الخميس 9 مايو 2024

ذكرى ميلاد جان بول سارتر.. فيلسوف الوجودية

جان بول سارتر

ثقافة21-6-2023 | 12:51

عبدالرحمن عبيد

يعد الفيلسوف والأديب والمفكر الراحل جان بول سارتر والذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، واحدًا من أهم الفلاسفة والمفكرين الذين شهدهم القرن العشرين، بإثرائه للحياة للفكرية والأدبية، ومازال تأثيره حاضرًا إلى يومنا هذا.

 

ولد سارتر في 21 من يونيو عام 1905 في باريس، وتوفي والده وهو في سنٍ مبكرة، عمل مدرسـًا للفلسفة في مدرستي "لوهافر" و"وان" في العام 1931، درَّس الفلسفة في ألمانيا واطلع عليها واستمر في ذلك إلى عام 1937، وعاد بعدها لتدريس الفلسفة في باريس إلى أن جاء عام 1939 وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، هجمت ألمانيا النازية على فرنسا، فانضم سارتر إلى الجيش، وفي تلك الفترة أسس مجلته الأدبية المشهورة المُسمَّى: "الأزمنة الحديثة"، وجعلها منبرًا له ولأفكاره التقدمية.

 

أعلن جان بول سارتر دعمه لحركات التحرر ضدَّ الاستعمار؛ فقد رفض رفضـًا تامـًا الاحتلال الفرنسي للجزائر، ورفض عام 1964 الحصول على جائزة نوبل للآداب؛ لأنه اشتم فيها استغلالًا لموقفه ضدَّ الشيوعية.

 

ترى الفلسفة "الوجودية" والتي يتبناها سارتر ويعدُ أحد مؤسسيها وروادها: أن الواقع المادي الذي نعيش فيه لا يتسامى عليه شيءٌ إلا الإنسان، وقد رفض سارتر التفسير الغيبي للأخلاق، حيث كان يرى أن الإنسان هو من يخلق واقعه ويؤسسُ له، فكل إنسان هو إله ذاته.

 

 والوجودي لا يُصدق أو على الأقل لا يأخذ بما هو خارج عالم الحواس، وهذا لا يعني رفض الوجودية للدين، فهناك على سبيل المثال: الفيلسوف الروسي "نقولا برديائف" مؤسس الفلسفة الوجودية المسيحية، وقد عبر سارتر عن فلسفته الوجودية أو نظرته للوجودية، في روايته "الغثيان" والتي عدها النقاد عملًا استثنائيـًا على الساحة الأدبية الفرنسية آنذاك، فالطاغي وقتها كانت كتابات أندريه جيد الحاصل على نوبل للآداب عام 1947، والذي اعترض بشدة على ما اسماه سارتر "أدب الالتزام" وتبعه  دكتور طه حسين في ذلك كما صرح في كتابه "فصول في الأدب والنقد"، ومن أهم كتبه التي نظَّر فيها لفلسفته: "الوجود والعدم، الوجودية منزع إنساني".

 

كما لسارتر نظريته الفلسفية، له كذلك نظريته الأدبية، والتي وضع لها كتابه المشهور، "ما الأدب" والذي ترجمه د. محمد غنيمي هلال عميد دار العلوم الأسبق، وأعادت مكتبة الأسرة إصداره عام 2005 ضمن سلسلة "المئويات" وقد طرح فيه سارتر إلى أربعة أسئلة حيَّرت ومازالت تُحير فكر الأدباء والمفكرين كافة، وهي: ما الكتابة، ولمن نكتب ولماذا نكتب، وما موقف الكاتب في العصر الحديث؟.

 

يرى سارتر في مذهبه الالتزامي أن المعيار الذي يجب أن يقاس عليه العمل الأدبي هو مدى التزام الكاتب بقضايا مجتمعه وسعيه لتوضيحها وإيجاد الحلول لها، وقد وصف الدكتور طه حسين في مقابلة تلفزيونية له: الأديب الذي ينهج نهج الملتزمين، بأنه عبدٌ للمجتمع والواقع، مُقرًّا للمبدأ القائل: "الفن للفن" والذي أعلنه زعيم الرومانسيين العرب الشاعر والطبيب أحمد زكي أبو شادي.

 

وجدتْ آراء وفلسفات سارتر في العالم العربي أرضـًا خصبةً، ومؤيدين كُثرًا، أبرزهم: الفيلسوف عبدالرحمن بدوي والذي دشن رسالته لنيل درجة الماجستير عن "مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية" وقد عدلها فيما بعد إلى "مشكلة الموت في الفلسفة المعاصرة"، الفيلسوف زكي نجيب محمود والذي كانت له بدايات مع الوجودية ولكنه تراجع عنها فيما بعد حسبما ذكر في كتابه "قصة عقل"، الأديب العراقي سُهيل إدريس صاحب رواية "الحي اللاتيني" والتي تأثر فيها بآراء سارتر الفلسفية والأدبية وعمل هو زوجته عايدة الطبرجي على ترجمة أعماله إلى العربية.

 

تعرف سارتر على الكاتبة والفيلسوفة "سيمون دي بوفوار" عام 1929، وطلب منها الزواج ولكن بطريقةٍ يتحديان بها المؤسسة التقليدية الرجعية للزواج _ حسب اعتقادهم_، واشترط سارتر الآتي: "حب الضرورة، ولا مشكلة في أن نعيش على هامش هذا الحب قصصاً من "الحب العرضي"، أي أن يعيشا كلاهما مع بعضهم البعض دون زواج ودون إنجاب، وألا يجمعهما بيت واحد إلا لفترات قصيرة أو للضرورة القصوى.

 

استمرت علاقة سارتر ببوفوار 51 عامـًا، حتى وفاته في باريس يوم ١٥ إبريل عام 1981، وقد أصابه العمى في أيام حياته الأخيرة.

 

ومن مؤلفات سارتر:

•       كتاب "الوجود والعدم"

•       كتاب "الكلمات": سيرة سارتر الذاتية

•       كتاب " الوجود منزع إنساني"

•       كتاب "ما الأدب"

•       كتاب "التخيل"

•       كتاب "نظرية الانفعال"

•       كتاب "قضايا الماركسية"

•       كتاب "الاستعمار الجديد"

•       رواية "الغثيان"

•       رواية "الجدار"

•       رواية "سن الرشد"

•       رواية "وقف التنفيذ"

•      رواية "الحزن العميق".

Egypt Air