احتضنت اليوم الجامعة العربية بالقاهرة الاحتفال بمناسبة الذكرى الخمسين لليوم العالمي للبيئة، وذلك بالتعاون بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قطاع الشؤون الاقتصادية ، إدارة شؤون البيئة والارصاد الجوية ، والاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة ، وجمعية المهندسين المصرية، وكلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، وتحدث فيها الدكتور محمود فتح الله مدير إدارة شؤون والأرصاد الجوية بالجامعة العربية، والدكتور أشرف عبد العزيز - امين عام الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، واللواء طارق نصير وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلي الشيوخ وعضو البرلمان العربي.
وجاءت كلمة الدكتور محمد اليماني – رئيس المجلس العربي للطاقة المستدامة، في الجلسة الإفتتاحية وأشار فيها مشاركته في مؤتمر قمة المناخ COP27، مؤكدا ان آثار هذا المؤتمر لاتزال تتردد في قلب الاحتياجات الإنسانية الملحة، موضحاً أن المؤتمر قد توصل إلى قناعة الدول المشاركة وأنه لا بديل عن العمل المشترك ، بدءاً من مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992، إلى باريس 2015، إلى جلاسكو 2021، إلى شرم الشيخ 2022، حيث تم إقرار إنشاء صندوق (الخسائر والأضرار) لتعويض الدول النامية، وتم توقيع اتفاقيات في الطاقة الخضراء المتجددة، وتم توقيع أكثر من عشرين مذكرة تفاهم لمشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مبيناً بتجاوز إجمالي استثماراتها 80 مليار دولار.
وأوضح اليماني أن الإحتفال باليوم العالمي يهدف إلى توضيح المخاطر المحيطة بالبيئة وتسليط الضوء على أهمية اتخاذ إجراءات جديدة لمجابهة القضايا البيئية وزيادة الوعي لتبني سلوك مسؤول من الحكومات والأفراد.
وقال إذا كانت التنمية المستدامة تعني تنمية اقتصاد وتنمية مجتمع وبشر ومحافظة على البيئة، وإذا كانت الطاقة ركيزة أساسية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، لذا تعتبر تنمية موارد الطاقة الأولية وحسن إدارتها واستخدامها من أهم سياسات واستراتيجيات التنمية المستدامة، فالطاقة تعتبر محرك الإقتصاد، والطاقة المستدامة تعني خدمات الطاقة الحديثة، وتحسين كفاءة الطاقة، وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة (من الرياح ومساقط المياه ومن الشمس ومن حركة الأمواج والمد والجزر أو من حرارة باطن الأرض)، وأنه يمكن معها تلبية طلبنا من الطاقة اليوم دون تعريضها لخطر انتهاء صلاحيتها أو نضوبها مستقبلا، ولا تسبب أي ضرر للبيئة، وخاصة مع توقع نضوب مصادر الوقود الأحفوري مستقبلا.
وأوضح أن الكرة الأرضية لم تسلم من غضب الطبيعة والتي أعربت عن عضبها بالأعاصير والفياضانات والتصحر، وحرائق الغابات، وذلك بعد استشعار خطر ظاهرة الإحتباس الحراري، بفعل التلوث الصناعي، وتزايد نسب الكربون في الغلاف الجوي، وتصاعد عوادم السيارات لتلوث الهواء وتضر بصحة البشر.
وقال الدكتور اليماني، إن دول العالم بدأت تتحدث عن ضرورة التوجه إلى الإقتصاد الأخضر الذي يهدف إلى الحد من المخاطر البيئية وإلى تحقيق التنمية المستدامة دون أن تؤدي إلى حالة من التدهور البيئي، وبه يمكن تحقيق التكامل بين الأبعاد الأربعة للتنمية المستدامة وهي الأبعاد البيئية والإجتماعية والإقتصادية والتقنية أو الإدارية، مع ضرورة تطويع الإقتصاد الأخضر مع الأولويات والظروف الوطنية، حيث يمثل طوق النجاة للدول لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه البيئة، ويساهم بشكل كبير في ترشيد الإستهلاك والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، مع تعظيم الإستفادة بالطاقات المتجددة، مشيراً إلى أن الإقتصاد الأخضر له 6 قطاعات مختلفة منها: المباني الخضراء، والطاقة المتجددة، والنقل المستدام، وإدارة المياه وإدارة الأراضي وإدارة النفايات. وأوضح أن جمهورية مصر العربية هي البلد الأكبر من حيث عدد السكان في شمال أفريقيا والمنطقة العربية، وهناك زيادة سريعة في الطلب على الطاقة، وأن الكهرباء دخلت إلى مصر عام 1893 وتم إنشاء أول وزارة للكهرباء عام 1964، ووصل عدد المشتركين “أصحاب العدادات” في شركات وزارة الكهرباء إلى قرارة 40 مليون مشترك، ووصلت القدرات المركبة حالياً إلى أكثر من 60 ألف ميجاوات.
ومن منطلق عمله السابق كمتحدث رسمي لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أوضح اليماني أنه قد عايش جهود قطاع الكهرباء المصري للتوجه للطاقة المستدامة والتي من شأنها تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والمحافظة على البيئة ومنها: توزيع ملايين لمبات الليد الموفرة بدعم كبير بدءاً من عام 2013 وحتى عام 2016 وذلك خلال شركات التوزيع التسعة بجميع المحافظات، وإنشاء محطات الطاقة المتجددة لتوليد كهرباء من الشمس والرياح، ومع تنفيذ وتشغيل مجمع بنيان الشمسي 1465 ميجاوات والذي يسهم في الحد من انبعاثات الكربون بنحو مليوني طن.
وتنفيذ حوالي 130 محطة طاقة شمسية، في 15 محافظة بإجمالي قدرة مركبة 10 ميجاوات، مما يوفر من طاقة الوقود الأحفوري، وتصل نسبة الخفض في نسبة ثاني أكسيد الكربون إلى 9.5 طن/سنوياً، وحدثت زيادة في محطات الريات، مبيناً أن هيئة الطاقة المتجددة قد أعلنت مؤخراً عن مساهمتها في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 10 مليون طن، وتوفير 4.4 مليون طن بترول مكافئ، مع استهداف الوصول بنسبة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية إلى 42% لجازا هتك 2035، وتم تنفيذ حملات التوعية بترشيد استهلاك الكهرباء، وإنشاء مراكز التحكم واستخدام العدادات الذكية ومسبقة الدفع، والسعي لإنشاء المحطة النووية بمنطقة الضبعة لإنتاج كهرباء نظيفة دون انبعاثات والتعاون للتوسع في استخدام السيارات الكهربائية والتعاقد لتنفيذ مشروع الضح والتخزين المائي لتوليد الكهرباء النظيفة عديمة الإنبعاثات، والتعاقد لتنفيذ مشروع الهيدروجين الأخضر، والتعاون لتعزيز الصناعات المحلية لمكونات محطات الخلايا الشمسية الفتوتوفولطية ومحطات الرياح، والسعي لتصنيع لمبات الليد الموفرة محلياً.
وتشغيل محطات سيمنس عالية الكفاءة بغاز طبيعي وتحويل بعض وحدات التوليد الحرارية من دورة بسيطة (بوقود أحفوري) إلى دورة مركبة (بالبخار)، هذا بجانب مشاريع الربط الكهربائي الدولي مع دول الجوار الذي يحقق العديد من الفوائد أهمها: تخفيض حجم الإستثمارات في قطاع توليد الطاقة الكهربائية (بتقليل إنشاء محطات توليد جديدة مما يقلل الإنبعاثات) ونقل الطاقة النظيفة بين القارات، كلها جهود ساهمت في تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وعززت التوجه للطاقة المستدامة.
وقال أنه سبق متابعة طرح وزارة المالية للسندات الخضراء في سبتمبر 2020 بقيمة تبلغ 750 مليون دولار، وبأجل 5 سنوات، وتهدف السندات الخضراء إلى تمويل المشروعات الصديقة للبيئة وتشجيع الإستثمارات النظيفة بالتوسع في تنفيذ المشروعات الصديقة للبيئة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمياه والنقل، كما تم إصدار شهادات النجمة الخضراء للفنادق التي تطبق سياسات التوافق مع البيئة، كلها جهود جديرة بالإحترام نتطلع معها إلى آفاق رحبة وفق رؤية مصر 2030. وأشار الدكتور اليماني إلى أن الحكومة المصرية قد وضعت الإستراتيجية الوطنية للطاتقة المستدامة التي ينبثق منها خطط طموحة طويلة الأجل تستهدف تنويع مزيج الطاقة من المصادر المتجددة حتى عام 2035، موضحاً أن مصر انضمت إلى أسواق الإقتصاد الأخضر من خلال اتخاذها العديد من الإجراءات مفادها الحفاظ على البيئة وتحقيق الإستدامة والتحول للطاقة النظيفة والإقتصاد الأخضر.
كما تبلورت هذه المساعي في إطلاق عدد من الإستراتيجيات الوطنية ذات الأهداف الإقليمية والدولية المشتركة، ومنها: استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، والإستراتيجية الطونية للتوسع في تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة المتجددة، والإستراتيجية الوطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقات المتجددة، واستراتيجية التحول نحو الإقتصاد الأخضر بين الحكومة المصرية والبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، والإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 بالإعتماد على الطاقات المتجددة.
وأشار أن مصر تتوجه بقوة نحو الإقتصاد الأخضر بهدف تحقيق تنمية مستدامة سواء في المباني الخضراء، أو الطاقة المتجددة من الشمس والرياح، أو النقل المستداتم، وإدارة المياه وإدارة الأراضي وإدارة النفايات، وأنه يتحتم على الأسواق تطوير أنماط الشراكة مع القطاع الخاص، وتزويد مناخ الإستثمار دائماً بأدوات جاذبة، مع تشجيع وحث المستثمرين الرياديين القادرين على تقديم نماذج عمل مبتكرة تتسم بانخفاض مستوى مخاطرها ومنطقية مكاسبها.
وأكد اليماني في نهاية كلمته على أهمية استمرار التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص يداً بيد، ليتحول المستثمرين من المنافسة المطلقة إلى الشراكة، مما يعزز من سعي مصر لتصبح أحد محاور الطاقة الإقليمية ، شارك في الاحتفال العديد من الخبراء والمتحدثين منهم المهندس اسامة كمال وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق، والأستاذ الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق والدكتور مهندس فاروق الحكيم الامين العام لجمعية المهندسين المصرية، والمستشار نادر جعفر رئيس الاتحاد، و المهندس بندر احمد علاف عضو لجنة الطاقة باتحاد المهندسين العرب ونائب رئيس لجنة الطاقة المتجددة بغرفة الرياض ، والمهندس سالم محسن العجمي عضو الهيئة التدريبية في كلية الدراسات التكنولوجية ومستشار سابق لمعالي وزير الكهرباء والماء والطاقة بالكويت ، وكوكبة من العلماء من العراق وفلسطين ومصر، والسعودية، والكويت، والجزائر.
وفي ختام الحفل تم تكريم بعض الخبراء والمتحدثين والتقاط صور تذكارية جماعية.