الجمعة 3 مايو 2024

ما يزال صالح للنشر.. عن قصة مقال لـ «أحلام مستغانمي»

مقالات15-6-2023 | 13:49

طالعت مقال للكاتبة والروائية أحلام مستغانمي، يحمل عنوان، «دافعوا عن وطن هيفاء وهبي» بينما تشيرا الكاتبة إلى أنه تم تغير عنوان المقال الأصلي وهو «بلاد المطربين أوطاني» موضحه لمتابعي حسابها الرسمي عبر منصة تويتر، أن المقال يعود إلي العام 1997، ويعاد نشره بين الحين والآخر بعد أن يتم إضافة بعض الأشعار والأدعية لنص المقال الأصلي المنشور في مجلة زهرة الخليج، بينما أكدت أنها ماتزال عند رأيها لم تغيره بعد. 

ما جسده مقال «أحلام مستغانمي» في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ما يزال صالح للنشر كونه يعبر عن واقعنا العربي، وهنا أطالع معك عزيزي القارئ تلك الفقرة الكاشفة للمفارقة بين حالتين تستقبلهم بيروت من الجزائر، و وفق نص المقال تقول «أحلام»: «وصلتُ إلى بيروت في بداية التسعينات، في توقيت وصول الشاب خالد إلى النجوميّة العالميّة.

أُغنية واحدة قذفت به إلى المجد كانت أغنية «دي دي واه» شاغلة الناس ليلاً ونهاراً، على موسيقاها تُقام الأعراس، وتُقدَّم عروض الأزياء، وعلى إيقاعها ترقص بيروت ليلاً، وتذهب إلى مشاغلها صباحاً.


كنت قادمة لتوِّي من باريس، وفي حوزتي كتابى «الجسد»، أربعمائة صفحة، قضيت أربع سنوات من عمري في كتابته جملة جملة، محاوِلة ما استطعت تضمينه نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، إنقاذاً لماضينا، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا، لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً: «آه.. أنتِ من بلاد الشاب خالد». 

ذلك المقطع السابق من مقال «مستغانمي» يلخص المشهد الثقافي العربي حتى تلك اللحظة الآنية، حيث يتوارى المبدعين، العلماء، والباحثين خلف إيقاع سريع لأغنية.. بل ربما يكون خلف ذلك الشكل الذي لا أجد له وصفا ويطلقون عليه «المهرجانات» بل تحتفي بهم المنصات الإخبارية والصحف الكبري، ان سرديتك التي وقعت خلال نهاية التسعينيات تتكرر يوميا في عدة عواصم عربية تفضل صوت «بيكا وشاكوش» علي الاحتفاء بالمبدعين الحقيقيين والباحثين والمثقفين، لذلك نحن نقبع هنا في ذلك الشرق التعيس، نحن لا نعرف المتفوقين من أبنائنا إلا عبر وسائل الاعلام الغربية التي تهتم بإبداعهم و منجزاتهم، عقب ذلك يتم تكريمهم من بلدانهم. 

لست متشائم بالرغم من كل ما تمر به بلدنا العربية، ما يزال هناك ضوء في نهاية النفق، أن وجود أعمال ابداعية من قبيل «الجسد» و«الأسود يليق بك» ويتداولها القراء وجمل نحتتها مبدعة بحجم «أحلام مستغانمي» يعني أن لدينا فرصة للإفاقة من حالة غثيان مؤقت وان طالت. 
تواصل الروائية المبدعة مقالها و يستوقفني فيه تلك الفقرة «ولقد تعرّفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحريد في رحلة بين الجزائر وفرنسا، وكانت تسافر على الدرجة الاقتصادية، مُحمَّلة بما تحمله أُمٌّ من مؤونة غذائية لابنها الوحيد، وشعرت بالخجل، لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأُولى، بينما يفاخر فرخ وُلد لتوّه على بلاتوهات «ستار أكاديمي»، بأنه لا يتنقّل إلاّ بطائرة حكوميّة خاصة، وُضِعَت تحت تصرّفه، لأنه رفع اسم بلده عالياً ! ». 
المناضلة العظيمة جميلة بوحريد، رمز لنا جميعا جزء من تاريخ تلك الأمة، يمنح الأمل في مستقبل أفضل لبلدانه العربية، بالرغم من وجود نخاسين يمكنهم بيع التاريخ، ولحظات الشرف والاتجار بدماء الأمة بـ«زيادة» لمن يدفع معلنين عن كونهم علي استعداد لتزيف الوعي والتاريخ، موت نساء وأطفال بني جلدتهم لا يعد جريمة، بينما الرد جريمة، أي عار ذلك الذي يرتديه النخاسين والأفقين بـ«زيادة»، أتمني أن يقرا كل طفل عربي التاريخ من حكايا جميلة بوحريد، تركا خلفه بضاعة نخاسين الأمم.  
                                    

Dr.Randa
Dr.Radwa