الخميس 21 نوفمبر 2024

ثقافة

في ذكرى رحيل هانريش بول.. ضمير الأمة الألمانية

  • 16-7-2023 | 19:56

هانريش بول

طباعة
  • عبدالرحمن عبيد

تحل علينا اليوم ذكرى رحيل أديب نوبل الألماني هانريش بول، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم منذ 38 عامًا.

يعد هانريش بول واحدًا من كبار أدباء ألمانيا الذين كتبوا أدب ما بعد الحرب، ويُقصد بذلك الحرب العالمية الثانية- وقد امتاز أدب "بول" بعدة مميزات أبرزها تناوله دائمـًا لقضايا الإنسان المعاصر في ألمانيا وخارج ألمانيا، حيث كان أشد المعارضين للحرب ومن يدعو إليها، وكان ممن ناهضوا سياسات حلف الناتو في الاتجار بالسلاح، ويذكر له موقفه الإنساني الداعم لمصر في حربها إبان العدوان الثلاثي سنة 1956؛ حيث قام بتوقيع وثيقة، هو وعدد من الأدباء، يشجبون فيها العدوان ويرفضونه.

ولد هانريش بول بكولونيا بألمانيا الغربية في 21 من ديسمبر عام 1917، عمل والده فكتور بول يعمل نجرًا ميسور الحال، وأمه ماريا كانت الزوجة الثانية لأبيه، كان بول هو الابن السادس لأبيه، وقد ترعرع في كنف عائلة كاثوليكية المذهب أصلها من أنجلترا.

حصل "بول" على الثانوية سنة 1937، وحصل بعدها على منحة لدراسة عِلم المكتبات في الجامعة، إلا أنه لم يستطع إتمامها بسبب استدعائه للخدمة العسكرية عام 1939؛ حيث بدأت نيران الحرب العالمية الثانية تشتعل.

كانت لتلك التجربة المريرة التي خاضها هانريش بول، عظيم الأثر في تكوين شخصية الأدبية ونزعته الإنسانية، فيعد "بول" واحدًا من جنود الحرب العالمية الثانية، وشاهدًا على جرائمها وويلاتها ومجاعاتها، والكوارث التي كادت تمحو الأخضر واليابس من على وجه أوربا كلها، فاستطاع أن يصيغ أدبـًا يحمل بصمته الأسلوبية في معالجة قضايا المجتمع الأخلاقية بشكل رئيسي، ويؤسس لمنظومة قيمية إنسانية جديدة يحارب بها البرجماتية التي سادت أوروبا وأمريكا طيلة القرن العشرين، ولا زالت مستمرة إلى الآن.

وأثناء مشاركته في الحرب كان يكتب الرسائل لأسرته ولحبيبته "آنا مريا سيش" التي أصبحت فيما بعد زوجته، وقد أصيب "بول" بعدة إصابات وجروح حتى أسرته القوات الأمريكية لفترة قصيرة، وأطلق سراحه عام 1945.

حصل هانريش بول على جائزة نوبل للآداب عام 1971، وعرف بانضمامه إلى مجموعة 47، وهي أهم جماعة أدبية في تاريخ الثقافة الألمانية، ضمت أسماء عددًا من الأدباء، كان أبرزهم بجانب "بول"، الأديب الألماني جونتر غراس والذي حاز أيضـًا على لنوبل في الآداب سنة 1999، وقد أسسها الصحفي الألماني هانس فيرنر ريشتر، عام 1947، ومن هنا اكتسبت اسمها، حتى تم حلها عام 1967.

ومن أشهر وأبرز أعمال هانريش بول الأدبية، رواية "شرف كاتارينا بلوم الضائع" التي صدرت عام 1974، وقد تسببت لـ"بول" بموجة عرمة من التشويه والنقد اللاذع بسبب الإسقاطات التي وجهها بول لبعض الجرائد والصحف الانتهازية، حتى وصمت الصحف والمجلات بأنه ينتمي أو يدعم أحد الجماعات الإرهابية ذات التوجه السياسي، ومن الترجمات العربية للرواية، ترجمة (دار الهلال) والتي قدمها الدكتور شحاتة ياسين، ضمن سلسلة (روايات الهلال)، التي صدرت عام 2001.

 وجاء عن الرواية ضمن طبعتها العربية التي أشرفت على إصدارها (الهلال):

"كاترينا بلوم –الشخصية الرئيسية في هذه الرواية- سيدة شابة جميلة ومُتفتحة وذات روح مرحة وبسيطة، وتتصف بقدر كبير من الذكاء المنهجي والتخطيط الموضوعي المُنظم، ولكنها تكره صفاقات الرجال وبذاءاتهم، لذلك أطلق عليها معارفُها لقب الراهبة، فكانت هذه من أهم مشاكلها الحقيقية.

و بول في هذه الرواية يبين بأسلوب ساخر وفكاهة هادئة وعمق بعيد الأثر، مدى هشاشة العَلاقات الإنسانية التي تعصف بها أقل التوترات، ومدى زعزعة الخصال الإنسانية بين البشر، وعدم ثباتها عند مبدأ أو أخلاق.

صدرت رواية "شرف كاتارينا بلوم الضائع" الأول مرة عام 1974، فتلقفتها الصحافة الألمانية الرخيصة بموجة عارمة من الغضب، مما أدى إلى طبعها أكثر من أربعين نسخة حتى الآن، وبيع منها في ألمانيا وحدها أكثر من خمسة ملايين نسخة، وترجمت إلى العديد من لغات العالم، ومُثلت في السينما الألمانية.

إنني لا أعرف فتاة أو سيدة أو أي إنسان بوجه عام يُريد المُحافظة على شرفهِ وكرامته لم يقرأْ هذه الرواية ولم يتفاعلْ معها".

ومن أبرز أعماله الأدبية: "نهاية مأمورية، صورة جماعية مع السيدة، الملاك الصامت، ولم يقلْ كلمة"

توفي هانريش بول في 16 من يوليو عام 1985، بعد أن خاض عملية جراحية في قدمه، توفي على إثرها بعدة أيام، وتحمل الآن الكثير من المؤسسات الألمانية اسم "بول"، وقام أصدقاؤه بتأسيس مؤسسة خيرية تحمل اسم "مؤسسة هانريش بول" تتبع حزب الخضر الألماني، الذي يُعد "بول" الأب الروحي له.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة