبى: كان سهلاً ممتنعاً ووصل لقلوب الكبار والأطفال

أول المتحدثين معنا كان الموسيقار الكبير صلاح الشرنوبى فقال: نعم بليغ حمدى لايزال باقيا حتى اليوم بألحانه وموسيقاه والشباب يحبون موسيقاه بخلاف موسيقيين كثر اختفوا واختفت موسيقاهم معهم ، لأكثر من سبب اولهما أن الموهبة كانت لديه قوية جدا جدا ، وثانيهما حب الصنعة .. فقد كان رحمه الله عاشقا للموسيقى ومحبا لها بدرجة تفوق عشرات ومئات الموسيقيين الآخرين.

فقد كان رحمة الله عليه مبدعا كبيرا بكل ماتحمله الكلمة من معنى، أضف إلي ذلك أنه جاء فى زمن كانت الكلمة فيه بخير ، والاصوات القوية الجميلة أيضا بخير فقد جاء فى زمن أم كلثوم ونجاة ووردة وحليم وعشرات الأصوات الأخرى التى ساعدته وساعدت الكثير من الموسيقيين وقتها فى خلق جو من التنافس القوى والجميل ، وإخراج الكنوز الموسيقية التى لازلنا نستمتع بها حتى اليوم.

نقاء الشباب

ويواصل الشرنوبى حديثه قائلا: لقد ساهم وجود هؤلاء المطربين الكبار فى مساعدة بليغ فى إخراج كل مواهبه وإبداعاته، فكان كما نقول عنه دائما كمتخصصين فى عالم الموسيقى والغناء «السهل الممتنع»، أى البساطة مع الإيقاعية مع الوصول لقلوب الكبار بل والأطفال على حد سواء، فقد قدم حالة إبداعية إيقاعية مبهجة تعيش بيننا حتى الآن ، فتجد الشباب النقى بالفطرة يستمع له وموسيقاه باقية لكونه لم يعش العصر الذى جاء فيه فقط، بل عاش العصور التالية بإحساسه وروحه وليس بجسده فقط أضف لهذا المناخ وثقافة الناس والكلمة والشعراء وفلسفة العصر فكل هذا وغيره من الأمور كان من الأدوات المساعدة له.

مرحلة انتقالية

وعن الفارق بين الألحان التى قدمها بليغ لرفيقة مشواره الفنى والإنسانى وردة الجزائرية والموسيقى والألحان التى قدمها غيره لها يقول الشرنوبى: وردة مع بليغ كانت شيئاً هاماً وكبيراً جدا ووردة بعد بليغ عاشت مرحلة انتقالية مع ملحنين آخرين وقدمت وقتها مجموعة أغنيات لم تترك اثراً قوىاً مع الجمهور ، وقال الناس وقتها هذه ليست وردة التى اعتدناها مع بليغ ، حتى عادت لتتعاون معه فى آخر عمل جمع بينهما "بودعك" عام 1989 واتذكر أنه كان بالخارج وقتها للظروف التى مر بها ونعرفها وسافرت هى له لتحفظ اللحن هناك.

أمجد العطافى: كان رمزا لمرحلة هامة فى تاريخ مصر الحديث

ويتحدث الموسيقار الكبير أمجد العطافى قائلا : كان الأستاذ بليغ رحمة الله عليه، يملك حسا مرهفا وذوقا رفيعا ومشاعر صادقة فياضة مكنته من المشاركة في صياغة واقع وخيال الشخصية المصرية والعربية في زمن الكبار.

فقد كان ابناً باراً للثقافة المصرية الواسعة المدى والمنفتحة على جميع الثقافات الموجودة حولها وهو أحد رواد جيل الوسط الذي نشأ في معية الكبار وأتاحت له دراسته للموسيقى بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية على أيدي كبار الرواد المزيد من الصقل لموهبته الفذة ..

حضارة فنية

فالأستاذ بليغ كان بسيطاً .. قريبا.. سهلاً .. وكلها معان قد تبدو في ظاهرها متواضعة لكنها في حقيقة الأمر تمثل المعادلة الصعبة جداً التي تمكن صاحبها من قلوب الناس معبرا عن آلامهم وآمالهم وطموحاتهم ووطنيتهم الصادقة ..

الأستاذ بليغ رمز لمرحلة في تاريخ مصر الحديث صنعت لها حضارة فنية وتاريخا لايمحى على مر الزمن .. رحمه الله.

وعن مدى تأثره به فى الموسيقى والألحان التى قدمها يقول العطافى: بكل تأكيد تأثرت به بدرجة كبيرة ، فهو واحد ممن شكلوا بناء شخصيتي فنيا و ثقافيا .. ومن وجهة نظري أن التأثر إنما يكون في الأهداف المرجوة والمنهج المتبع والغايات وليس في الجمل اللحنية.

أعمال حاضرة

ومن هنا أستطيع القول إن الألحان التي قدمتها ذات الطابع الشرقي الخاص بنا مثل «كلنا مجاريح لو كل عاشق» لـ جورج وسوف تدخل في هذا التوجه على سبيل المثال لا الحصر .. وبالطبع أعتز كثيرا بأعمالي التي قدمتها ومازالت حاضرة بيننا لأنها تمثل قطعة من روحي .. مثلا «صابر وراضي والحب الكبير والله كريم وقول الكلمتين ويوم الوداع وسلف ودين وحبيبي والزمن والعوازل وإتأخرت كتير وإنت غيرهم وقلب العاشق دليله ومن هنا ورايح» و«ماتقولوا ليه» لجورج أيضاً وعلى سبيل المثال لا الحصر «ولايعلى عليك» راغب علامة و«أخيرا» لطيفة و«راجعين» لإيهاب توفيق «وعدت سنة» لوردة الجزائرية وغير هذا من الأعمال الكثيرة الأخرى.

حسن دنيا: كان يقدم موسيقاه حسب الحالة المزاجية والنفسية للشعب

ويتحدث الموسيقار حسن دنيا قائلا : نعم بليغ حمدى لا يزال باقيا بيننا بموسيقاه حتى اليوم لكونه كان شديد القرب من الناس بمختلف فئاتهم وطوائفهم وانتماءاتهم ، ومن خلال هذا التلاحم قدم جملا موسيقية مميزة ومختلفة قريبة من الناس وأحوالهم ، كما كان وبحكم موهبته وثقافته الموسيقية الواسعة ودراسته لعلم الصوتيات شديد الفهم لطبيعة وشخصية كل مطرب من الذين تعاون معهم ، فكان يعرف جيدا ماذا يقدم لهذا المطرب فى هذا الوقت ومايقوم بإعطائه لمطرب آخر، وماذا يقدم فى هذا التوقيت وما لا يجب تقديمه وتأجيله لوقت آخر على حسب مود الناس والحالة المزاجية لدى الشعب.

توظيف الآلات

كان بليغ يعرف جيدا طلبات الناس فى هذا التوقيت حسب الأحوال الاجتماعية والمزاجية ، وما لا يعرفه الكثيرون أنه كان يدور القرى والنجوع ويستمع للتيم الشعبية الجاذبة لهم ، واستخدم الكثير من هذه التيمات فى ألحانه الناجحة، ومن هنا كان شديد القرب من الناس بوجه عام والبسطاء بوجه خاص ، وكان محبا للصنعة بدرجة كبيرة ويعيش من اجلها بطريقة مختلفة عن حب بقية الموسيقيين لها ، فالكل يحبون الصنعة ولكن حب هذا يختلف عن طريقة حب ذاك.. الأستاذ بليغ كان عاشقا للموسيقى ويعيش للفن فقط دون سواه ومحبا له بدرجة كبيرة جدا ويأتى فى المرتبة الأولى بالنسبة له ، ويعد هذا هو السبب الأول والرئيسى لبقائه حتى اليوم ، فالجمل الموسيقية القريبة للناس تظل باقية ، كما ظل يعمل على تطوير نفسه ، مستخدماً الآلات الموسيقية وموظفاً لها بشكل رائع مثله فى هذا مثل الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب.

جمل قريبة

وعن الأعمال التى قدمها وتأثر فيها به يقول: بالطبع أعتز كثيرا بتقديمى لجمل موسيقية فى الكثير من الأغنيات التى قدمتها تميزت بالبساطة وكانت شديدة القرب من الناس حققت نجاحا كبيرا مثل "اودعك" لمحمد فؤاد ، و"ربك لما يريد" لمحمد منير ، و"اتخدعنا" لحسن الأسمر، وغيرها من الأغانى القريبة من الناس، ولا أنسى ماقالته لى الفنانة الكبيرة الراحلة وردة الجزائرية بعد نجاح أغنية "اودعك" فقد فاجأتنى بقولها لوكان بليغ حمدى بيننا اليوم وقرر تلحين هذه الأغنية كان لحنها هكذا وبنفس الشكل ، وبالطبع أنا لا أشبه نفسى هنا بهذا الموسيقار الكبير فأنا واحد فى المائة منه وأعتبره أحد اساتذتى الكبار الذين اعتز بهم وتأثرى البالغ بهم جميعا فيما قدمت ، وكانوا جميعا سبب عشقى للموسيقى والألحان منذ طفولتى المبكرة.

صالح أبوالدهب: كان صاحب مدرسة موسيقية مستقلة بذاتها

ويقول الموسيقار صالح ابوالدهب: تعالوا نتفق على شىء هام وهو أن كل ملحن يمثل حالة خاصة ويعتبر مدرسة مستقلة بذاته.

فعلى سبيل المثال، الموسيقار الكبير رياض السنباطى حينما تستمع لموسيقاه تعرف أنه السنباطى وأن هذه هى شخصيته الموسيقية ، وكذلك الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب حينما تستمع لموسيقاه تعرف كذلك أنها موسيقى عبدالوهاب وبالمثل الموسيقار محمد الموجى وروائع موسيقاه وأيضا كمال الطويل وكل الموسيقيين القدامى العظماء.

تحليل موسيقى

إذن كل هؤلاء العمالقة لهم موسيقاهم المختلفة فى التذوق والتحليل الموسقى، أى أن كلا منهم له مدرسة خاصة به.

وهو ما ينطبق كذلك على الموسيقار الكبير محمد فوزى فتستطيع التعرف على موسيقاه ومدرسته الفريدة.

ونقف هنا عند الموسيقار محمد فوزى لنجد انه هو الذى قدم بليغ حمدى إلى كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم فى حين انه هو نفسه أى محمد فوزى لم يقم بالتلحين لأم كلثوم من قبل ولكنه قدم بليغ حمدى لها ، وهذا هو معنى الرقى والحب والتكامل الفنى ان أكون ملحناً وأقدم ملحناً اخر يتناسب مع المطرب أو المطربة لمساعدة الطرفين المطرب والملحن ولكى نقرب التواصل الفنى لتحقيق النجاح والإبداع.

فات الميعاد وجانا الهوى

وحينما نقوم بتحليل موسيقى والحان بليغ حمدى ، نجد على سبيل المثال اغنية "فات الميعاد" التى تبدأ بقفلة موسيقية عند بداية غناء ام كلثوم بقولها "فات الميعاد" لإحساس وروعة الكلمة وقوتها وكأن الموضوع انتهى قبل أن يبدأ ، ثم بدأ الشرح والتعبير باللحن الموسيقى وهو الغماز التراك ثم دخل فى الشرح بطريقة شديدة الجاذبية لايمكن أن يقدمها سوى موسيقى عملاق عاشق لفنه.

فقد اشتهر بليغ حمدى رحمة الله عليه عن غيره بتغيير المقامات الموسيقية والايقاعات المختلفة فى الاغنية الواحدة لأكثر من مرة وكان يضع اللحن المناسب للصوت المناسب له.

ولدينا أيضا على سبيل المثال أغنية "جانا الهوى" فما لايعرفه الكثيرون أن هذا اللحن كان معدا للفنان محمد رشدى، ولظروف عبدالحليم حافظ الصحية وسفره للخارج للعلاج وموعد حفله السنوى وعند عودته من هذه الرحلة قام بالاتصال ببليغ ليبارك له على نجاح أغنية "عدوية" لمحمد رشدى ، والتى حققت وقتها نجاحا كبيرا ومبيعات ضخمة ، وسأل حليم بليغ هل لحنت لى أغنية للحفل القادم فقال له بليغ انه انشغل فى أغنية جديدة للفنان محمد رشدى طلبها وطلبتها الشركة التى كان يتعاون معها ، فسأله حليم الاستماع إليها برشدى ليطلب منه ترك الأغنية له ، فاندهش بليغ وقال له ولكنها أغنية شعبية؟

فقال حليم بذكائه المعروف من فضلك كلم رشدى وخلينى اكلمه .. حيث قام حليم بتهنئته بنجاح أغنية عدوية ثم طلب منه أن يغنى معه فقرة فى حفله القادم ورحب رشدى بهذا وقال له هذا شرف كبير لى ان اغنى فى حفلة حليم ، ثم قال له يا رشدى انا كنت فى رحلة علاجية خارج مصر زى ما انت عارف ، ولم اجهز اغنية جديدة ، من فضلك بستسمحك أغنى اغنية "جانا الهوى" فوافق رشدى .

وقام بليغ حمدى بإجراء تعديلات على اللحن ليتناسب مع حليم وطريقة ادائه لتحقق نجاحا كبيرا ، وهذا هو بليغ حمدى المتميز والقادر على تطويع موسيقاه والحانه لتتناسب مع كل الأصوات ، وتطوير نفسه وادواته بصفة مستمرة .

ألحان شعبية

وكما نجح مع مطربى الأغانى العاطفية بتعاونه معهم جميعا، نجح كذلك مع مطربى الأغانى الشعبية حيث قدم الحاناً رائعة لأحمد عدوية وفاطمة عيد ليصبح ربما الملحن الوحيد الذى قدم باقات من الورود المختلفة وهذه الورود المختلفة الحانه التى قدمها لكل مطربى الوطن العربى ليصبح العالم العربى كله يغنى من الحان بليغ حمدى رحمة الله عليه.

وردة ومحمود سعد

ويواصل صالح ابوالدهب الحديث عن مدى تأثره به فيقول : بعد وفاة الموسيقار بليغ حمدى ، تعاونت الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية مع الموسيقار صلاح الشرنوبى وقدما معا مجموعة من الاغنيات الناجحة حتى وقع الخلاف بينهما وفى هذا الوقت حققت أغنيتى مع محمد فؤاد "حبينا وانت بعيد" فقام الزميل الموسيقار زياد الطويل بروح زمالة رائعة بالاتصال بى ليهنئنى على الأغنية وقام بتعريفى بالفنان مسعود شقيق الفنانة وردة الجزائرية وقال لى إنها معجبة كثيرا بألحانى وتريد لقائى والتقيت بها فى منزلها ولا أنسى ماقالته لى فى أول اللقاء حيث فاجأتنى بقولها : إحساس الحانك من مدرسة بليغ حمدى. واعتبرت هذا الكلام وساماً على صدرى وقدمت معها ستة الحان تم تسجيل أغنية منها هى "أول مانسيتك ونستنى" وأغانى أخرى على العود.

وفوجئت بنفس الكلمات يقولها عنى الاعلامى الكبير محمود سعد حيث قال فى مقاله التحليلى لأغانى هذا العام والنجاحات وتوزيعات الكاسيت فقال حقق أكبر نجاح فى الكاسيت لهذا العام ألبوم "حبينا" للفنان محمد فؤاد وواصل قائلا إن أغنية حبينا تنتمى لمدرسة بليغ حمدى ومن إحساس موسيقاه، فى حين أن معظم الجمل اللحنية بعيدة كل البعد عن الاقتباس من الحان بليغ حمدى.

وتواصلت بعد هذا الحانى الناجحة مع عمرو دياب فقدمت له " الملاك البرىء" وكانت من أوائل الأغانى الناجحة لى معه وهى مستمرة حتى الآن ، وللفنان الكبير محمد رشدى "وعهد الله" ولمحمد فؤاد "كداب مغرور" و"اسمعنى" و"لاعتاب وندم" و" قولنا ياناسينا" وتواصلت رحلتى مع كل المطربين مثل حمادة هلال ومجد القاسم وحكيم وجواهر وعشرات الاغانى مع كافة المطربين وكانت أكثر الحانى مع الشاعرين مصطفى كامل ود. مدحت العدل فى أفلام «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» أغنية «شيكولاتة و«همام فى امستردام واريد خلعا وصاحب صاحبه» وغيرها .

أشرف السرخوجلي : كلنا تأثرنا بتركيباته اللحنية ومعالجاته الفريدة للمقامات

ويقول الملحن الموهوب أشرف السرخوجلى: من المؤكد أننا جميعاً نعرف قصة بليغ مع السيدة ام كلثوم وكيف رشحه الموسيقار محمد فوزي لها قائلا انه الملحن الذي ستعيش الحانه سنين طويلة، وقد صدقت مقولة محمد فوزى فى حقه، فقد نجحت الحان بليغ بدرجة كبيرة وقت تقديمها وعاشت بالفعل سنوات طويلة ولا تزال باقية حتى اليوم وستظل هكذا سنوات طويلة قادمة كثيرة.

وإذا ماتحدثت عنّا كموسيقيين من ابناء الأجيال التى جاءت بعد بليغ حمدى لن تجد واحداً منا لم يتأثر ببليغ حمدي وتركيباته اللحنية وطريقة معالجته الفريدة للمقامات الشرقية وإنتاج موسيقى والحان متفردة تجعل الموسيقي الدارس قبل الهاوي يقف مشدوها كيف فعل هذا العبقري هذا وماهى مفردات موهبته والأدوات التى اعتمد عليها.

وبقليل من التفكير نكتشف أن بليغ كان لديه مخزون ضخم نتيجة استيعابه لقدر كبير من الغناء المصري الفلكلوري وربما كان انجح من صاغه ليجعله مثل تحفة ذهبية خرجت من تحت يد صانع مجوهرات رائع.

مخاطبة الوجدان

أما لماذا استمرت اعماله حتى اليوم فالاجابة التي ترد لذهنى ليست متعلقة بقدراته الفذة أكثر من كونه صادقا وهو يلحن ويكتب فيخرج العمل لتصدقه ويخاطب وجدانك ويصبح ما انتجه جزءاً منك.

فحتى اليوم لا يعد المطرب مطربا إلا إذا غنى لبليغ اعماله لأم كلثوم وحليم ووردة ورشدي وغيرهم.

قمر وحميد

وعن مدى تأثره هو به بشكل خاص يقول السرخوجلى: كما ذكرت أنا وابناء جيلى تأثرنا به بدرجة كبيرة فنعتبره أحد اساتذتنا الكبار.

وربما إذا ما نظرت لبعض الألحان التى قدمتها لغالبية ابناء هذا الجيل من المطربين واعتز بوجه خاص بألحانى حبيبي "مطر الليلادي ابتدا" و " حنحب ايامنا " و"عايشين" و" عينيك وحشانى" وغيرها وهي من الأغنيات التى قدمتها لمصطفى قمر و"ليلى " و"وينك" و"ارزاق " وغيرها لحميد الشاعري و"حالة " هشام عباس "دفتر مواعيد" لعلاء عبد الخالق "حباك" لمنى عبد الغني و"بالف اه" لانوشكا" «حبيبي غاب» لهشام نور و"ضحكتك والله" لمحمد محيي وعشرات الأغنيات الأخرى لمطربين آخرين تستطيع من خلالها الوقوف على مدى التأثر الكبير بروح وإحساس هذا العملاق.