الخميس 9 مايو 2024

73 عاما على رحيله| الشيخ محمد رفعت.. قارئ تربع على عرش تلاوة القرآن

الشيخ محمد رفعت

تحقيقات9-5-2023 | 11:59

نور الدين نادر

لم يكن القارئ الراحل الشيخ محمد رفعت، قارئا عاديا للقرآن الكريم، فقد برع في التلاوة حتى أطلق عليه مستمعوه "قيثارة السماء"، ولا يزال متربعا على عرش دولة التلاوة حتى اليوم بصوته المميز الخالد في وجدان المصريين.

قال عبد الرحمن الطويل، الباحث في فن التلاوة، إنه برغم مرور 73 سنة على رحيل الشيخ محمد رفعت، فإن مكانته في قلوب "السميعة" لم تتزحزح شعرة عن قمتها الأولى، وبرغم عشرات القراء الكبار الذين ظهروا خلال هذه العقود الطويلة وكان فيهم المبدعون الأفذاذ وأصحاب المدارس، فإن الشيخ محمد رفعت بقي في مساحة منفردة بخصائصه المنفردة صوتًا وأداءً.

وأضاف في تصريحاته لـ "بوابة دار الهلال" أن الشيخ رُزق صوتًا أسطوري الجمال، ما زال قدر كبير من بريق جماله يشع من هذه التسجيلات المعمرة التي وصلتنا عبر أسطوانات شمعية متهالكة سجلها هواته ومحبوه، وعلى رأسهم زكريا باشا مهران والحاج محمد خميس.

إصلاح الأسطوانات أضاع جمال الصوت

وأوضح "الطويل" أن هذه الأسطوانات خضعت لترميم ونقل بالإمكانات المتاحة في أوائل الخمسينيات انتهى إلى إصلاحها على صورة ضيعت كثيرًا من معالم جمال صوت الشيخ وحقيقة خامته الملائكية، وبرغم ذلك نستشعر فيها سحر هذا الصوت، الذي يفعل بنفوسنا الأفاعيل، مضيفًا: الذين كانوا يستمعون إليه قديمًا على الهواء مباشرة، كانوا يستقبلون من صوته وأدائه أضعاف أضعاف ما استقبلنا من الجمال.

معجزة في كل العصور

وأشار إلى أنه من الصعب علينا التنبؤ بالأصول الأدائية لطريقة الشيخ محمد رفعت، إذ أننا لم نحظ بسماع أي قارئ من الجيل الذي سبقه، لكنها طريقة تبدو في عصرها وفي كل العصور معجزة في جمعها وترتيبها، وتابع: رغم أن طريقته لم تبلغ الغاية في التعقيد النغمي، فمن المستحيل أن تفقد خشوعك مع الشيخ مهما طالت تلاوته أو غير المقام أو جنح إلى الإطراب.

طبقات عليا تحلق في عوالم أُخروية

وبين أن محمد رفعت كان أقل جنوحًا إلى الإطراب من قراء آخرين في جيله والأجيال اللاحقة، لكن جُمله النغمية في أرقى درجات التناسب الجمالي والتآلف التركيبي، مع استغلال لكامل المساحة الصوتية بإبداع مسهب في القرار والجواب وصولًا إلى طبقات عليا تُحلق بالمستمع في عوالم أخروية.

طريقة أداء رفعت تناسب قصور الباشوات وعموم الشعب المصري

ونوه "الطويل" أنه لطريقة أداء رفعت صبغة أرستقراطية، بإيقاعها المتئد وجُملها النغمية المزخرفة التي تنفرد بمساراتها الأسلوبية بعيدًا عن أداءات القراء، مع صوته الذي يبدو مركبًا من عدة أصوات مغردة جعلته أشبه بالسيمفونية، معتبرًا أن: هذه الصبغة جعلت أداءه مناسبًا لقصور الباشوات الذين عاصرهم، وقرأ في قصورهم كثيرًا من تلاواته التي سجلت ووصلت إلينا.

وأردف أنه في الوقت ذاته فالشيخ هو قارئ عموم الشعب المصري لقرابة قرن من الزمان، وكأن تلاوته صارت صوت الشارع بمشاته وبائعيه ودكاكينه وحافلاته وأغنيائه وفقرائه وكبرائه وبسطائه.

وأضاف أنه صار علامة شهر رمضان والصوت الأبرز في قرآن المغرب حتى ارتبط الشهر في أذهان الناس بصوته، ثم ارتبط عند الناس ثانيًا بقرآن الصباح، وإلى يومنا هذا يذهب الناس إلى أشغالهم على صوت الشيخ محمد رفعت، يبدأون به صباحهم في موعد مقدس ثم تتوالى بعده أصوات القراء على مدار اليوم.

مزايا الشيخ جعلته نسيجًا وحده و"شعيشع" كان يكمل تسجيلاته

وأشار إلى أن المزايا المتفردة والمركبة لصوت الشيخ محمد رفعت جعلته نسيجًا وحده بلا امتداد في مدارس أخرى، رغم تأثر بعض القراء اللاحقين به وعلى رأسهم الشيخ أبو العينين شعيشع الذي كان يقلده كأنه هو ويُكمل أسقاط تسجيلاته، لكن بقي صوت محمد رفعت وأداؤه المتفرد الممثل الوحيد لإرث من الجمال والفن تراكم فيه عبر القرون.

Egypt Air