لعبت مبادرة (البحر الأسود) أو ما يعرف بمبادرة (حبوب البحر الأسود) دورًا مهمًا في الأمن الغذائي العالمي، حيث وقعتها روسيا وتركيا وأوكرانيا- بوساطة الأمم المتحدة- لتصدير ملايين الأطنان من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى عن طريق موانئ أوكرانيا.
وتطالب الأمم المتحدة بضرورة أن يتم تنفيذ مبادرة البحر الأسود وتمديدها رغم مرور عام على توقيعها، طالما كانت هناك حاجة إلى ذلك حتى يمكن نقل الطعام خارج أوكرانيا باستخدام طريق البحر الأسود بأمان وفعالية من حيث التكلفة.
وتدار مبادرة "البحر الأسود"، بواسطة مركز التنسيق المشترك ومقره في مدينة إسطنبول التركية، ويعمل به موظفون من روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وذكر تقرير للأمم المتحدة أنه منذ توقيع الاتفاقية في يوليو 2022، وبعد مرور عام تقريبا، تم تصدير أكثر من 32 مليون طن من السلع الغذائية من ثلاثة موانئ أوكرانية على البحر الأسود إلى 45 دولة عبر ثلاث قارات، ومكّن الاستئناف الجزئي للصادرات البحرية الأوكرانية من تحرير السلع الغذائية الحيوية، وساعد على عكس الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية العالمية، التي وصلت إلى مستويات قياسية قبل وقت قصير من توقيع الاتفاقية.
وسجل مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) انخفاضا شهريا ثابتا خلال العام الماضي، حيث انخفض إلى أكثر من 23 في المائة من ذروته في مارس 2022.
كما مكّنت المبادرة برنامج الأغذية العالمي من نقل أكثر من 725 ألف طن من القمح؛ لمساعدة المحتاجين في أفغانستان وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن، وقدمت أوكرانيا أكثر من نصف حبوب القمح لبرنامج الأغذية العالمي في عام 2022، كما كان الحال في عام 2021.
وأكدت الأمم المتحدة أن المبادرة ساعدت في إعادة ربط المواد الغذائية من أوكرانيا بسلاسل التوريد العالمية، مما ساهم في انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية، واستقر مؤشر (الفاو) لأسعار الغذاء عند 140.6 في يوليو 2022، عندما تم الإعلان عن المبادرة وانخفض ليصل إلى 122.3 نقطة في يونيو 2023.
وتطالب الأمم المتحدة بضرورة استمرار مبادرة البحر الأسود، مشيرة إلى أنه قبل الصراع، كانت أوكرانيا واحدة من كبرى الدول المصدرة للحبوب وزيت عباد الشمس، ويجب أن تستمر منتجاتها في التدفق دون عوائق لإمداد الأسواق والمساعدة في احتواء الأسعار، كما سمحت المبادرة باستئناف الإمدادات الغذائية الحيوية إلى السوق بشكل جزئي، وقد منحت المزارعين الأوكرانيين بعض القدرة على التنبؤ بالإنتاج والحصاد وأعادت إحياء ممرات الشحن الرئيسية.
وأكدت الأمم المتحدة أن مبادرة البحر الأسود تهدف إلى تسهيل الصادرات من ثلاثة موانئ بحرية أوكرانية، حيث تُباع المحاصيل من أوكرانيا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البلدان التي يعاني فيها بعض السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويمكن للصادرات المتجهة إلى أي بلد- سواء كان غنيا أم فقيرا- أن تساعد في تهدئة الأسواق العالمية والتخفيف من تضخم أسعار المواد الغذائية.
كما أن الإمدادات التي ينقلها برنامج الأغذية العالمي- بموجب المبادرة- تدعم بشكل مباشر الأشخاص المحتاجين في الأزمات الإنسانية، فحتى يوليو 2023، اشترى برنامج الأغذية العالمي 80 في المائة من مخزونه العالمي من حبوب القمح من أوكرانيا، بموجب المبادرة، أي بزيادة قدرها 50 في المائة عن عامي 2021 و2022.
وفي إشارة إلى موعد تجديد المبادرة.. ذكرت الأمم المتحدة أن المدة الأولية لمبادرة البحر الأسود كانت 120 يوما- حتى 22 يوليو 2022، وقد تم تجديدها من قبل جميع الأطراف في 18 نوفمبر لمدة 120 يوما أخرى، وفي 17 مارس، وافقت جميع الأطراف على تجديد المبادرة، لكن روسيا وافقت على التمديد لمدة 60 يوما فقط في انتظار المراجعة، وفي 18 مايو، أكدت روسيا مشاركتها في الصفقة لمدة 60 يوما أخرى، ونتيجة لذلك، من المقرر الآن أن يتم تجديد الاتفاقية في 17 يوليو الجاري- أي بعد أسبوع من الآن.
يُشار إلى أن الصادرات الغذائية التي يتم تصديرها من خلال المبادرة انخفضت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة؛ بسبب تباطؤ وتيرة عمليات التفتيش واستبعاد ميناء يوجني "بيفديني" من المبادرة، حيث انخفض المتوسط اليومي إلى أقل من خمس عمليات في أبريل ومايو ويونيو من عام 2023، بعد أن بلغ أعلى مستوى (11 عملية تفتيش في اليوم) في أكتوبر 2022.
وبلغت الصادرات الشهرية ذروتها عند 4.2 مليون طن متري في أكتوبر 2022، لكنها انخفضت إلى 1.3 مليون طن متري فقط في مايو 2023.
ولا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بشدة بدعم التنفيذ الفعال للمبادرة واستمرارها، ومع ذلك يعتمد التنفيذ على إجماع الأطراف، لذلك يتعين على جميع هذه الأطراف الاتفاق على وتيرة العملية، وتتمثل مسؤولية مركز التنسيق المشترك في تسهيل المرور الآمن للسفن التجارية التي تحمل الحبوب والمواد الغذائية والأسمدة، بما في ذلك الأمونيا، من وإلى ثلاثة موانئ أوكرانية هي "أوديسا، ويوجني (بيفديني)، وتشيرنومورسك".