تألمت قليلًا فتعلمت كثيرًا ، بادرت بالاستغناء والاعتزال عن كل ما ومن يؤذيك ، ركلت بقدميك هؤلاء الصغار المحيطين بك عبثًا ، أحببت هذا وآمنت به ، داومت على إتيانه بين الحين والآخر كأنك قد أدمنته ، لصوص البهجة يلتصقون بالجدران ، يعبرون الأسوار يقفزون من النوافذ ويحتلون الأفكار ، يدخلون إليك مسرعين فيأخذونك بعيدًا حتى عن ذاتك ، يخططون للإطاحة بآمالك وأحلامك ، يدبرون لكسرك في صمت فهم يجيدون التسلل ولا يطرقون الأبواب ، إنني أعرفهم جيدًا فأنا التقيت بهم حين مروا في طريقي من قبلك .
رأيتهم يخططون لي كما يخططون لك ، قررت الابتعاد عنهم كما قررت أنت ، تعلمت ما تعلمته الآن فالدرس لم يكن درسي ودرسك وحدك ، فطرقات أيديهم على تفاصيل حياتك والتطلع لما في يديك حسدًا واجهته أنا من قبلك ، كادت خطواتهم أن تسحق ماتبقى فيك من أمل أعلم هذا فطعنات غدرهم تؤلمني إلى الآن كما آلمتك ، الدرس مازال متكررًا والحكمة منه واحدة في كل عصر ، دع ما يؤلمك يغادر حياتك ولا تبحث عمن يحدق بك وبما منحه الله لك دع حسراتهم ترتد إليهم لتصيبهم أنفسهم أسرع قبل أن تتحول للعنات وطعنات غدر فتصيب قلبك .
ابحث جيدًا وستجد البديل دقق وستجد الأفضل فما دامت هناك حياة ثق بأن نصيبك من أحسن الأقدار مازال في الغيب ينتظرك ، قم بمحو صورهم القاتمة التي طبعتها على وجه قلبك ، أنزلهم عن حائط إحسانك وكرمك ، اطمس أسماءهم التي مازالت عالقة بذهنك ، قم بتوظيف انفعالك جيدًا ولا تبكي على من أسال في يوم من الأيام دمك ، افتح بوابة قلبك على مصراعيها ودعهم يمرون منها ، دعهم يفرون قبل أن تطالهم إحدى نوبات غضبك ، كن كريمًا كما كنت ، كن عظيمًا فهذا أنت ، كن رقيقًا حتى في لحظات ألمك ، لا تنظر خلفك ولا تطع استغاثات متتالية تحاول أن تعبر أليك مستغلة رصيد رهافة حسك وطيب أصلك ، إنهم لا يستحقون سوى هذا المصير فأنت بشر والملائكة لا تسكن أرضك .
لا تحمل فوق ظهرك ما يفوق طاقتك لا تفعل هذا ثم تبكي على مر قد مر بك ، لا تسكب دمعاتك الغاليات على من نجح في إيلامك واعتاد ظلمك ، اهجرهم الآن من قبل أن تطول معاناتك أكثر ، اهجرهم ففي الهجر بعض من رحمات ربك ، انشر دعوتك بيقين لا يهتز إن رأيت يومًا أن الظلم قد انتشر وبدأ يهدد غيرك ، فبتر عضو من الأعضاء جائز إن كان سيهدد بوجوده حياتك ، سلامك وأمنك .
لا توبخ نفسك واعلم بأنك على الطريق الصحيح تسير لكي تبني فيه أولى قواعد مجدك ، لا تذرف الدمع على من خططوا لاغتيالك ، لا تبك على من استحلوا سفك دمك ، لا تدع حديثهم الكاذب يخدعك مرة أخرى فكم خدعوا الكثيرين من قبلك ، خدعوا أناس يشبهونك في كل شيء يشبهونك في شفافيتك وطهرك ، أخرجهم من حياتك وكن على ثقة بأن نجاتك ستأتيك يومًا فوق جناحين ليحميانك ؛ أحدهما نابع من إيمانك بربك ، والآخر نابع من حسن ظنك .